إستهزاء بن سلمان بكبار امراء آل سعود يكشف استمرار الصراع على السلطة
* حسن العمري
كشفت مصادرة مقربة من الأسرة السعودية الحاكمة أن سلمان بن عبد العزيز يطوي المراحل النهائية لتنصيب ولده المدلل محمد ملكاً للسعودية بعد أن أخذ الضوء الأخضر من الراعي ترامب، وأرضى ولي عهده السابق محمد بن نايف بالتنازل عن العرش مقابل «صفقة مالية عملاقة» قيمتها 100 مليار دولار نقداً ومثلها أصول في داخل وخارج البلد.
مراقبون للشأن السعودي شككوا في الأمر خاصة وأن بن نايف أكثر مقبولية بين أمراء آل سعود من الشاب الطائش أبن العجمية، والعديد منهم كان قد بايع الأول منذ قبل توليه منصب ولي العهد على حساب دحر عمه "مقرن" في ظلام ليل دامس تحت وطأة السيف بقصره في جدة بعد عشاء عائلي مساء يوم الأربعاء وبحضور ضيف الشرف آنذاك رئيس وزراء نيوزيلندا "جون كي"، الذي ما أن غادر المكان حتى أختلى سلمان بمقرن وأمره بالإستقالة من منصبه وإلا....
تعتبر ولاية عهد مقرن بن عبد العزيز هي الأقصر في تاريخ أسرة آل سعود حيث بلغت 79 يوماً فقط بعد أن تولى المنصب في 23 يناير/ كانون الثاني 2016، ليكتمل مثلث السلطة بيد السديريين لوحدهم دون أي شقيق آخر لهم ، بعد أن تسلم سلمان الحكم بعد غياب عشر سنوات، ليعود أبناء حصة السديري، إحدى زوجات عبد العزيز يتولون زمام أمور المملكة مرة اخرى كما كانت على عهد فهد بن عبد العزيز (13 يونيو/ حزيران 1982 - 1 أغسطس / أب 2005)؛ وينهي سلمان بذلك الصراع على دفة الحكم بين السديريين وغيرهم من أبناء عبد العزيز الى ما لا رجعة، لينتقل الى داخل العائلة السديرية هذه المرة.
الانقلاب هذا كان مهد له ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد - بالتعاون مع الاستخبارات الاميركية والاسرائيلية - حسب تسريبات المغرد الاماراتي حمد المزروعي المقرب من محمد بن زايد- موجهاً صفعة أخرى لعائلة نايف بعد تشبيهه لنايف بالقرد في الوثيقة التي كشفها موقع “ويكيليكس” بتاريخ العاشر من يناير 2003 قبل الإطاحة بحكم صدام في العراق ورد فيها حوار ساخن بين ولي عهد أبو ظبي الحالي محمد بن زايد عندما كان وزيرا للدفاع في حياة والده الشيخ زايد بن سلطان، وبين مدير مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي في حينه "ريتشارد هاس" وذلك خلال مأدبة غداء استمرت ساعتين في الثامن من الشهر ذاته؛ والتي وجه خلاله انتقادات حادة لعدد من الأمراء في الأسرة الحاكمة بالسعودية خاصة لنايف بن عبد العزيز وزير الداخلية السعودي في حينها وقال نصا "إن أخلاقياته أثبتت أن نظرية داروين صحيحة" وذلك في إشارة الى نظريته التي يزعم فيها أن الإنسان كان قردا في الأصل ثم تطور!!، مضيفاً بأن "90% من الشعب السعودي ينتظر الأمريكيين بعد انتهائهم من العراق ليغيروا لهم آل سعود".
قبل أيام جمع محمد بن سلمان "أصحاب السمو والأمراء وأصحاب المعالي" في جلسة عائلية ليوشي لهم بانه «إن قلبي لم يكن راضيا من إعفاء إبن عمي الأمير محمد بن نايف عن ولاية العهد ففكرت بالأمر كثيرا وفي الليل صليت واستغفرت الله وسبحته وطلبت منه سبحانه أن يرشدني في الأمر وعند المنام رأيت في الرؤيا جدي عبد العزيز الملك المؤسس فأعطاني بذورا وأوصاني بزرعها في التراب ليتناول منها الشعب السعودي وأنا فعلت كما أمرني جدي»- حسب ما نقله موقع "ايجيبت لايف نيوز" عن مدير جامعة الإمام السعودية سليمان أبا الخيل يوم الثلاثاء الماضي 29 أغسطس 2017.. مضيفاً إن ولي العهد السعودي أشار الى أن «المملكة بحاجة ماسة الى رؤية جديدة للدين والتقدم وسنحتاج لتعاون العلماء في تطبيق الأحكام المعتدلة وفق المشاريع الحديثة كمشروع البحر الأحمر السياحي الذي يحتاج الى انفتاح فكري لجذب السياح».
أن يسخر شخص وصفته وسائل الاعلام والاستخبارات الغربية بأنه "عدواني وطموح" وأنه "أخطر رجل في العالم أغرق بلاده في حرب وحشية في اليمن لا تبدو لها نهاية في الأفق" الى جانب تورطه في دعم الارهاب في العراق وسوريا وليبيا ومصر ولبنان كطالبان والقاعدة وداعش وغيرها بمئات مليارات الدولارات، ليس بأمر جديد خاصة وأنه على على عجلة من أمره كي يصبح القائد الأقوى في الشرق الأوسط - حسب مقال للكاتب "بيل لو" نشرته صحيفة "الإندبندنت" البريطانية قبل أشهر، لكن اللافت في هذا صمت الأمراء من الأسرة الحاكمة اولئك الذين يدعون العقلانية والحنكة على هكذا إهانة كبيرة، ليدلل على حنق الصراع القائم بين أمراء الأسرة السديرية فيما بينهم من جهة وسائر أمراء آل سعود من الأسر الاخرى على السلطة وأن الأمور لم تحسم بعد لصالح محمد بن سلمان بالكامل وأن حديثه هذا ينم عن مخاوفه الكبيرة من حجم المعارضة الأسرية لملكه .
الانقلابات المتتالية التي قام بها سلمان ونجله منذ بداية 2015 داخل السلطة الحاكمة التي لم تشهد لها مثيلاً الأسرة الحاكمة منذ توليها الحكم في المملكة، لن تشفع له بتولي العرش دون إراقة للدماء أو تعرضه لمعارضات شديدة من قبل أعمامه أو أبناء عمومته اولئك الذين لايرون فيه شخصاً محقاً ولا لائقاً في مسك سكان البلاد، وأنه سيكون السبب الرئيس في إنزلاق دفة الحكم من آل سعود الى مالارجعة، وفق تقرير لدورية "إنتليجنس أون لاين" الاستخباراتية الفرنسية.
تقارير الاستخبارات الغربية تكشف عن صراع مرير لا يزال قائماً على السلطة داخل الأسرة الحاكمة وأن العديد من أمراء آل سعود وفي مقدمتهم متعب بن عبد الله ومقرن بن عبد العزيز يرغبون في التخلص من ولي العهد الشاب الأرعن الذي فرض سيطرته المطلقة على الاقتصاد والجيش السعودي والأمن بدعم من والده سلمان، كاشفة عن تعرضه الى محاولة أغتيال بطلق ناري اصاب كتفه الأيسر على يد أحد أبناء عمه مقرن، يدلل على حجم بؤرة الخلاف بين الأجنحة المتصارعة داخل أسره الحكم الآخذة نحو التفاقم بعد تعيين سلمان نجله ولياً للعهد دون إحترام القانون العائلي؛ محذرة من أن الأحداث القادمة تنذر عن وقوع انقلاب داخل الاسرة الحاكمة قد يغير وجه المنطقة - حسب موقع «Oil Price» البريطاني .
كتب “Antony Blinken” الذي شغل منصب نائب وزير الخارجية الاميركي في إدارة أوباما السابقة مقالاً نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، لقد أدت السياسة الفاشلة التي ينتهجها بن سلمان داخلياً وإقليمياً خاصة حربه على اليمن الىى تدهور الاوضاع داخل القصور الملكية وتفاقم الجدل بين أعضاء الأسرة الحاكمة وأن مسيرة إعتلاء ولي العهد الجديد العرش أقل ما يقال فيها انها بعيدة عن النجاح التام؛ وصحيفة "برافدا" الروسية اشارت الى إن السعودية تشهد فترة حرجة هي الأخطر من نوعها في تاريخها الحديث، مؤكدة أنه من الصعب التكهن بما سيحدث للمملكة في المستقبل القريب.. خاصة وأن الدولة الغنية تواجه تفاقم حالة عدم الاستقرار الاقتصادي والسياسي والأمني بوجود شاب لايفقه للسياسة ولا للحرب ورط المملكة بحرب لا طائل منها في اليمن .
موقع «Oil Price» البريطاني أوضح أن ولي العهد الجديد يواجه بعض الضغوط الشخصية، وأن عرش بن سلمان لا يعد مسلما به، إذ لا تزال هناك مجموعة كبيرة من أفراد العائلة المالكة تعارض المنصب الجديد للأمير الشاب، مشيرا الى معارضة محتملة داخل الحرس القديم لقوات الأمن التي كان يقودها محمد بن نايف، ولا سيما في ظل اعتبار متعب بن عبدالله، رئيس الحرس الوطني السعودي حاليا، هدفا يحتمل أن يتعرض للإقالة.
ارسال التعليق