![إطلاق بعض معتقلي الرأي.. محاولات لتلميع صورة السعودية فارق كبير بين إطلاق سراحهم وانقضاء محكوميتهم..](https://hourriya-tagheer.org/pics/p_df.jpg)
إطلاق بعض معتقلي الرأي.. محاولات لتلميع صورة السعودية فارق كبير بين إطلاق سراحهم وانقضاء محكوميتهم..
تشكل مسألة اعتقال أصحاب الرأي أحدى الانتهاكات القانونية والإنسانية الكثيرة والمتشعبة في مملكة آل سعود، ففي هذه المملكة يلاحق ويعتقل كل من يحاول إبداء الرأي حول شؤون عامة لا سيما إذا تضمنت انتقادات للسلطة السعودية التي لا تقبل تعدد الآراء أو وجود أي رأي غير رأيها.
ففي المملكة السعودية يتم اعتقال الشخص لمجرد رفع الصوت وإبداء الرأي من دون أدنى مراعاة لحقوق الإنسان، وبعد ذلك قد تطول مدة اعتقاله لأشهر بل ولسنوات من دون تقديمه للمحاكمة أو عرضه على جهة قضائية مختصة، علما أنه حتى لو عرض الإنسان على محكمة جنائية فإن الشروط القانونية التي تراعي الأصول والمبادئ القضائية المتعارف عليها دوليا غير متوفرة ولو بحدها الأدنى في مملكة آل سعود، وكما لا حقوق للإنسان في تلك الديكتاتورية القابعة على صدور الناس في الجزيرة العربية وهم خارج السجون أيضا لا حقوق لهم داخل السجون، بل إن هذه السجون هي ملاذ آمن للجلاد المتسلط للانتقام من معارضيه وخصومه وكل إنسان يفكر أن يكون صاحب رأي وحكم، خاصة مع غياب الرقابة الدولية أو الحقوقية على هذه السجون.
محاولة لتلميع صورة مهشمة..
إلا أنه قد تجد السلطة السعودية في بعض الأحيان وسائل لاستخدام قضية سجناء الرأي في إطار تلميع صورتها المهشمة ومحاولة إيهام الرأي العام الدولي أن في المملكة توجد بعض حقوق الإنسان وتراعى الأصول القانونية والقضائية ولو صوريا، وذلك عبر إشاعة الأخبار عن الإفراج أو إطلاق سراح بعض سجناء الرأي بما يوحي أن السلطة تفرج عن فلان أو فلان لأسباب إنسانية أو حقوقية، كما جرى مؤخرا عند إطلاق سراح القاضي سليمان الرشودي(82 عاما) والترويج عبر الإعلان بشكل يبدو أن الإفراج عنه تم لكبر سنه بينما المسألة التي يجب أن تكون محل البحث: هي لماذا تم القاء القبض على هذا الشيخ المسن؟ وهل هناك أي أفعال موجبة وحقيقية لذلك؟ وهل خضع لمحاكمة عادلة؟ والأمر نفسه ينطبق على جميع السجناء سواء كانوا من أصحاب الرأي أو غيرهم.
كما أن السلطة السعودية قد تقوم بإطلاق سراح سجين بعد انقضاء فترة محكوميته أو قبل انتهائها بفترات زمنية مختلفة، ولكن ذلك يكون لأسباب وظروف متعددة كما لو كان هناك سجين مريض ويخشى موته داخل سجون النظام-فيصبح رمزا ملهما للباقين - أو رجل طاعن في السن يخشى على حياته تحت وطاة قسوة السجان وسياط الجلاد أو أن يتم إطلاق سراحه لانقضاء محكوميته، مثل هذه الصور يتم استخدامها من قبل السلطة للقول إن هناك "رأفة" لدى آل سعود وأنهم يعطفون على المواطنين بإطلاق سراح أقاربهم ومن ثم استغلال ذلك إعلاميا عبر كثير من وسائل الإعلام التابعة للنظام الجائر التي تستفيد من عدم قدرة أحد من الخروج للحديث بالفم الملآن عن حقيقة ما يجري في المملكة، بينما الواقع يكون مختلفا تماما حيث أن السجين تمارس ضده كل أنواع العذابات داخل سجون آل سعود وعندما يصمد ويعينه الله في البقاء على قيد لحياة رغم التعذيب النفسي والجسدي تأتي السلطة للاستثمار في خروجه أو انقضاء محكوميته.
الفرق كبير.. وانتقادات بالجملة
لذلك يجب التفريق بين انقضاء محكومية سجين -أي سجين- وخاصة سجناء الرأي وبين إصدار عفو سعودي عنهم، فبين الأمرين فارق كبير، لأن خروج شخص من السجن لانقضاء محكوميته هو حق له وليس منّة من أحد، خاصة إذا ما كانت أسباب الاعتقال والسجن غير منطقية وغير قانونية، لكن يبدو أنه لكثرة الظلم الواقع على الناس بات التهليل لإخراج السجين من الأمر التي تتقبلها النفوس في السعودية بسبب خروج هذا السجين أو ذاك من المعتقل بدل أن يترك في غياهب السجون حتى يقضي عمره أو يموت تحت التعذيب.
وطالما انتقدت منظمات حقوقية وإنسانية السعودية لممارساتها في ملف حقوق الإنسان لا سيما فيما يتعلق بالاعتقالات السياسية وعدم توفير مجال لحرية التعبير وإبداء الرأي، وقبل فترة أكدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أن "على السلطات السعودية الكشف فورا عن الأساس القانوني والأدلة الضرورية لاحتجاز كل شخص وضمان إمكانية ممارسة كل واحد منهم حقوقه القانونية الواجبة".
أما "منظمة العفو الدولية" فقد قالت في تقريرها السنوي 2016/2017 حول الوضع في السعودية إن "السلطات فرضت قيودا تحد بشدة من الحق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع وقبضت على منتقدي الحكومة والمدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء المعنيين بحقوق الأقليات وسجنتهم بتهم ذات صياغة غامضة في ظل تعرض المعتقلين للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة لاسيما خلال التحقيق"، ولفتت إلى أن "المحاكم تستمر في قبول الاعترافات المشوبة بالتعذيب في إدانة المتهمين في محاكمات جائرة".
والأولى اليوم بمن يحاول تبييض صفحة النظام السعودي في قضية السجناء بشكل عام، المطالبة بحقوق هذه الشريحة من الناس التي تتعرض لأبشع صنوف الانتهاكات داخل السجون خاصة فيما يتعلق بظروف الاعتقال القاسية وعدم مراعاة قيمة الإنسان كإنسان ومعاملته بشكل يندى له الجبين، والأجدر أن تسعى السلطة السعودية لرفع الظلم عن الناس وعدم ترهيبهم بالتهديد بالاعتقال والقتل لأتفه الأسباب ووقف الأساليب البوليسية في التعاطي مع استغلال القضايا الحقوق والإنسانية
ارسال التعليق