إلغاء زيارة غير مجدوَلة: ضغط لـ’سعوَدة’ القرار اللبناني!
فجأة أعلن الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، وعبر بعض وسائل الإعلام اللبنانية المقرّبة من مملكته، إلغاء زيارة له الى لبنان، لم يكن أحد في لبنان الرسمي والشعبي على علم بتوقيتها وبرنامجها. سبق هذا الإعلان سلسلة مواقف خليجية سلبية من لبنان، أبرزها من الإمارات والبحرين، عُلِّقت جميعها على شمّاعة موقف الرئيس ميشال عون السلبي من "إسرائيل" والداعم للمقاومة.
تقول مصادر لبنانية مواكبة إنه لم يكن على جدول أعمال قصر بعبدا أية ترتيبات خاصة لزيارة الملك السعودي الى لبنان في شهر آذار. وتضيف بأن الدعوة قد وُجّهت بالفعل الى الملك السعودي أثناء زيارة الرئيس عون الى الرياض في 9 كانون الثاني الماضي، وأن الردّ عليها أتى شفهياً في حينه، دون مواعيد محدّدة لتلبية تلك الدعوة.
هذه المعلومات تؤكدها مصادر دبلوماسية في بيروت، حيث قالت لأكثر من وسيلة إعلامية إنه لم يكن هناك أي إعلان رسمي سابق عن زيارة للملك سلمان الى لبنان. فيما أتى بيان الـ"OTV" الذي أشار الى أن السلطات اللبنانية تلقت كتاباً رسمياً من الرياض يؤكد أن الملك السعودي وافق على تلبية دعوة رئيس الجمهورية لزيارة بيروت، من دون ذكر ما إذا تضمن تأكيد الرياض الرسمي أية مواعيد محدّدة لتلك الزيارة، ما يضع الزيارة برمّتها في خانة سياسة "اختبار النوايا" السعودية تجاه لبنان ما بعد انتخاب الرئيس عون.
عن سياسة اختبار النوايا تلك، تقول المصادر إن "السعودية من خلال التراجع عن موقفها "التاريخي" السلبي من الرئيس عون، وبالتالي دفعها باتجاه انتخابه رئيساً، حاولت احتواء الرجُل، بما يمثل من ثقل شعبي وسياسي في ظل تحالفاته الداخلية وعلاقاته الخارجية. غير أن السعودية رصدت في أكثر من مناسبة ثبات الرئيس عون على مواقفه المبدئية من القضايا الساخنة على الساحة اللبنانية والإقليمية، لاسيّما فيما يتعلّق بموقفه الراسخ مع المقاومة ضد العدو العدوَين: الإسرائيلي في فلسطين والتكفيري في سوريا".
مرة جديدة يفشل الرهان السعودي على "سَعوَدة" خيارات الرئيس عون اللبنانية والإقليمية. ولمس السعوديون لمس اليد أن ما لم يستطيعوا تحصيله من "الجنرال" عبر الضغط والمواجهة المباشرة، لن يستطيعوا تحصيله منه عبر سياسة الاحتواء والإلتفاف. لذا، فإنه من التوقع جداً أن تخرج بعض وسائل الإعلام اللبنانية المموّلة من السعودية لتحمّل الرئيس عون مسؤولية تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في لبنان، انطلاقاً من ترويجها للازمة أن زيارة الملك سلمان، إنْ حصلت، ستكون باب الخلاص ومفتاح الفرج بالنسبة للبنان، ولن يكون مستغرباً لو رأينا تحليلات وأخبارًا تحمل عناوين تهويلية من قبيل: " الملك سلمان يلغي زيارته الى لبنان.. وعون ونصرالله السبب" كما قال موقع الـ"LBC". .
لكن الأهم في كل ما تقدّم أن "التصعيد" السعودي – الخليجي في وجه لبنان ورئيسه، أتى متزامناً مع تصعيد إسرائيلي مماثل استهدف الجنرال عون بشكل شخصي ومباشر. وزير الأمن الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، لخّص في تصريح كل الاداء السعودي السلبي تجاه لبنان وجيشه ومقاومته. قال ليبرمان أمام لجنة الخارجية والامن في الكنيست، إن الجيش اللبناني هو "وحدة إضافية في منظومة حزب الله"، وإن الرئيس ميشال عون هو أيضاً "ناشط تابع" للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله. وأضاف "لذلك، ما يجب أن يكون واضحاً للجميع، أنه من ناحيتنا فإن بنية الجيش اللبناني ودولة لبنان، وكذلك بنية حزب الله، هي أمر واحد".
بفعل تصريح ليبرمان، وضعَ الإسرائيليون كل لبنان في سلّة واحدة، وهذه إشارة بالغة الدّقة الى أن لبنان وكل مؤسساته سيكون هدفاً لآلة الحرب الإسرائيلية. الفعل السعودي – الخليجي، كشفَ لبنان الرسمي أمام التهديدات الإسرائيلية. وبعد أن "خدمت" السعودية "إسرائيل" بتصنيف المقاومة في لبنان "منظمة إرهابية"، ها هي اليوم تعطيها "الحق" في اعتبار كل لبنان هدفاً لها في أية حرب مقبلة، من خلال إضعاف الجيش اللبناني ووضع فيتو على تسليحه وتمويله، وعبر حصار رئيس الجمهورية الذي أرسى توازنًا دبلوماسيًّا ورسميًّا مع الكيان "الإسرائيلي" عبر ردّه الأخير على التهديدات الإسرائيلية للبنان.
بقلم : حمزة الخنسا
ارسال التعليق