ابن سلمان يتحدى تاريخ الفشل بخطته لتطوير الرياض
سلطت وكالة "بلومبرج" الضوء، الخميس، على سعي السعودية لتحويل عاصمتها (الرياض) إلى نموذج مكان مثالي للعيش ومدينة "أكثر خضرة وبرودة"، عبر خطة تتحدى المشككين برؤية ولي العهد الأمير "محمد بن سلمان"، كما تتحدى تاريخ من الفشل في تطوير المدينة.
وذكرت الوكالة الأمريكية، في تقرير لها، أن الرياض أصبحت اليوم مدينة بشوارع واسعة تخترقها أشعة الشمس من كل جانب، لكن المناظر الطبيعية والحدائق الخصبة فيها تختبأ داخل القصور الملكية أو المنازل الخاصة.
وإضافة لذلك، فإن أرصفة "الرياض" إما مدمرة أو غير موجودة أصلا، والحياة فيها بدون أجهزة التكييف غير ممكنة، وفي بعض الأحيان يحتاج المرء للاستعانة بسيارة أجرة فقط لعبور الشارع من شدة الحر، بحسب التقرير.
ولذا فإن من بين أكثر الخطط طموحا التي بدأت بها السعودية هو تحويل الرياض، وهي واحدة من أكبر مدن العالم المترامية الأطراف وتعتمد على السيارات بكثرة والفقيرة في موارد المياه، إلى نموذج للاستدامة.
وتتضمن الخطة، بحسب التقرير، إنفاق عشرات المليارات من الدولارات من عائدات النفط على إعادة هندسة الحياة لسكان المدينة البالغ عددهم 8 ملايين نسمة، من خلال إنشاء شبكة مواصلات عامة والاعتماد أكثر على المركبات الكهربائية وبناء حدائق عامة وزراعة ملايين الأشجار.
وتهدف الخطة لجعل العاصمة السعودية خضراء بدرجة كافية لخفض درجة الحرارة فيها بمقدار درجتين مئويتين، ما يمنحها درجة أعلى في مواجهة التغيير المناخي الذي تعاني جراءه منطقة الشرق الأوسط بشكل عام، حيث تصل درجات الحرارة لنحو 50 درجة مئوية في الصيف.
كما يسعى "بن سلمان" إلى مضاعفة عدد سكان الرياض في غضون 10 سنوات، وتحويل المدينة المحافظة، حتى بالمعايير السعودية، إلى مدينة أكثر ملائمة للعيش ومركز أعمال إقليمي يمكنه التنافس على جذب المواهب مع دبي، وفقا للتقرير.
وتهدف استراتيجية الاستدامة في الرياض، التي خصص لها مبلغ 92 مليار دولار، إلى خفض انبعاثات الكربون في المدينة إلى النصف، وأيضا زراعة 15 مليون شجرة وزيادة نسبة استخدام المياه المعالجة للري من 11 في المئة إلى 100 في المئة.
ويخطط المسؤولون لزيادة استخدام المركبات الكهربائية بنسبة 30% بحلول عام 2030، وإنشاء شبكة مترو تستوعب 4 ملايين شخص يوميا.
وللقيام بذلك، يسعى رئيس الهيئة الملكية لمدينة الرياض المكلف بتنفيذ الخطة "فهد الرشيد" لوقف توسع المدينة اللامتناهي شمالا في الصحراء والبدء في بناء مدينة أكثر خضرة وبكثافة سكانية عالية تعتمد على البناء العمودي.
وفي هذا الإطار، قال "الرشيد" إن "زيادة معالجة مياه الصرف الصحي واستخدامها لجعل المدينة خضراء بالفعل، سيخفض درجات الحرارة، وبالتالي تقليل الحاجة إلى مكيفات الهواء".
وأشارت "بلومبرج" إلى أن هكذا توجه يعني أن الأسرة السعودية قد تعيش في المستقبل في شقة بدلا من فيلا، وتقضي وقت الفراغ في حديقة عامة بدلا من الفناء الخلفي للمنزل، لافتة إلى أن المشككين بهذه الخطط كثيرون، سواء داخل البلاد أو خارجها، على اعتبار أن السعودية تعد أكبر مصدر للنفط الخام في العالم ولديها أعلى نسبة انبعاثات لثاني أكسيد الكربون للفرد بين دول مجموعة العشرين.
كما نوهت الوكالة الأمريكية إلى أن جميع المحاولات السابقة لإعادة تشكيل الرياض فشلت في تحقيق أهدافها، بما في ذلك استراتيجية مشابهة لتطوير المدينة وضعت قبل 20 عاما.
ولكن إذا نجح المسؤولون في خطتهم الحالية، ولو جزئيا، فستقدم الرياض للعالم نموذجا يحتذى به بشأن إمكانية تكيف المناطق الحضرية مع ارتفاع درجات الحرارة ونقص المياه، بحسب التقرير.
ارسال التعليق