احدهم وصف ابن سلمان المسحوق في اليمن بقطب القوة الإقليمية.. لقاؤه مع السيسي في شرم الشيخ فتح شهية بعض الأمراء والكتّاب للتطبيل وهذا ما قيل.
التغيير
في زيارةٍ غير معلنة، تداولت وسائل إعلام محلية في المملكة ومصرية، صورةً جمعت محمد بن سلمان بالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في شرم الشيخ اليوم الجمعة .
وبينما لم تُعرف أسباب هذه الزيارة المفاجئة، سارع أمراء وكُتّاب إلى “التطبيل” لمحمد بن سلمان اذ وجدها البعض فرصة لإبراز مواهبه في النفاق.
وفي السياق، نشر الأمير سطام بن خالد آل سعود، صورة السيسي وابن سلمان وعلّق عليها: "المملكة وجمهورية مصر العربية بينهما علاقات تشهد عليها المكانة الجغرافية والتاريخية التي يسجلها التاريخ وتقاس عليها قوة ومتانة العلاقات العربية" و كلنا يعلم ما تكنه المملكة حقيقة تجاه مصر التي تعتبرها المنافس الإقليمي الحقيقي لها.
بدر العساكر، مدير المكتب الخاص لمحمد بن سلمان نشر الصورة ووصف اللقاء بين الرجلين بأنه "ودّي".
النفاق والتطبيل تجلّى واضحا في تغريدة د. عبدالله السيف ابراهيم الذي وصف ابن سلمان المهزوم في اليمن بأحد اقطاب القوة الإقليمية. وكذلك فعل الكاتب الصحفي ابراهيم المالك.
متحدث رئاسة الجمهورية المصرية
من جهته، قال السفير بسام راضي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية المصرية، عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”: “لقاء الأشقاء اليوم في شرم الشيخ بين الرئيس عبد الفتاح السيسي والأمير محمد بن سلمان”.
ولم يكشف المتحدث الرسمي حتى اللحظة فحوى اللقاء بين السيسي وابن سلمان .
واكتفت وسائل الاعلام في المملكة والمصرية، بنشر الصورة مع خبر مقتضب دون التطرق الى سر زيارة بن سلمان الى مصر ولقائه بالسيسي .
الجدير بالذكر ان ما نراه من علاقات في ظاهرها ودية بين المملكة و مصر تخفي في طياتها صراعاً حتمياً ظهرت بوادره جليةً في مشاهد الربيع العربي والذي حاولت المملكة ومن خلفها الممالك والمشيخات في الخليج منعه والوقوف بوجهه، بناء على مصالحها المرتبطة فقط ببقائها، باستخدام طريقين لفرض سطوتها تراوحت ما بين قبول ما يوافق سياستها، ورفض ما يعارضها.
مثلاً، رفضت الثورة في تونس، لكنها قبلت بها في ليبيا، ورفضتها في مصر، وقبلت بها في اليمن، رفضتها في البحرين، رضيت بها في سوريا ودعمت الإرهابيين بكل ما أُوتيت من قوة باعتبار الأخيرة صاحبة مشروع قوي قابل للتصدير قد يشكلُ تحدياً لاستقرار المملكة ، وبالتالي يهدد وجودها.
ومع هذا يبقى التحدي الأكبر محصوراً بين مصر و المملكة، حيث تتخوف الأخيرة من نتائج الثورة المصرية، والتي تعاني من مشاكل داخلية، تحاول فيها الرياض مساندة القاهرة لتخطيها.
لكن، بمجرد وقوف مصر على قدميها فأنها ستسير باتجاه استعادة وزنها الاستراتيجي، والذي يتمثل بالموقع الجوسياسي، وضخامة الكتلة السكانية، وتأثير السياسي، والثقافي، و الاقتصادي والاجتماعي، بحيث يصبح القطر المصري- شرطياً محلياً - سيداً للمنطقة بلا منازع كما كان سابقا، لا يقبل لأي كأن أن يملي عليه سياساته الخارجية والداخلية، أقرب الأمثلة على ذلك ظهر برفض الدولة المصرية العدوان على سوريا، والترويج له، لتقف بوجه المملكة "القطب الثاني في ثنائية المنطقة" كما يصفها البعض، والتي تريد انجاح الابقاء على سيطرتها وإبعاد شرور الانقلاب التاريخي لنظرة شعوب إلى داخلها.
طبعا هذا الشرطي لابد وأن يكون الأقدر على مواجهة التحدي الاكبر المتأتي من قبل المشاريع الاقليمية التي تتشكل في المنطقة ممثلة بتركيا و اسرائيل.
إذن، مصر بالنسبة لموقعها تشكل حجر الرحى في توازن القوى، لكن هذا الدور لن يتحدد إلا بانتهاء الأزمة السورية، والتي تشكل للمنطقة منعطفاً تاريخياً هاماً، يضع دولها في مكانها الحقيقي، سيما وأن أكبر نتائجها له علاقة بانهيار مشروع، وانتصار أخر.
هذا يعني أن الصراع الأكبر القادم سيكون بين مصر و المملكة، وليس بالضرورة أن يكون صراعاً عسكريا منظورا فهو قد يتطلب سنوات من الصبر، لكنه حتمي.
فنهوض مصر من سباتها يعني تحريك كوامن القوة ما يشكل أثراً كبيراً على المحيط العربي. سيما وأن موقعها الاستراتيجي الخطر يعطيها أفضلية على المملكة ، حتى وإن كانت تمتلك مخزونا هائلاً من خزان الطاقة العالمي، فالعمل على تأمين الوصول إلى النفط أهم من وضع اليد عليه، وأعتقد أن الإدارة الامريكية تعي جيداً هذه الحقيقة.
إن مرحلة الانقلاب التاريخي الخطر الذي شهدته خمسينيات القرن الماضي والذي اعتمد القيادة الثنائية للمنطقة " المملكة ومصر" مع توابع هنا وهناك وانتهى بانتصار المشروع ، لن تستمر، إذ ستعود المنطقة إلى مسارها الصحيح القائم على احادية القيادة، التي تمتلك عوامل القوة القائمة على الجغرافيا والإنسان، لا على المال والبنيان.
ارسال التعليق