افتضاح المشروع السعودي في ماليزيا..قراءة وتحليل
شكلت نتائج الانتخابات في ماليزيا هلعا كبيرا للسعودية والامارات بعد صعود مهاتير محمد وفشل حليف الرياض وأبو ظبي نجيب رزاق الذي بدأ يلاحق بتهم التورط بصفقات فساد كبيرة مع أمراء سعوديين وامارتيين.
مهاتير محمد الذي يبلغ من العمر 92 عاما والذي يؤكد الكثيرون دوره الكبير في جلب الحداثة والتقدم للشعب الماليزي ربما مصر أيضا في سنوات عمره الأخيرة على جلب الأموال المسروقة التي نهبها الأمراء السعوديون والاماراتيون من خزينة بلاده بتواطؤ من رئيس الوزراء السابق الذي سعى جاهدا مع الأنظمة الخليجية تلك على تدمير إنجازات محمد وارجاع البلاد عشرات السنين الى الوراء .
خسارة نجيب رزاق مثلت انتكاسة كبيرة للسعودية والامارات ويبدو انه حلقة جديدة من مسلسل الهزائم التي بدأت تهطل على عروش تلك المحميات النفطية سواء في لبنان أو في سوريا وصولا الى العراق، فحكومتا الرياض وأبو ظبي كانتا تراهنان على فوز رازق لطمس شبهات الفساد التي ارتبطت بالدولتين من جهة، ومن جهة أخرى فان فوز مهاتير محمد وخطه السياسي الذي يمثله يعد فوزاً كبيرا للإسلام السياسي الذي تشن عليه السعودية والإمارات حرباً بلا هوادة على أكثر من جبهة.
السعودية والامارات تخشى كما يرى المراقبون أن يفتضح أمر مئات الملايين من الدولارات التي حصل عليها نجيب رزاق بعد صفقات فساد ضخمة تورط فيها عدد من الامراء السعوديين، ففقدان الحليف القديم رازق سيقود اجلا ام عاجلا الى ازاحة الستار عن صفقات كبرى جرى من بينها اختلاس ما لا يقل عن 1.2 مليار دولار من الصندوق السيادي الوطني الماليزي بقيادة الأمير السعودي، تركي بن عبد الله، ابن الملك السابق عبد الله بتواطؤ من رئيس الوزراء الماليزي السابق.
وبحسب تقرير لشبكة "بي بي سي" البريطانية فان كوالالمبور أقرضت الأمير السعودي الذي استعمل اسم شركة لم يُسمع بها من قبل اسمها "بترو سعودي". وفي غضون أيام، اختفت 700 مليون دولار من هذا المبلغ من الشركة، التي شارك في تأسيسها الأمير تركي بن عبد الله وقد ظهرت الشكوك في شهر مارس (آذار) من عام 2013، بعد أن تم تحويل مبلغ 681 مليون دولار إلى الحساب الشخصي لرزاق، مما دفع مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى فتح تحقيق في ما وصفها بأنها أكبر عملية احتيال وسرقة حكومية في التاريخ.
صحيفة الغارديان البريطانية أكدت هي الأخرى أنه في عام 2016 تلقى رئيس الوزراء الماليزي السابق مبلغ 681 مليون دولار من السعودية تبرعًا، وبعد عام تم الكشف عن هذا المبلغ ووفقًا للصحيفة البريطانية، عندما سُئل وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في قمة منظمة التعاون الإسلامي في إسطنبول إذا كان على علم بتفاصيل التبرع؛ قال: "إنه تبرع حقيقي ولا يوجد شيء متوقع في المقابل" إن هذه سابقة لم يسمع بها أحد من قبل. فمن غير المتصور أن يُمنح رئيس وزراء منتخب لبلد ما مثل هذه الهدية المالية الكبيرة من دولة أخرى، وليس هناك شيء متوقع في المقابل.
أما فيما يتعلق بالدور الاماراتي فقد كشفت صحيفة وول ستريت جورنال قبل اشهر أن السفير الإماراتي في واشنطن، يوسف العتيبة، كان متورطًا في الفضيحة التي تدور حول صندوق الاستثمار الماليزي الحكومي، فقد سُرق هو الأخر مبلغ يُقدر بـ4.5 مليار دولار، إضافة الى 1.4 قيمة المسروقات السعودية، وتشير التحقيقات الاقصائية الى أنّ شركات على صلة بالعتيبة تلقّت ملايين الدولارت من شركات تعمل من خارج البلاد. وتضمن هذا المبلغ، بحسب محققين أمريكيين وآخرين من سنغافورة، أموالاً مختلسة من شركة ماليزيا للتنمية “Malaysia Development Bhd 1″، وهي صندوق استثماري مملوك بالكامل لحكومة ماليزيا.
والآن بعد أن غادر رزاق السلطة، ومن المرجح أن تتم محاكمته، فإن أبو ظبي والرياض لا بد وأنهما تخشيان، بالتأكيد، من احتمال أن تؤدي الهزيمة المذلّة لحليفهما في كوالالمبور إلى إجراء تحقيق أكثر شفافية، وهو ما بدت أولى ملامحه من خلال مداهمة الشرطة الماليزية لمنازل رئيس الوزراء السابق وضبطها ، 284 صندوقاً تحوي 72 حقيبة يدوية فاخرة محشوة بمال ومجوهرات، بالاضافة الى إصدار رئيس الوزراء مهاتير محمد تعليمات بمنعه من السفر.
وعلى الرغم من أن التحقيقات حاليا تدور حول قضايا فساد بين نجيب وأمراء سعوديين واماراتيين الا أن أنظمة تلك الدول الخليجية هدفها على ما يبدو أبعد من هذه الأموال التي تتدفق عليها من ابار النفط، والهدف المخفي على الارجح هو اسقاط ماليزيا واسقاط تجربتها الناجحة ومحاصرة هذا الشعب المسلم وإعلان الحرب عليه لرفض وصفات التهجين الغربية بعد تتبنى قيم ثورية تحرره من قيود التبيعة، وعليه فان أنظمة تفتقد لأدنى مقاومات الحرية والشفافية الاقتصادية كما في السعودية والامارات لن تكون مبسوطة بوجود مهاتير محمد وما يمثله خطه على رأس دول إسلامية مهمة مثل ماليزيا.
ارسال التعليق