الإجرام السعودي في اليمن.. مجازر للمدنيين وحرب بالكوليرا
ارتكب طيران تحالف العدوان السعودي على اليمن مجزرة بشعة أمس، في منطقة يختل شمالي مديرية المخا بمحافظة تعز، حيث قصفت منزلا يقطن به أسرة كاملة، ما أسفر عن استشهاد 15 فرداً من النساء والأطفال.
وقع القصف على منزل المواطن عبده علي سليمان الحلبي، في قرية الحليبة عزلة الزهاري شرق منطقة يختل بمديرية المخا، وعلى إثره استشهد جميع أفراد الأسرة، بينما ظلت الطائرات الحربية تحلق في سماء المنطقة ومنعت سيارات الإسعاف من الاقتراب من المنزل لساعات، بعدها تمكنت فرق الإنقاذ من انتشال جثث 7 أطفال و8 نساء من تحت الأنقاض.
تأتي الجريمة في سياق الاستهداف اليومي للمدنيين اليمنيين المحاصَرين خاصةً في مديرية المخا بمحافظة تعز، التي يتخذ منها اليمنيون معقلاً لمقاومتهم للعدوان، وعلى التوازي استهدفت طائرات العدوان السعودية والإماراتية سوقاً مدنياً في مديرية أخرى للمحافظة هي مقبنة، ما خلّف دماراً هائلاً في منطقة مدنية لا علاقة لها بالنشاط العسكري للجيش اليمني والمقاومة الوطنية، لكن المألوف منذ بداية العدوان هو التحليق المستمر والمكثّف للطائرات الحربية في سماء المحافظة يومياً، مع القصف العشوائي الذي دائماً ما طال البنية التحتية اليمنية، فضلاً عن المدنيين في منازلهم وأماكنهم الطبيعية غير ذات الصلة بالنشاط العسكري.
وكانت منظمة الصحة العالمية أعلنت في بداية يوليو الجاري الاشتباه في إصابة 247 ألف حالة بوباء الكوليرا، الذي ينتشر في اليمن منذ أبريل الماضي نتيجة الحصار الكامل الذي يتعرض له الشعب، حيث داهم عشرين محافظة يمنية من أصل ثلاثة وعشرين، وتصدرت الحُديدة المحافظات التي تنتشر فيها الكوليرا بنسبة كبيرة، ما يؤكد الواقع الذي يعرفه العالم أجمع عن المنع الدائم للأغذية والأدوية والمستلزمات الطبية من النفاذ إلى ميناء الحُديدة وهو المنفذ البحري الوحيد المتاح لكامل الشعب اليمني على العالم الخارجي حالياً، وينفي المزاعم الإعلامية للعدوان السعودي عن سماحه بدخول المستلزمات الحيوية للشعب اليمني من الميناء المحاصر سعودياً وإماراتياً.
وأبرز العوامل المساعدة للوباء القاتل على الفتك باليمنيين، انهيار الخدمات العامة إجمالاً، وفي مقدمتها المنظومات العلاجية والأدوية، وهو تحديداً ما يعمل عليه العدوان بدأب من الجو؛ فكانت الاستهدافات المتوالية والكثيفة للبنية التحتية اليمنية شاملةً القطاع الصحي والمستشفيات، مع تشديد الحصار واستمراره والأزمة الغذائية الضخمة، فضلاً عن انعدام قدرة اليمنيين حتى على السير في شوارع مدنهم لإيصال المصابين بالوباء لما تبقى من مستشفيات.
معادلة شيطانية أقامها عدوان السعودية وحلفائها على الأرض، فأصبح الوباء سلاحاً في حد ذاته للحرب على الشعب اليمني، في معادلة يمكن فهمها بمنطق آل سعود أنه إذا كان ضرب الجيش والمقاومة الوطنية في اليمن لم يُجدِ عسكرياً، فلابد أن الحصار والتجويع وإفساد الحياة نفسها بمعناها البسيط سيكون لهم الأثر المطلوب بتركيع اليمنيين وإخضاعهم، في ظل نقص يصل للانعدام في المرافق الصحية المناسبة لمواجهة الوباء.
في الحُديدة وتعز وصعدة، يتجلى خطر وجودي آخر على اليمنيين، يكمن في المجاعة، التي ظهرت كناتج طبيعي عن الحصار الذي يصمت عنه العالم أجمع بما فيه منظمات حقوق الإنسان العالمية التي لا تتحرك إلا بالزر الأمريكي محدداً لها الهدف والتوقيت والحدود والمكان، الخطر المقترب من الشعب اليمني بدأ بالحصار وما سببه من انعدام للمواد الغذائية، وتفاقم إلى أن تعدّى الوضع الآن درجة انعدام الأمن الغذائي إلى الوقوف على حافة مجاعة، ما ترك أثره القاتل على جموع الأطفال اليمنيين الذين عصف بأجسادهم سوء التغذية أمام العالم أجمع دون أن يحرك ساكناً، والذين لن يستطيعوا وكبارهم أيضاً البقاء على قيد الحياة خلال الأشهر القليلة المقبلة طالما ظل الحصار قائماً، ليحرمهم من أول حق طبيعي للإنسان، وهو ألا يموت جوعاً بفعل فاعل.
بقلم : محمود عبدالحكيم
ارسال التعليق