لا يدري السعوديون أي ذنب اقترفوه لتتحدث باسمهم وسائل إعلامية تعجز عن مواجهة ميليشيا مسلحة تدك المنشآت الحيوية لبلادهم ليل نهار، فحملاتهم الإعلامية ثبت أنها تفتقد إلى القوة والحكمة.

وفي خضمّ سقوط الصواريخ الحوثية على مواقع حيوية في المدن الجنوبية، خرجت صحيفة “سبق” السعودية في خبر مفاده أن سكان أبها يتحدَّون الحوثي بالسمر ولعب “البلوت” قرب المطار، وهو ما أثار غضب واستياء الكثير من مواطني المملكة؛ بسبب ضعف مستوى إعلام بلادهم.

وهاجم السعوديون الصحيفة عبر حسابها في موقع “تويتر”، معتبرين أن من يدير الإعلام أشخاص ليسوا بذوي كفاءة، خاصة أن بلادهم تخوض حرباً متواصلة وتحتاج إلى تغطية إعلامية على قدر ما تمر به المملكة.

ووصف أيمن الغامدي، في رده على خبر الصحيفة، الإعلام السعودي بأنه “فاشل”، لا يقوم بدوره حيال استهداف الحوثي للمدينة، أو يوضح حجم آثار القصف، خاصة على الملاحة العالمية؛ لكون المطار دولياً.

وأكّد الكاتب الصحفي السعودي عبد السلام المنيف، أن الإعلام السعودي “يحتاج إلى الإصلاح وإلباسه ثوباً يستحقه، وذلك يحتاج إلى استراتيجية واقعية لا تقبل المجاملات، وتعطي الحلول في رفع مستوى تأثير الإعلام السعودي محلياً وخارجياً”.

وقال المنيف في مقال له نشر في صحيفة الحياة اللندنية، مؤخراً: إن “مشكلة الإعلام المزمنة لدينا أنه ملتصق بالثوب الحكومي، وشرط السعودة في توظيف من لا يستحق مهنة الإعلام غير أنه يحمل مؤهلاً إعلامياً”.

وأضاف المنيف: “يجب بحث سبل التطوير والرقابة، وبالتأكيد سنرى إعلاماً حقيقياً، وكوادر إعلامية ذات إمكانات عالية، حتى لو كانت بعض هذه الكوادر أجنبية، بالأخير تهمنا مصلحة واحدة وهي قوة إعلامنا وتأثيره”. وأوضح أن ما ينقص الإعلام السعودي هو التخطيط، والتغيير، والتوجيه.

وفي الآونة الأخيرة كثّفت ميليشيا “الحوثي” من هجماتها الجوية على منشآت سعودية؛ حيث استهدفت، الأحد الماضي، مواقف السيارات في مطار أبها جنوبي المملكة، بهجوم نفذته طائرة مسيَّرة أدى إلى مقتل مقيم وإصابة 21 شخصاً، حسبما أفاد المتحدث باسم قوات التحالف السعودي الإماراتي.

ووصف الكاتب الإعلامي السعودي منصور الجفن، إعلام بلاده بالضعيف والخجول في مواجهة الحملات التي تتعرض لها المملكة، خاصةً في رسالته الخارجية، “واقعه ووسائله وأدواته غير قوية”.

وأكد الجفن، في مقال نشر له مؤخراً في صحيفة الرياض المحلية، أن الإعلام السعودي غير قادر على مواكبة الأحداث الدائرة على الساحة الإقليمية والدولية. وقال الجفن: “الوضع غير مطمئن، في وقت لا يخفى على الجميع أهمية الإعلام وتأثيره على الرأي العام، حيث تُجنّد كثير من الدول جيوش آلتها الإعلامية للدفاع عن حقوقها وخدمة قضاياها”.

وأضاف “ما زلنا نتعامل على استحياء مع قضايانا بدون آلية ورؤية إعلامية واضحة وممنهجة، وبدون استراتيجية عملية، وهذا ما فتح الطريق لكي تتحرك الآلة الإعلامية المعادية في الساحة بدون مواجهة فاعلة ومؤثرة من إعلامنا”.

ويرى أن الإعلام السعودي سمح بتكوين رأي عام في الأوساط الاجتماعية الخارجية ودوائر القرار، وقناعات مغلوطة تجاه المملكة وسياساتها نتيجة غياب المهنية الإعلامية.

من جانبه أكد عبد الحمود، أستاذ الإعلام المشارك بجامعة الإمام، وأستاذ كرسي اليونسكو للإعلام المجتمعي، أن الإعلام الخارجي السعودي ضعيف في مواجهة ومواكبة الآلة الإعلامية الخارجية.

وقال الحمود في حديث سابق لصحيفة الرياض: “لكي يستطيع إعلامنا مقارعة الإعلام المهني فإنه يجب أن يكون إعلامنا مهنياً، والمهنية أمر لم نتقنه في صناعة الإعلام، وبالتالي لا مكان لغير المؤهلين مهنياً والأكفاء احترافياً”.

كذلك يؤكد رئيس تحرير صحيفة “الحياة” في السعودية والخليج، سعود الريس، أن إعلام بلاده غير قادر على مواجهة ما تتعرض له المملكة، ويفتقر للتأثير، ويعمل بدون استراتيجية حقيقية.

ويقول الريس في حديث سابق لقناة “العربية”: “الإعلام السعودي يحتاج إلى أن يتم توظيفه بشكل أفضل ويتم العمل بأجندات خاصة”. واعتاد الإعلام السعودي الحكومي والخاص التطبيل والترويج والدفاع عن سياسات المملكة في المنطقة، والتي تلاقي استهجاناً دولياً، وأبرزها حرب اليمن التي تسببت بأسوأ كارثة إنسانية في البلاد، إضافة لتمزيق الصف الخليجي بحصار قطر، وتشويه سمعة البلاد بجرائم دولية، مثل قتل الصحفي جمال خاشقجي في إسطنبول، وملاحقة معارضين آخرين بدول عدة.