الجنوب اليمني بين فكي الاحتلال السعودي الاماراتي (3-3)
الاصلاح احد جذور الصراع في الجنوب .. ورقة تحرج السعودية
تظاهرة 7/7 تعلن الفيدرالية .. الزبيدي يظهر خلف زجاج واق من الرصاص :
ظهر رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي داخل منصة زجاجية واقية من الرصاص وهو يلقي كلمته وسط الجماهير المحتشدة في ذكرى 7/7 التي اعتبرها ذكرى مزدوجة ، واشار الى ان 7/7/2007م ذكرى انطلاق الحراك الجنوبي محت 7/7/1994م التي هي ذكرى اجتياح الجنوب ، داعيا في سياق كلمته الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن والدول العشر الراعية والاتحاد الاوروبي والجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي الى التفاعل مع ما اسماه التحول السياسي الذي تشكلت بموجبه قيادة سياسية حاملة لقضية الجنوب التي وصفها بانها غير قابلة للمساومة ، في اشارة واضحة الى تغير قواعد التعاطي مع قضية الجنوب بعيدا عن الابجديات السابقة داخل المرجعيات المعترف بها دوليا .
كلمة الزبيدي بعث عدة رسائل محلية واخرى خارجية ، وكما هو متوقع لم يقفز الزبيدي على الواقع ، وان كان المتوقع ان يلمح الى الانفصال ، فإنه اكتفى فقط بالتأكيد على العمل تحت سلطات هادي وحكومته ، مقتصرا على التأكيد ان المجلس الانتقالي الجنوبي ينطلق من ما اسماها ” اهداف الثورة والمقاومة في استكمال مهام تحرير الإرادة والقرار وتحقيق الاستقلال وإقامة الدولة الفيدرالية الجنوبية المستقلة ” ، وهو ما يفهم منه ان المجلس يتحرك تحت مظلة سلطات شرعية هادي والتحالف ، وان بدا الاختلاف في كونه يقف مع مشروع تقسيم اليمن الى اقليمين وليس ستة اقاليم كما هو موقف حكومة هادي ، التي في الوقت ذاته اتهمها بالفشل في ادارة الجنوب وتوعد بان المجلس سيعمل على ادارة الوضع في الجنوب وخاصة الامني .
وقرأ محللون واعلاميون ظهور اللواء الزبيدي خلف الزجاج الواقي من الرصاص بكونها دليل على انفلات الوضع الامني في الجنوب من جهة اضافة الى كونها تحمل دلالة على ادراك الزبيدي لوجود قوى متطرفة في اوساط المحتشدين قد تستهدفه مثل حزب الاصلاح الاخواني وجماعة القاعدة وداعش ، علاوة على كون المشهد الجنوبي منقسم الى عدة تيارات واتجاهات كلها ليست على انسجام وبينها ثارات تاريخية سياسية وعسكرية يصعب معها الاطمئنان من قبل الزبيدي الى انه صار محل زعامة مرضي عنها .
المجلس الانتقالي يعلن حظر حزب الاصلاح :
بنفس لغة الجزم التي تضمنتها النقطة الاولى من توصيات كلمة رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي في تظاهرة امس والتي نصت على ان المجلس سيمضي في استكمال هيئاته واستيعاب كل القوى الجنوبية ، فانه ايضا في الفقرة الثالثة اعلن عن حظر جماعة الاخوان الملسمين وداعش والقاعدة وجماعة الحوثي في كل محافظات الجنوب ، وتوعد الزبيدي باتخاذ الخطوات اللازمة حيال ذلك الاجراء بالشراكة مع دول التحالف العربي والدولي ، وكان قد استهل هذا القرار بانه جاء انطلاقا من كون امن الخليج والمنطقة من امن الجنوب .
هذه الخطوة الجريئة التي لم تتخذ ما يشبهها سلطات المجلس السياسي في صنعاء ضد اي من الاطراف التي شاركت في العدوان على اليمن الى الان ، بحسب ما اعلنه الزبيدي تحضى بدعم تحالف العدوان على اليمن ، وحول هذه الجزئية اكد سياسي جنوبي رفض الافصاح عن هويته للبديل ان قرار المجلس حظر هذه الجماعات خطوة خطيرة و تقف خلفها الامارات والسعودية معا ، ودلل على ذلك بوصفه لحزب الاصلاح بـ ” جماعة الاخوان المسلمين ” وهي تسمية ترضي كل من السعودية والامارات معا ، فالامارات ستعتبر المقصود حزب الاصلاح ، بينما ستدرأ التسمية الحرج عن السعودية امام حزب الاصلاح الذي تقيم قياداته في عاصمتها الرياض .
مستقبل حزب الاصلاح الاخواني في الجنوب على المحك :
يقف حزب الاصلاح المحسوب على جماعة الاخوان المسلمين في دائرة ضيقة على صفيح الازمة اليمنية الساخن ككل وعلى مسرح ملف الجنوب بشكل خاص ، فالامارات ترى فيه عدوا لدودا وربما يشكل بؤرة خلاف عميق بينها وبين السعودية ، كما ترى السعودية فيه ورقة تستفيد منها في الجنوب الذي يذهب بعيدا عن سيطرتها لكنها في الوقت ذاته تدرك انها ورقة محرجة لها امام الامارات سيما في ظل الارهاصات التي تشهدها منطقة الخليج بسبب قطر ودعمها للاخوان المسلمين .
في هذه الاثناء دعا رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي تحالف العدوان لإعَادَة النظر في استمرار دعمه لحزب الإصلاح “الإخوان المسلمين” باليمن، معتبراً أنهم سبب تعثره في تحقيق أهداف “عاصفة الحزم”؛ محملا الاصلاح مسؤلية عدم تمكن التحالف من حسم أية جبهة عسكرية في شمال اليمن، منوها الى ان حزب الإصلاح هو من يسيطر اليوم على حكومة هادي وإن “ قياداته متورطة بشكل رئيسي في الأعمال الإرْهَـابية في اليمن”، مشيراً إلى أن الأمريكيين لديهم أدلةٌ ووثائقُ تؤكد ذلك.
كما وصف الزبيدي خلال مقابلة تلفزيونية مع قناة الحرة ، الجنرالَ علي محسن الأحمر، نائب الرئيس المستقيل هادي والمحسوب على الاصلاح بأنه “ رأس الإرْهَـابيين والداعم الرئيسي للأنشطة والأعمال الإرْهَـابية باليمن”.، معتبرا ان المجاميع الإرْهَـابية المتواجدة في الجنوب هي عناصر عادت من “أفغانستان” وجرى استيعابُها في الفرقة الأولى مدرع التي كان يقودها علي محسن الأحمر، واتهمها بانها من يمارس التخريب والقيام بأعمال التفجيرات والاغتيالات في الجنوب.
وفي تفسير مقارب لخلفيات العداء بين الجنوبيين والاصلاح وجذور الصراع بعتقد السياسي والباحث فضل ابوطالب ان من اهم تلك الخلفيات هو وجود خلافات في المواقف والرؤية تجاه مستقبل القضية الجنوبية بين الأطراف التابعة للسعودية من جهة وبين الأطراف المحسوبة على الإمارات من جهة اخرى ، بالإضافة إلى خلفيات الصراعات التاريخية بين كل تلك الأطراف والتي تعود الى حرب 94 وما قبل الوحدة ايضا ، وكذا الاتهامات المتبادلة بينها في طبيعة الولاءات والتحالفات وفي القناعة اللازمة من جدوى الاستمرار في الحرب في المناطق الشمالية وغيرها من العوامل .
وبالرغم من ان المعطيات كلها تشير الى سخط جنوبي على حزب الاصلاح باعتباره مشارك رئيسي في حرب 94م التي دفع بكوادره الشعبية وفتاواه لاجتياح الجنوب ، اضافة الى وضع حزب الاصلاح المحرج للسعودية في سياق ازمة قطر، الا ان عضو السياسي في انصارالله والمتخصص في شئون الجنوب يعتقد ان السعودية في إطار صراعها مع قطر لا تحارب الإخوان المسلمين، بقدر ما تسعى للاستحواذ على كافة التيارات والفصائل المنتمية للإخوان وضمها الى صفخا وبينها تلك التي تدين بالولاء لقطر ومنها حزب الاصلاح ، ويضيف ” باعتقادي هناك انسجاما تاما بين السعودية وقطر في الملف اليمني والإخوان المسلمون هم القاسم المشترك بينهما ” ، ويدلل ابوطالب على ذلك بكون القضايا التي يثيرها الإعلام القطري تستهدف النشاط الإماراتي في الجنوب فقط ، معتبرا ذلك يصب في مصلحة السعودية سواء كان ذلك ضمن التوجه السعودي المشترك مع قطر أو على الأقل من باب المغازلة للسعودية، وهو بحسب ابوطالب ما يجعل الاصلاح في مأمن تحت رعاية السعودية التي تعتبر الًإصلاح وعلي محسن المنتمين للإخوان المسلمين ومن إليهم أدواتها الرئيسية في اليمن, والإمارات تدرك ذلك تماما.
اتهامات متبادلة .. وتراشقات اعلامية :
على وقع ذلك ظهرت تراشقات اعلامية بين حزب الاصلاح الاخواني الموالي للسعودية وبين الامارات ، حيث اتهمت وسائل اعلامية وقيادات تابعة للاصلاح الامارات بانها تدير عمليات تعذيب وسجون سرية في الجنوب ، واصفة اياها بالاحتلال الذي يمنع الجنوب من ان يستقر .
من جهتها وجهت صحيفة العرب الاماراتية انتقادات لاذعة لهادي ، الصحيفة الصادرة من لندن والمملوكة للامارات تضمن تقريرها الذي عنونته ” الرئيس المؤقت يستفز الجنوبيين تصعيدا ضد الرئيس المستقيل هادي، واصفة إياه بـ”الرئيس المؤقت ” ، متطرقة الى قرارات هادي ضد المحافظين الموالين للامارات .
فيما نشرت وسائل اعلام اماراتية ايضا انتقادات للسعودية تتهمها بانها تحتضن قيادات اخوانية تهاجم اطراف في التحالف لصالح قطر ، في اشارة الى هجوم الاصلاح واعلامه على الامارات .
وفي هذا السياق يقول الباحث اليمني زيد الغرسي ” هناك صراع كبير ومحموم بين الدولتين على بسط نفوذهما في الجنوب والسعودية تستخدم هادي في قصقصة اجنحة الامارات وإقالة الموالين لها بينما الاخيرة تعتمد بشكل اساسي على الميدان وعلى فرض السيطرة العسكرية لمليشياتها ونلاحظ إن هناك اصرارا كبيرا لدى السعودية على محاربة نفوذ الامارات خاصة بعد تولي محمد بن سلمان ولاية العهد وتمتلك السعودية اوراقا كثيرة بإمكانها إن تقلص نفوذ الامارات الى حد كبير في الجنوب ”
سباق .. الامارات تسعى لضم باب المندب الى الجنوب :
وفي سياق التسابق الاماراتي السعودي على النفوذ في الجنوب ، تداول نشطاء جنوبيون نقلًا عن ما وصفوها بالمصادر السياسية ، إن الامارات تحاول الضغط على الرئيس المستقيل /عبدربه منصور هادي، لإعلان محافظة جديدة تحت اسم باب المندب تمثل مزيجا من مديريات تتبع محافظتي لحج وتعز وجزيرتين في البحر الأحمر، وبحسب ما نشره النشطاء ولم يتم التأكد من صحته فان الامارات ترغب في ان يتم ضم المخا وذوباب وجزر باب المندب وبعض مديريات تعز مثل الوازعية وموزع اضافة الى بعض مديريات لحج الى الجنوب تحت لافتة محافظة جديدة تسمى باب المندب ، الامر الذي قد يمكنها من ضم باب المندب الى نطاق نفوذها في الجنوب .
من جهتها تدفع السعودية باتجاه صناعة اطار جنوبي مقابل للمجلس الانتقالي الذي تدعمه السعودية ، وظهر ذلك في تحركات الرئيس المستقيل عبدربه منصور هادي وحكومته نحو عقد مؤتمر جنوبي في الرياض ، ونشرت وسائل اعلامية جنوبية عن مصادر سياسية جنوبية مقيمة في الرياض ان هناك تحركات يقودها قيادات جنوبية في الرياض والاردن والقاهرة نحو عقد مؤتمر سياسي جنوبي تحتضنه الرياض وتدعمه ، و يشبه المؤتمر الذي عقد في العام 2011م بالقاهرة ،
وبحسب ما نشر على لسان المصادر فإن هذا المؤتمر سيكون بمثابة الكيان السياسي المقابل للمجلس الانتقالي الجنوبي ، حيث لفتت المصادر إلى ان من بين مخرجات المتوقعة عن المؤتمر الجنوبي المزمع عقده بالرياض تشكيل قيادة سياسية جنوبية مماثلة لقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي لكنها تدعم الرئيس عبدربه منصور هادي.
بقلم : علي جاحز
ارسال التعليق