الجُبير يسرد جملة من التناقضات أمام البرلمان الأوروبي
التغيير
اشتكى عادل الجبير، وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية، من تعرض بلاده لهجمات أنصار الله بأكثر من 300 صاروخ بالستي و100 طائرة مسيرة، مؤكداً أنّ المملكة “لم تبدأ الحرب في اليمن، بل أنصار الله هم من قاموا بذلك”.
ورغم أنَّ الجبير حاول من تصريحاته تلك استعطاف الرأي الأوروبي والدولي، إلا أنها في الواقع إقرار بهزيمة آل سعود وفشل مخططاتها في اليمن، وذلك هو أقصى ما يطمح إليه خصوم المملكة، سواءً أنصار الله أم غيرهم.
فالهزيمة – كما يقال – مرهونة بإقرار المهزوم بها، وهذا ما فعله الجبير في كلمته أمام لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان الأوروبي في العاصمة البلجيكية بروكسل.
وها هي وسائل الإعلام المحلية والدولية تولي اهتماماً كبيراً لتصريحات الجبير اليوم، وتقارنها بتصريحاته بالأمس، لتكشف فجوة كبيرة من الصعب تجاهلها أو الادعاء بأنها سقطت سهواً من أهم الشخصيات السياسية في المملكة.
فالجبير وقبل خمس سنوات أعلن من العاصمة الأميركية واشنطن، أن بلاده وعلى رأس تحالف دولي، قررت التخلص من أنصار الله في اليمن، مؤكداً أن أيامهم بات معدودة.
وأكد أن “عاصفة الحزم” هي عملية عسكرية قاصمة لخصوم المملكة، وأن الإعداد لها قد استمر لأشهر بالتنسيق مع الأطراف الدولية والإقليمية، منها الإدارة الأميركية وحلفاؤها الغربيون.
على إثرها تم إسقاط مئات الآلاف من القنابل والصواريخ على مساحات واسعة في اليمن، لم تستثن المدارس والبيوت والمساجد، وسقط جراءها مئات الآلاف من القتلى والجرحى في مختلف المحافظات اليمنية.
عنتريات الجبير في واشنطن في 2015، تحولت إلى استعطافات في بروكسل، ونذير شؤم على كل من راهنوا على الرياض في تحقيق طموحاتهم السياسية، وقد بادر كثير منهم بالفرار من معسكرها قبل خروجه من الخدمة.
ولم تقتصر أكاذيب الوزير السعودي على عاصفة الحزم والعمل العسكري، بل تعدى ذلك إلى الجانب الاقتصادي، حيث زعم أن المملكة قدمت مساعدات لليمن بقيمة 14 مليار دولار، وهو ما ينفيه الواقع الاقتصادي لمناطق سيطرة التحالف، بما فيها العاصمة المؤقتة عدن، والتي تمر بأسوأ مراحلها الاقتصادية منذ الستينات.
كما أن العملة المحلية شاهد آخر على زيف مساعدات آل سعود، فالانهيار النقدي المستمر للريال اليمني ليس إلا بسبب انعدام الغطاء، الذي سبق وأن تعهدت به الرياض في مؤتمرات المانحين الافتراضية.
أما عن الهجمات الصاروخية على المملكة، فهذا اعتراف آخر بأن صواريخ أنصار الله تُصيب أهدافها، وأن مزاعم اعتراضها من قبل قوات الدفاع الجوي التابعة لنظام آل سعود، ليست إلا لدفع الحرج والفشل عن صواريخ باتريوت الأميركية.
كما أن استهداف مصالح آل سعود بـ300 صاروخ و100 طائرة مسيرة، يبقى قليلاً بالمقارنة مع ما قصفت به سلطات آل سعود الأراضي اليمنية خلال خمس سنوات، إضافة إلى الفارق الكبير في طبيعة المناطق المستهدفة بين الطرفين.
فقد تركزت هجمات أنصار الله على مواقع عسكرية في البداية، قبل أن تتطور إلى قصف منشآت نفطية بعيدة عن تجمعات المدنيين، وهو ما لم تلتزم به الرياض في قصفها على المدن والمناطق المأهولة بالسكان.
أما عن حرب بلاده على الإرهاب، فقد أثارت تصريحات الوزير السعودي سخرية الإعلام الغربي والعالمي على أوسع نطاق.
حيث أن تنظيمات إرهابية معروفة مثل القاعدة وطالبان وجبهة النصرة، نشأت بدعم وتمويل سعودي مباشر، فيما تستند تنظيمات إرهابية أخرى مثل داعش على دعم مالي من أطراف سعودية غير رسمية.
إضافة إلى ذلك، فإن كل تلك الجماعات تعتمد المنهج الدراسي السعودي لتلقين منتسبيها، وغسل أدمغتهم. فيما ترى المنظمات الحقوقية النظام السعودي بأنه الأم المغذية لكل المنظمات المتطرفة، ويصفها البعض بداعش الكبرى.
وآخر هزائم الجبير في بروكسل، هي اتهام قطر بالتدخل في الشؤون الداخلية لآل سعود، في وقت يمول في آل سعود سلسلة من التمردات المسلحة، في معظم الدول العربية والإسلامية.
وقد أسهمت تدخلاتها في إسقاط أول رئيس منتخب لمصر وإعادة حكم العسكر إلى السلطة، ودعم قوات حفتر في ليبيا ضد حكومة طرابلس المعترف بها دولياً، والتحكم بكل قرارات حكومة الحريري في لبنان، والتي بلغت حد اعتقال رئيس وزرائها وإجباره على قراءة بيان الاستقالة.
كما حاربت حكومة آل سعود الأنظمة الديمقراطية في العالم الإسلامي ومنها ماليزيا وباكستان وبنجلادش وتركيا، فيما تتجاهل معاناة الأقليات الإسلامية في ميانمار والهند، رغم ما تتعرض له من جرائم إبادة بحق رعاياها المسلمين.
ارسال التعليق