الخطوط السعودية تعين مكسيكي مسؤولا كبيرا بدل المواطن
فيصل العساف
كنت واحداً من قلائل المدافعين عن الخطوط الجوية العربية السعودية، ربما لأنها سعودية فقط، فالحمية غلبت على انفعالاتي تجاهها، خصوصاً وأنا أشاهد تلك الهجمات التي تتوالى عليها من قبل اغلب من جرب السفر على متنها. دائماً ما أنظر إليها من زوايا عدة مختلفة، لا تعني كثيرين، في مقابل ما يتوجب عليها القيام به كناقل رسمي، يتحكم في رقاب رغبات سفر السعوديين، فيحق للمسافر أن يقول: لا يهمني أوامر الإركاب التي تأتيها من أي جهة كانت، ولا يعنيني مديونيات تلك الجهات المستحقة لها، فأنا أدفع من جيبي قيمة الكرسي، وأستحق مقابل ذلك خدمة مؤهلة في الأرض وفي الجو.
وللخروج من حرج هفواتها المزمنة، فإنني أهرب في العادة إلى مقارنتها بعدد من شركات الطيران الأجنبية المهترئة، انطلاقاً من «شوف مصيبة غيرك تهون عليك مصيبتك»، والحقيقة أن تلك المقارنة تنجح غالباً في تهدئة حدة الانفعال الدائرة حولها، إلا أنها لا تلبث أن تستعر من جديد، مع كل رحلة يقوم بها صديق «لدود» على إحدى الشركات عالية الجودة!
أخيراً، لجأت الخطوط السعودية إلى قاصمة الظهر، التي لم يعد بمقدور أحد تجاوزها، فالمسألة ليست رمي حقيبة أو فقدانها، ولا هي شكوى مواطن مغلوب على أمره يتم تهميشها كما جرت العادة، وإنما راية الاستسلام التي رفعتها الشركة التي بنيت من جيوب المواطنين ، معلنة أن خبرة الـ 72 عاماً ليست كافية للمواطنين في تقلد بعض مناصبها المهمة، بمعنى آخر هي تعلن أنها «جابت الذيب من ذيله» باكتشافها أن استلام المواطنين المسؤوليات فيها هو السبب الرئيس في تأخر تقدمها، لذلك قررت الاستعانة بعد هذا العمر المديد بمدير تنفيذي ألماني مكسيكي، فيما المستشار لشؤون الإعلام والاتصال الخارجي سيدة من الجنسية اللبنانية، والحبل على الجرار في ما يبدو!
في الواقع، يمكن قبول هذا التعدي على عقل المواطن ، لكن الشواهد تؤكد عكس ذلك، متى كانت الاختيارات تتم بعناية، وتبحث قبل كل شيء عن المصلحة العامة، بعيداً عن لوثة المحسوبيات و«شد لي وأقطع لك» التي تنخر كالسوس جزءاً من منظومة العمل الوطنية.
في الحقيقة، تجاوزت الخطوط السعودية الخط الأحمر في الاستهتار بإمكانات المميزين من المواطنين، وكأننا بلد ناشئ، أو يعاني شح الموهوبين الأفذاذ! لست ضد الاستعانة بخبراء من جنسيات أخرى، لكن ذلك يمكن قبوله في تصنيع الطائرات يا ناقلنا الرسمي، وليس في تسيير الرحلات، أو تقديم أنفسنا للعالم كخطوط جوية تنافس على صدارة التميز.
هذا الباب لو تم فتحه فإن التساؤل قد يطاول الجهة المتعاقدة، وعن مدى أهليتهم في إدارة مؤسسة حكومية بهذا الحجم والأهمية، والسؤال الأبرز في هذا الصدد: لماذا لا يترجلون عن مناصبهم ليحل بدلاً عنهم أجانب ذوو كفاءة؟
ارسال التعليق