الخلافات المصرية السعودية تستعر
يرى مراقبون للتوتر الأخير في العلاقات السعودية-المصرية، إنما هو نتيجة مباشرة لتغيرات كبيرة شهدتها المنطقة والعالم منذ سنوات، لكنها شهدت ذروتها في الأسابيع الأخيرة.
وكان الخلاف السعودي المصري ظهر جلياً في غياب محمد بن سلمان، عن الاجتماع الذي استضافته أبوظبي أواخر العام الماضي، وضم قادة الإمارات والبحرين والأردن وقطر.
وبحسب خبراء، فإن السعودية تعترض على ما تصفه بالتفضيل المصري للجانب الإماراتي في الملف الاقتصادي في قطاعات بعينها خاصة قطاع الموانئ، إضافة إلى رغبة المملكة في شراء شركات مملوكة للقطاع الخاص وليست للحكومة المصرية.
الأزمة تضمنت أيضاً التأخير من الجانب المصري في تسليم جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية، مع انتهاء مهمة القوات الأمريكية هناك.
وفيما تبرر القاهرة موقفها بتحفظات فنية على بنود في الاتفاق، منها تركيب كاميرات في الجزيرتين التي تتعلق بهما الاتفاقية، فيما يفترض أن تستعين القوة متعددة الجنسيات الموجودة بالجزيرتين بتلك الكاميرات لمراقبة النشاط الجاري فيهما، وكذلك في مضيق تيران. ويرى خبراء أن الموقف المصري يأتي رداً على رفض المملكة تقديم مزيد من المساعدات الاقتصادية.
وفي مقاله المنشور الخميس في صحيفة "الجمهورية"، وهي واحدة من كبريات الصحف الحكومية في مصر، انتقد "توفيق"، هجوم وإساءة إعلام "دول شقيقة" لمصر، قائلا: "لا أدرى لماذا تثير قوة الجيش المصري العظيم وقدرته جنونهم وأحقادهم".
وأضاف مهاجما المملكة دون ذكرها صراحة: "الغريب أن يأتى الهجوم والإساءة من المفترض أنه شقيق.. لكن وإن كانت مصر تترفع عن الصغائر وممارسات الأقزام والصغار، لكنها لن تقبل بضغوط وابتزاز يدفع المنطقة إلى أتون الصراعات وتتلاشى معه كل مظاهر الأمن والاستقرار".
وتابع "توفيق": "لا يجب على الحفاة العراة التطاول على مصر، وإنه ليس من حق اللئام والأندال ومحدثي النعمة أن يتطاولوا على أسيادهم".
ورغم التراشق الإعلامي الأخير بين القاهرة والرياض على خلفية تباين وجهات النظر في عدد من الملفات، يمثل مقال "توفيق" تصعيدا غير مسبوق؛ بسبب اللغة التي استخدمها والتي يُمكن وصفها بأنها "عدائية" و"مسيئة".
كان اتفاق صندوق النقد الأخير مع مصر، وتململ السعودية الواضح من الالتزام بمواصلة تقديم المساعدات إلى مصر، أشعل شرارة التراشق الإعلامي بين الطرفين، وهو تراشق قاده على الجانب السعودي أكاديميين اثنين مقربين من الديوان الملكي، هما "تركي الحمد" و"خالد الدخيل"، الذين وجها انتقادات لاذعة لتعامل مصر مع الملف الاقتصادي، محملين المسؤولية عن تردي الأوضاع في البلاد إلى الجيش الذي يسيطر فعليا على الاقتصاد.
غير أن السعودية لم تكتفِ بالرسائل الإعلامية على لسان كتابها، لكنها بدأت في التعبير عن ضيقها عبر رسائل دبلوماسية، لعل أبرزها غياب المملكة مع الكويت، عن القمة الأخيرة التي استضافتها الإمارات في 19 يناير/كانون الثاني المنصرم، وجمعت زعماء مصر وقطر والبحرين وسلطنة عمان والأردن، وكان جزءا من جدولها هو بحث إغاثة القاهرة اقتصاديا.
وكان لافتا أن الغياب السعودي عن قمة أبوظبي كان هو الثاني بعد غياب عن تجمع سابق في مدينة العلمين المصرية، في أغسطس/آب من العام الماضي، وهو التجمع الذي ضم أيضا قادة الإمارات والبحرين والأردن والعراق.
في غضون ذلك، أشارت مصادر صحفية قبل أسابيع، لوجود "أزمة" تعتري العلاقات بين القاهرة والرياض على خلفية توجه الاستثمارات السعودية المرتقب ضخها في السوق المصرية، حيث ترغب المملكة في الاستثمار بشكل أكبر في القطاع الخاص، بينما ترغب مصر في الحصول على استثمارات مباشرة في الشركات الحكومية، وهو ما ترفضه الرياض لأنها ترى هذه الشركات غير مربحة، بحسب المصادر.
وقبل أيام، أثار وزير المالية السعودي "محمد الجدعان" الجدل حين قال إن "عهد المنح والمساعدات غير المشروطة لبلاده قد ولَّى"، وأن المملكة ستربط استثماراتها اللاحقة بـ"خطوات إصلاحية"، وهو ما اعتبره مراقبون إشارة مبطنة إلى بعض الدول المستهلكة للمساعدات السعودية وعلى رأسها مصر.
ارسال التعليق