الدول الخليجية.. خنوع لإهانات أمريكا وأسرائيل وانتقام من لبنان بسبب انتقاد قرداحي لحرب اليمن!
د. كاظم ناصر
أعلنت أربع دول خليجية هي المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، ودولة الكويت، ومملكة البحرين عن سحب سفرائها من لبنان، وطلبت من سفرائه مغادرتها خلال 48 ساعة؛ وفي موقف لافت انضمت قطر لدعم موقف الدول الأربع على خلفية التصريحات التي أدلى بها وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي قبل شهر من تعيينه في منصبه، وقال فيها ” إن الحوثيين يدافعون عن أنفسهم أمام عدوان خارجي ” وإن الحرب اليمنية ” أصبحت حربا عبثية يجب أن تتوقف.”
جورج قرداحي قال الحقيقة التي يعرفها العالم أجمع وهي ان الحرب التي قادتها السعودية، وشاركت فيها الإمارات والكويت والبحرين وقطر ودول عربية وإسلامية أخرى، ودعمتها الولايات المتحدة وإسرائيل وبعض الدول الأوروبية، والتي بدأت بتنفيذ ضربات جوية ضد اليمن في 25مارس 2015 وما زالت مستمرة، كانت حربا عبثية غبية بجميع المقاييس، لأنها تسببت في تدمير اليمن وقتل ما لا يقل عن 350 ألفا وتشريد وتجويع الملايين من ابنائه، وفشلت، ولن تجلب للسعودية ودول مجلس التعاون والعالم العربي سوى المزيد من الخراب والهوان والتفكك والبغضاء والتدخلات الأجنبية.
لكن ما يدعو للدهشة هو أن المملكة العربية السعودية التي أثارت هذه الحرب على لبنان لأن وزيرا لبنانيا انتقد حربها ضد اليمن، لم تحتج على إهانات وابتزاز الإدارات الأمريكية والأوروبية المتواصلة لها، وتجاهلت إهانات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، والرئيس الحالي جو بايدن الذي سمح بنشر تقرير الاستخبارات الأمريكية حول قتل جمال خاشقجي، ووصف الجريمة بالأمر ” الشنيع”، وطلبت إدارته من السعودية ” حل قوة التدخل السريع ” التي تورطت بقتله وتقطيع جثته، وتجاهلت تصريح رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي المتعلق بالحكم على الناشط عبد الرحمن السدحان بالسجن 20 عاما وتعذيبه، والذي قالت فيه” أشعر بقلق عميق إزاء تعذيب عامل الإغاثة خلال احتجازه”، ووصفت الحكم الصادر بحقه بأنه” استمرار لاعتداء السعودية على حرية التعبير”، وأدانت وزارة الخارجية الأمريكية في تقريرها عن حقوق الانسان خلال العام المنصرم ما وصفته ” بانتهاكات حقوق الانسان، واختراقات للحريات الشخصية والدينية، وافتقار الحكومة السعودية إلى الشفافية”، ناهيك عن انتقاد أعضاء الكونجرس ووسائل الاعلام الأمريكية التي لا تتوقف للنظام السعودي وأفراد العائلة المالكة!
إضافة الى ذلك فإنه من المدهش حقا أن قادة دول مجلس التعاون الخليجي الذين تخلوا عن القدس وفلسطين والجولان، وانبطحوا واستسلموا للإرادة الصهيونية، وطبعوا مع إسرائيل، وسكتوا عن اعتداءاتها المتكررة على الفلسطينيين والأماكن الإسلامية والمسيحية المقدسة ولم يحركوا ساكنا، قد زمجروا كالأسود، وأعلنوا الحرب على لبنان كرد على كلمة حق قالها وزير الإعلام اللبناني!
هذا الهجوم الخليجي الظالم على قرداحي ولبنان يتماشى مع حالة الإفلاس السياسي والأخلاقي التي يعاني منها حكام دول مجلس التعاون الخليجي، ويدل دلالة واضحة على ضعفهم، وهشاشة انظمتهم، وعجزهم الواضح عن مواجهة أعدائهم وأعداء أمتهم الحقيقيين وفي مقدمتهم أمريكا وإسرائيل، ويؤكد فشلهم في استخدام “الخطر الإيراني وتهديد حزب الله” كشماعة لتسويق وتبرير حربهم الظالمة على اليمن! فعن أي خطر يتكلم هؤلاء؟ وهل يصدق أي ” أهبل ” ان إيران وحزب الله، وليست أمريكا وإسرائيل هي التي تهدد وجودهم ووجود دولهم ومستقبل الأمة العربية؟
كاتب فلسطيني
ارسال التعليق