السعودية تؤجج الحرب الأهلية في ليبيا
نظم معهد “نوريا” الفرنسي للأبحاث والدراسات ندوة تحت عنوان “ليبيا.. صناعة الحرب الأهلية” بحضور لفيف من الباحثين والأكاديميين والإعلاميين في باريس.
واستهل جلال حرشاوي الأكاديمي الفرنسي، المختص بالشأن الليبي والباحث في معهدي “نوريا” و”كليجندال” في لاهاي، مداخلته بالتأكيد على أن الصراع في ليبيا تحول إلى شبه حرب أهلية تغذيها وتؤججها أطراف إقليمية ودولية، على رأسها الإمارات والسعودية اللتان مولتا وسلحتا اللواء المتقاعد خليفة حفتر.
وأوضح أنه قبل أيام فقط من هجوم طرابلس، استقبل ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز اللواءَ المتقاعد مثل زعيم دولة، ووعدته الرياض بملايين الدولارات مقابل السيطرة العسكرية على طرابلس.
وأشار حرشاوي إلى أن حفتر زار أبو ظبي بعد الرياض وحصل على أسلحة متطورة لبدء هجومه على طرابلس. ويرى الباحث أن أهم أسباب مساندة البلدين لحفتر ودعمه بالسلاح والمال يتمثل أساسا في عدائهما لما يعرف بالإسلام السياسي (لفظ يطلق على الحركات الإسلامية) ورغبتهما في القضاء على كل أشكاله في ليبيا.
وفي مداخلة لوولفرانغ لاشير الباحث الألماني المختص في الشأن الليبي، أكد أن ما تعيشه هذه البلاد حاليا من احتراب بين قوات حفتر وقوات حكومة الوفاق هو نفس سيناريو الثورة الليبية عام 2011 التي أطاحت بنظام القذافي.
وأوضح أن الليبيين بمختلف مشاربهم السياسية والجهوية من مصراتة والزاوية وطرابلس وغيرها من حواضر ليبيا يقفون في مواجهة دكتاتورية عسكرية جديدة تتمثل في حفتر وقواته.
واعتبر الباحث الألماني أن مختلف الفصائل المسلحة في طرابلس هي التي وقفت سدا منيعا أمام قوات حفتر، ولولا دفاعها المستميت عن العاصمة منذ أكثر من ثلاثة أشهر لكانت سقطت في يد قواته في بضعة أيام.
وتطرقت فاليري ستوكر الباحثة والصحفية المختصة بالشأن الليبي، إلى ملف المواجهة والصراع القبلي في هذا البلد، وكيف استغل حفتر هذا الملف من أجل تأليب القبائل الجنوبية ضد حكومة الوفاق في طرابلس.
كما اعتبرت أن التهميش الذي طال سكان الجنوب على مدى عقود، دفع العديد من سكانها وقبائلها إلى الانضمام لقوات حفتر من أجل الحصول على بعض الامتيازات والحقوق من خلال السيطرة على العاصمة طرابلس التي يعتبرونها بمثابة بؤرة للفساد السياسي في البلاد، ويرون أنها سبب تعاستهم.
وأضافت الباحثة الفرنسية أن قوات حفتر نجحت في استيعاب وضم عدد من الفصائل المسلحة الناقمة على الأوضاع السياسية والاجتماعية المتردية، من خلال سياسة الترغيب والترهيب.
وفي السياق نفسه، اعتبر ناجي أبو خليل الباحث بمعهد “نوريا” للأبحاث والخبير الأممي السابق في الملف الليبي أن حفتر اعتمد سياسة “السيطرة الاقتصادية” من خلال الاستيلاء بالقوة على موارد ومقدرات البلاد وإخضاع مؤسسات الدولة من خلال تعيين قادة عسكريين تابعين على رأس مختلف المؤسسات الحكومية في شرق وجنوب البلاد.
وقد صادرت قوات حفتر مختلف الشركات الخاصة -حسب الكاتب- وسيطرت على مختلف مصافي النفط في الشرق، وبدأت بتصديره للخارج بشكل غير شرعي وغير قانوني.
وكشف الخبير السابق أن قوات حفتر ضالعة في الاتجار بالبشر خصوصا المهاجرين من أفريقيا، من خلال سيطرتها على الحدود من جهة الجنوب التي يتدفق منها المهاجرون من دول الساحل والصحراء.
واختتم بأنه لا حل سياسيا يلوح في الأفق، وأنه في حال طال الصراع فإن هذا سيؤدي إلى تقسيم البلاد.
ارسال التعليق