السعودية والإمارات: «خلاف عائلي» بالأسلحة الثقيلة
قامت الإمارات جهارا نهارا بدعم كثيف لميليشيات «الانتقالي الجنوبي» الانفصالية في جنوب اليمن بمئات العربات العسكرية مما أدى لحسم هذه الميليشيات معركة الاستيلاء على عدن من أيدي الحكومة اليمنية التي يقودها الرئيس عبدربه منصور هادي، والتي تدعمها السعودية.
أدّت هذه النقلة الكبيرة في شطرنج السياسة اليمنية إلى خلط كبير للأوراق يجعل من حكومة هادي بين كماشتي انفصاليي الجنوب، الذين تابعوا قضمهم لمواقع الشرعيّة المعترف بها دوليا في عدن ومينائها وأبين والاستعداد للسيناريو نفسه في تعز، العاصمة الثانية لليمن؛ وحوثيي الشمال الذين استولوا على العاصمة صنعاء عام 2014، ويتابعون هجماتهم على الجبهات اليمنية المتعددة إضافة إلى قصفهم المتكرر بالصواريخ والطائرات المسيرة واشكال أخرى من الاشتباك العسكري مع السعودية منذ تدخلها العسكري في اليمن، تحت عنوان «التحالف العربي»، عام 2015.
أربكت الحركة الأخيرة الكثير من «زبائن» العلاقات «الأخوية» بين أبوظبي والرياض، واحتار «الذباب الالكتروني» في كيفية التعامل مع الواقعة، فتابع البعض حكاية «الإماراتي سعودي والسعودي إماراتي» مستشهدا مثلا باستقبال «الأمير خالد الفيصل من قبل وفد الإمارات وعلى رأسهم الشيخ شخبوط آل نهيان خلال رعايته حفل سوق عكاظ».
فيما انقسم اليمنيون أنفسهم ضمن الأطراف الرئيسية الثلاثة، فالانفصاليون يحاولون تغطية عمليات الهجوم والنهب الذي رافقه بالهجوم المعتاد على «الإخوان» و«الشرعية المختطفة»، والحوثيون يشمتون بخصومهم جميعا ويتحينون الفرصة للانقضاض على الجميع.
وأنصار الحكومة وبعض السعوديين يؤكدون على الطابع «الانقلابي» لما فعلته الإمارات، وأنه لا يختلف عن انقلاب الحوثيين و«كلهم ألعن من بعض والضحية المواطن اليمني»، كما قال أحد الناشطين.
وبينما انبرى بعض المسؤولين الإماراتيين للتحريض المكشوف على الحكومة اليمنية فقد حافظ المسؤولون السعوديون على «شعرة معاوية» مع « حليفهم» الإماراتي.
لكنّهم سمحوا، في الوقت نفسه، بعد تردد، لحكومة الرئيس هادي للتنديد بأفعال أبوظبي واعتبارها مسؤولة بشكل مباشر عن «التمرد المسلح» و«الانقلاب العسكري» رافعة شكوى رسمية ضدها خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي لبحث الأوضاع في اليمن، مع الإشادة بدور السعودية في مساندة الشرعية.
لا يمكن النظر إلى التحرّك الإماراتي في اليمن من دون ربطه بالالتفافة التي شهدتها سياسة أبو ظبي نحو إيران، ولا يحتاج الأمر لكثير عناء ليلاحظ أن موقف دعم الانفصاليين ومحاولة التخلص من حكومة هادي يصبّ بشكل غير مباشر في مصلحة السياسة الإيرانية ويضع السعوديين، وليس حلفاءهم اليمنيين فحسب، في موقع صعب.
فالهجمات الحوثية تزداد حدة، والإيرانيون يزدادون شراسة، وفوق إعلان الانسحاب الإماراتي من اليمن، والذي عنى طبعا الانسحاب من الحرب ضد الحوثيين وإيران، اختاروا الضرب على الحديد الحامي وجاءت الضربة على رأس «الحليف» السعودي وأنصاره.
وعليه فهل نصدق قصة «الإماراتي سعودي والسعودي إماراتي»، ونحتفل بأخوة الأمير خالد الفيصل والشيخ شخبوط في «سوق عكاظ» أم نصدّق معارك الصواريخ والطائرات المسيرة والناقلات؟
ارسال التعليق