السعودية والإمارات.. خلاف على محمية الياسات ومراسلات عبر هيئة الأمم المتحدة
بدت مؤخرا الخلافات الحدودية العربية أكثر انتشارا عن ذي قبل فبعد المغرب والجزائر وخلافهما حول موضوع الصحراء الغربية ومصر وأثيوبيا وموضوع سد النهضة تداولت وسائل الإعلام المختلفة خلاف السعودية والإمارات حول محمية الياسات بعد سنوات طويلة من ركودها.
حيث أكدت الإمارات على أن "محمية الياسات" تقع في المياه الإقليمية التابعة لها، مؤكدة أنها "لا تعترف للسعودية بأي مناطق بحرية أو حقوق سيادية أو ولاية بعد خط الوسط الفاصل بين البحر الإقليمي لدولة الإمارات والبحر الإقليمي للسعودية المقابل لمحافظة العديد"، حسبما أظهرت وثيقة أممية.
وذلك في رسالة مرسلة للأمين العام للأمم المتحدة، ردا على رفض السعودية لإعلان أبوظبي أن "الياسات" منطقة بحرية محمية، وفي ردها على ذلك اعتبرت الرياض أن ذلك "يتعارض مع القانون الدولي".
وأكدت وزارة الخارجية الإماراتية في رسالتها الأخيرة مجددا على أن الإمارات ظلت منذ عام 1975 "تبلغ السعودية عبر الرسائل بأن أجزاء من اتفاقية عام 1975 لا يمكن تنفيذها بصيغتها الحالية وطالبت بتعديلها".
وكان لافتا تجديد الإمارات التأكيد على عدم رضاها عن الاتفاقية الحدودية الموقعة بين البلدين عام 1974.
وقالت: إن مسؤوليها وشيوخها بدؤوا من 1975 بمخاطبة السعودية في عهد الملك خالد بن عبد العزيز ومن تبعه، بأن بعض بنود الاتفاقية الحدودية بين البلدين غير قابلة للتنفيذ.
ووفقا لوثيقة رسمية نشرها موقع الأمم المتحدة، مؤرخة في الـ18 من آذار 2024، تقول رسالة من وزارة الخارجية السعودية موجهة إلى الأمين العام للأمم المتحدة: إنها "لا تعتد ولا تعترف بأي أثر قانوني" لإعلان الإمارات أن "الياسات" منطقة بحرية محمية وذلك حسب المرسوم الأميري رقم 4 الصادر عام 2019.
وقالت الخارجية السعودية، وفقا للمذكرة الأممية: إن المملكة "لا تعترف.. بأي إجراءات أو ممارسات يتم اتخاذها أو ما يترتب عليها من حكومة الإمارات في المنطقة البحرية قبالة الساحل السعودي".
وأضافت: إن السعودية "تتمسك بكل حقوقها ومصالحها، وفقا لاتفاقية الحدود المبرمة بين البلدين في الـ21 من أغسطس 1974 الملزمة للطرفين وفقا للقانون الدولي العام"، حسب المذكرة التي تعتبرها الحكومة السعودية "وثيقة رسمية" وطالب الأمم المتحدة بتعميمها.
وحسب وزارة التغير المناخي والبيئة في الإمارات، فإن منطقة "الياسات" البحرية تضم 4 جزر مع المياه المحيطة بها، وتقع في أقصى جنوب غرب أبوظبي.
و"الياسات" منطقة بحرية تابعة لإمارة أبوظبي تقع بالقرب من المياه الإقليمية للإمارات التي أعلنت عنها منطقة بحرية محمية لأول مرة عام 2005.
وبعد الكشف عن وثيقة قبل شهور لدعوى أقامتها السعودية ضد الإمارات للمطالبة بجزيرة "الياسات"، فقد تمسكت الإمارات بما يعرف بـ"خطوط الأساس المستقيمة" لحدودها البحرية المعلن عنها بقرار حكومي صدر عام 2022.
وفي تفاصيل الموضوع فإن الإمارات تعتبر أن "المياه الموجودة على الناحية المواجهة لليابسة من خطوط الأساس المستقيمة" التي أعلنت عنها في القرار الحكومي "مياه داخلية لدولة الإمارات".
ويأتي هذا التطور بعد شهور من تقديم الحكومة السعودية شكوى لدى الأمم المتحدة ضد الإمارات، بشأن إعلان أبوظبي لمنطقة الياسات منطقة بحرية محمية.
واتهمت الرياض في خطاب موجه للأمم المتحدة أبوظبي بالتعدي على حدود المملكة، عبر إصدار السلطات الإماراتية مرسوما أميريا عام 2019، يعلن الياسات “منطقة بحرية محمية”.
وأكدت السعودية رفضها هذا الإعلان، وأنه لا يعتد به ولا تعترف به، ولا تعترف بأي أثر قانوني له، مبينة أنها تتمسك بحقوقها ومصالحها كافة، وفقا للاتفاقية المبرمة بين البلدين في العام 1974 والملزمة للبلدين وفقا للقانون الدولي.
هذا ويذكر أن الخلاف حول "الياسات" مرتبط بنزاع تاريخي على منطقة "البريمي" التي تضم "الياسات"، وقد تمّ حلّ هذا النزاع جزئياً باتفاقية جدة عام 1974، لكن بقيت بعض المناطق، بما في ذلك "الياسات"، موضع خلاف.
ويبلغ طول الحدود البرية بين السعودية والإمارات نحو 457 كيلومترًا (284 ميلًا)، وتمتد هذه الحدود من الخليج الفارسي في الغرب حتى النقطة الثلاثية مع سلطنة عمان في الشرق، وتمرّ عبر صحراء الربع الخالي.
ويعود الخلاف التاريخي بين البلدين إلى سنوات طويلة، فعلى الرغم من توقيع اتفاقية جدة عام 1974، والتي قضت بتنازل السعودية عن جزء من واحة البريمي، مقابل تنازل الإمارات عن 50 كم من ساحلها، وتنازلها عن حقل الشيبة النفطي (ينتج نحو 500 ألف برميل يوميا)، فإن الخلافات استمرت بين الطرفين.
وتقع "الياسات" بالقرب من حقول نفطية بحرية، ما يجعلها منطقة ذات أهمية اقتصادية كبيرة لكل من الإمارات والسعودية.
ووفقا لمصادر إعلامية فإن الخلاف الحدودي بين البلدين بدأ يخرج للسطح مجدداً في أواخر شهر فبراير الماضي، حيث تحدث مسؤولون خليجيون عن توتر في العلاقات بين البلدين على قاعدة الخلاف الحدودي، وأرجعت الخلافات آنذاك إلى تولي حاكم أبوظبي السابق الشيخ خليفة بن زايد السلطة خلفاً لوالده الشيخ زايد، حيث بدأ الشيخ خليفة بفتح الملف الحدودي مع السعودية.
ووفقا لتلك المصادر الإعلامية فقد فوجئت مصادر سعودية بفتح الملف مجدداً كون الخلاف الحدودي قد جرت تسويته بموجب اتفاقية وقعت بين البلدين في بداية السبعينيات، وكان الحاكم الجديد في الإمارات قد أثار فور توليه السلطة موضوع الحدود مع المسؤولين السعوديين في كانون الأول من العام الماضي، ولكن الجانب السعودي رفض التفاوض في هذا الشأن، وتمسّك بالاتفاقية الحدودية المبرمة في جدة في أغسطس سنة 1974 والتي بموجبها حصلت الرياض على خور العيديد الذي يشمل منطقة ساحلية بطول 25 كم تقريباً، وهي المنطقة التي فصلت أراضي أبو ظبي وقطر، كما حصلت على جزء من سبخة مطي وقرابة 80% من آبار الشيبة النفطية، والتي تضم حوالي نحو 20 مليار برميل من النفط، إلى جانب 650 مليون متر مكعب من الغاز.
ارسال التعليق