الشركات السعودية تواجه أوضاعا صعبة والبورصة تئن
تئن الشركات السعودية ومعها البورصة المحلية "تداول" تحت وطأة تداعيات تراجع أسعار النفط بالأسواق العالمية إلى مستويات قياسية وتأثيرات الأزمة الخليجية، ويؤكد خبراء استطلعت الجزيرة نت آراءهم أن التوقعات بتواصل انخفاض أسعار الخام وتباطؤ النمو الاقتصادي وتوجه المملكة لخصخصة بعض الخدمات الرئيسية ستزيد من متاعب هذه الشركات سواء من جهة ربحيتها أو تفاقم حجم ديونها.
ويقول المستشار الاقتصادي والمحلل المالي بشير يوسف الكحلوت إن انخفاض مؤشر السوق المالي السعودي من مستوى 11 ألف نقطة عام 2014 إلى نحو سبعة آلاف نقطة حاليا يعود إلى انهيار أسعار النفط بالأسواق العالمية إلى أكثر من النصف في العام 2016 وحده.
وتوقع أن تظل أسعار النفط الخام منخفضة، وقد تتراجع إلى نحو 40 دولارا للبرميل بفعل استمرار فائض المعروض وتراجع مستويات التزام الدول المصدرة للنفط باتفاق تثبيت الإنتاج، الأمر الذي سيمارس ضغوطا أقوى على اقتصاد السعودية، ومن ثم على سوقه المالي.
وأوضح أن شركات الصناعة البتروكيميائية -وفي مقدمتها شركة سابك- تشكل مكونا أساسيا بالسوق المالي السعودي، وأن أي تراجع لأرباح هذه الشركات سينعكس سلبا على أداء السوق وعلى أحجام التداول والمؤشر العام، وهذا ما حصل بالفعل مع توالي انخفاض أسعار النفط.
ولفت الكحلوت إلى أن الاقتصاد السعودي كان يستفيد من منظومة مجلس التعاون الخليجي بما يتيحه للصادرات السعودية من منافذ ومزايا، غير أن أزمة حصار قطر كانت لها تداعيات سلبية على تصدير المنتجات الزراعية والسلع الغذائية للشركات السعودية إلى قطر، وتوقع أن يؤثر ذلك سلبا على ربحية هذه الشركات، ومن ثم على أسعار أسهمها في سوق المال السعودي.
ضربة
وقال الكحلوت للجزيرة نت إن بعض الأسواق الخليجية ستحاول البحث عن موردين آخرين بعيدا عن الاعتماد على الشركات السعودية، تحسبا لأي تأثير محتمل لانحسار دور منظومة مجلس التعاون، وهو ما سيوجه -برأيه- ضربة للشركات السعودية التي ستواجه تحدي البحث عن أسواق بديلة لتصريف فائض إنتاجها، مما سينعكس سلبا على نتائجها المالية.
وأضاف "إذا كانت الشركات البتروكيميائية قد تأثرت بتقلبات أسعار النفط، فإن الشركات الغذائية والزراعية ستتأثر أيضا بتراجع حجم تجارتها مع الخارج بفعل تداعيات الحصار على قطر، وهذا الأمر سيخفض من أرباحها ومن ثم ستنخفض أسعار أسهمها".
من جهته أكد الرئيس التنفيذي لإدارة الأصول في شركة فورترس للاستثمار مصطفى فهمي أن شركات الإسمنت بالسعودية تواجه تحديا كبيرا بشأن ارتفاع حجم مخزوناتها وتراجع مبيعاتها بنسب قياسية بفعل انخفاض أداء القطاع العقاري بالمملكة، تزامنا مع تقلص حجم الإنفاق الحكومي وانقطاع التوريد نحو السوق القطري الذي يمثل رقما مهما بالنسبة لهذه الشركات
وقال للجزيرة نت إن المعطيات تشير إلى انخفاض مبيعات شركات الإسمنت بالمملكة بنحو 40% في شهر يونيو/حزيران الماضي -شهر الحصار- قياسا إلى مستويات انخفاض بنحو 15 إلى 20% منذ بداية العام، وهو ما يدلل برأيه على أن الحصار قد ضاعف من معاناة هذه الشركات.
وتوقع في هذا السياق أن تتراجع ربحية هذه الشركات، في وقت ستتأثر قيمة الأسهم بالنسبة لتلك المدرجة بالبورصة السعودية.
وتشير البيانات إلى أن أرباح شركة سابك -إحدى كبرى الشركات المدرجة بالبورصة السعودية- تراجعت بأكثر من 23% ما بين عامي 2014 و2016، بحسب موقع أرقام، في حين سجلت تحسنا بالربع الأول من العام الحالي.
تعثرات مالية
ولفت مصطفى فهمي إلى أن اتساع حجم الديون والتعثرات المالية بالنسبة لعدد من الشركات السعودية يلقي بظلاله على أدائها، ويهدد عددا منها بإعلان الإفلاس مثلما حصل مع شركة سعودي أوجيه التي سرحت عشرات الآلاف من الموظفين مما سيؤثر على سوق العمالة.
وتحدث عن تحديات أخرى تواجه الاقتصاد السعودي من بينها توجّه المملكة نحو خصخصة عدد من الشركات الحكومية وبقطاعات حساسة لتحصيل مداخيل تمكن من مواجهة عجز الموازنة، وهو ما سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الخدمات المقدمة من قبل هذه الشركات في مقابل انخفاض الأجور، مما سيقلص- بحسب مصطفى فهمي- من قدرة المواطن السعودي على الادخار وتوجيه جزء منه لشراء حصص بالبورصة السعودية.
كما تحدث عن تحد آخر يحاصر المملكة ويتعلق الأمر ببدء عملاء للسعودية -مثل الهند كثالث مستورد للنفط بالعالم- بالبحث عن أسواق نفط جديدة مثل السوق الأميركي لتلبية احتياجاتها حتى لا تقع أسيرة للتقلبات الجيوسياسية بمنطقة الشرق الأوسط، وحتى تواجه تداعيات الأزمة الخليجية في ظل حصار قطر.
ويقول محلل مالي فضل عدم ذكر اسمه إن تراجع الإيرادات الحكومية وضعف معدلات النمو الاقتصادي، نتيجة الاعتماد على النفط كمورد رئيسي ألقى، بظلاله على الأداء المالي للشركات السعودية.
واعتبر أن انخفاض مؤشر البورصة السعودية "تداول" إنما هو انعكاس للأداء الضعيف للاقتصاد السعودي، ورأى أن عدم تحرك الدولة للاستثمار في البورصة المحلية لمواجهة ضعف أحجام التداولات بعث برسائل سلبية للمتعاملين.
وتشير توقعات صندوق النقد الدولي إلى أن الاقتصاد السعودي سينمو بوتيرة أبطأ العام الحالي بنسبة 0.4% بسبب انخفاض إنتاج النفط والإجراءات الخاصة بضبط الأوضاع المالية.
كما أن بيانات رسمية أظهرت أن الناتج المحلي المعدل في ضوء التضخم انخفض 0.5% خلال الثلاثة الأشهر الأولى من العام الحالي على أساس سنوي، مسجلا أول هبوط منذ العام 2009.
ارسال التعليق