القمة تفضح المآرب: الرياض تحوك عباءة إذلال القاهرة
أفادت صحيفة البديل المصرية بان من المقرر أن يتوجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى المملكة العربية السعودية في الـ 23 من أيار/مايو، في أول رحلة خارجية له، وهذه أول زيارة في التاريخ لرئيس أميركي لدولة عربية أو إسلامية في زيارته الخارجية الأولى وقبل زيارة ترامب للسعودية التقى ترامب بولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في آذار/مارس الماضي، ووصف اجتماعهما بأنه إعادة لترتيب العلاقات الأميركية السعودية ولا الأمريكية العربية وأنه لا يزور أي واحدة من العواصم العربية بل طلب من زعماء الدول العربية أن يلتقوا به في الرياض.
وهذه هي أمنية المملكة العربية السعودية وغرضها الرئيسي الذي تتابعها دائماً وهو أن تصبح قلب العالم العربي النابض وأن الرياض تكون عاصمة منطقة الشرق الأوسط كما يصبح للسعودية دور قيادي يقصدها الكثير من حكام العرب وتصير كل البلدان العربية جزءا من الأراضي السعودية أو بتعبير آخر تصبح كل دول الخليج محافظات أو مدن أو قرى أو حتى موانئ تابعة للمملكة العربية السعودية حيث تسعى السلطات السعودية للسيطرة على كل العالم العربي بسرية وتحفظ تام.
كما أدرك الكثير من المحللين الموضوعيين وأصحاب الأقلام والرايات في الفترة الأخيرة أن السعودية تحاول جادة وعازمة النية أن تسيطر على العالم العربي بذرائع مختلفة بما في ذلك مجابهة الإرهاب الأسود المتمثل في داعش والقاعدة والذي عملت هي بالذات على صنعه والهجوم على البلدان العربية التي لا تخضع أمام سياساتها التوسعية والعدائية عسكرياً واقتصادياً كما فعلته باليمن وما فعلته بالشعب المصري لاحتلال تيران وصنافير.
ومع توجه زعماء الدول العربية إلى المملكة العربية السعودية والخضوع لمركزية الرياض يتضح لنا الأمر أكثر من قبل إذ تصبح جميع الحدود الجغرافية الموجودة بين هذه البلدان والشعائر والأعلام والأنشدة الوطنية عديمة الاعتبار فلهذا لا يعترف ترامب بهذه البلدان كدول مستقلة فلا يزور زعماء هذه الدول في عواصمهم بل يدعوهم إلى الرياض التي يعتبرها عاصمة العالم العربي كما أنه يعتبر المملكة العربية السعودية زعيمة كل منطقة الشرق الأوسط إذ أنه يرى زيارته لهذه البلدان تحط من شأنه بصفته رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية.
وهل هذا هو حق الشعوب العربية عامة وحق الشعب المصري خاصة أن تكون تابعة لإبن عبدالعزيز وأن يلتقي رئيس أكبر جمهورية في منطقة الشرق الأوسط برئيس الولايات المتحدة الأمريكية في عاصمة بلد آخر؟ وهل حدث شيء ما حتى تغيرت الحال بانتقال مقر الجامعة العربية من القاهرة وشرم الشيخ إلى الرياض؟
بعض الأصوات الغربية الأكثر عقلانية تدرك أن السعودية كانت ولا تزال حليفا صادقا وموثوقا وغير متغير منذ أكثر من سبعة عقود للغرب رغم تنازل هذا الحليف عن قيمه الدينية وثوابته العروبية، لهذا فإن الحفاظ عليه ودعمه في إخضاع الشعوب العربية الأخرى وجعلها تابعة له قد يكون أمراً واجب الوجود. فلهذا بدأت أميركا في دعمها لهذا الحليف بشكل واسع على كل من الأصعدة الاقتصادية والعسكرية إذ نفذت في المجال العسكري المزيد من الضربات الجوية هذا العام في اليمن عما كانت عليه في عهد باراك أوباما في عام 2016، كما اقترب المسؤولون الأميركيون من الموافقة على بيع “ذخائر موجهة بدقة” إلى المملكة العربية السعودية كانت محظورة في عهد أوباما وفي المجال الاقتصادي نرى أن شركة “أرامكو” اشترت مصفاة “بورت آرثر” النفطية في ولاية تكساس الأميركية بنسبة 100 بالمئة، لتكون بذلك أكبر مصفاة في أميركا الشمالية (أي في الولايات المتحدة وكندا معاً) قد أصبحت تحت سيطرة وتحكم الشركة السعودية “وهو ما يعزز وصولها إلى سوق الطاقة الأميركي المربح في هذا الوقت الحرج”، في إشارة واضحة إلى مدى تفهم إدارة ترامب لضرورة وجود السعودية لتحقيق مصالحها في الشرق الأوسط .
ولكن الأمر الذي يجب أن يدركه العالم العربي هو أن واشنطن بسياساتها البراغماتية آخر ما ترغب فيه في العقود القادمة هو أن يشتعل الخليج العربي بمواجهات عسكرية تستخدمها كمبرر لتواجدها في الخليج وأداة لتحقيق مصالحها وتوطيد السلطة الإسرائيلية في الشرق الأوسط وتضعيف الدول الاسلامية الأمر الذي لا ولن تدركه السلطات السعودية أبدا إذ أنها لا تساوي إلا قطعة من قطع الشطرنج التي تحركها الولايات المتحدة كيفما شاءت ومتي ما شاءت.
والامر الثاني الذي يجب ألا نغفل عنه هو أن المحطة الثانية التي يقصدها ترمب بعد الرياض هي تل أبيب وهذه تفسر سبب رحلته إلى الرياض والتقائه بالسلطات السعودية وزعماء الدول والحكومات العربية إذ أن الكل يعلم أن لآل سعود بوساطة أو دون وساطة علاقات عميقة مع السلطات الإسرائيلية ومن ناحية أخرى الكثير من الحكومات العربية قد قدمت زمام أمورها إلى الرياض، وأن الرياض في العقدين الأخيرين قدمت زمام أمورها إلى واشنطن كما أن بعد تجربة الرياض الأخيرة والناجحة في الاستولاء على تيران وصنافير لصالح إسرائيل هذه تكون أفضل هدية من ترامب لتل أبيب أن يقدم لها ملكية العالم العربي بقيادة الرياض.
16/5/2017
ارسال التعليق