المزيد من الهدر في تمويل "السعودية" لشركات طيران أجنبية
في الوقت الذي يرتفع الدين العام في "السعودية"، لا تزال السلطات تواصل تطبيق سياسات تنويع الاقتصاد التي تُعرف برؤية 2030، القائمة على مبدأ تقليل الإعتماد على النفط كمصدر أساسي للثروة في البلاد. والواقع أن النفط لا يزال يحتلّ الصدارة في مصادر الثروة، في حين تفشل القطاعات الأخرى بتحقيق أرباح مماثلة، بل على العكس تكلّف الخزينة المزيد من الأعباء الماليّة، كحال شركات الطيران المحليّة.
وسط تحذيرات خبراء الاقتصاد من هدر الثروات المالية في "السعودية"، لا تزال الأخيرة تخصّص ميزانيّات كبيرة لصرفها على مشاريع توصف بالهامشيّة، لانتفاء أثارها على تحسين الاقتصاد المحلّي. وفي هذا الإطار يُدرج عرض "السعودية" لشركات الطيران التي تُشغّل مسارات غير مربحة للمدن العالمية الكبرى، لتعزيز وصول السيّاح وتحقيق هدف جذب 100 مليون زائر سنوياً بحلول عام 2030.
المشكلة في القرار المعلن وفق مراقبون أنه يعمل على المدى الطويل، أي أنه ليس ثمّة فوائد حالية تذكر على الاقتصاد في الوقت الحالي، هذا إذا نجح، وبالتالي ليس ثمة حلول تذكر للواقع الاقتصادي حالياً في الوقت الذي تحتاج فيه البلاد لذلك بشدّة وبأسرع وقت ممكن. وإذا فشل، فإنه سيكون استنزاف طويل الأمد لأموال الخزينة.
في حديثه عن المشروع، أوضح وزير السياحة أحمد الخطيب، خلال مقابلة أن السلطات السعودية تعرض الدعم كجزء من برنامج الربط الجوي، وتجري محادثات مع شركات الطيران حول الخطة المفتوحة لأي ناقل لتلقي الدعم. ووقعت "السعودية" بالفعل صفقة مع شركة الخطوط الجوية السعودية لتسيير رحلات إلى زيورخ وبرشلونة كجزء من البرنامج.
الخطيب ذكر أن الهدف الرئيس "هو تدشين رحلات مباشرة إلى أسواقنا الرئيسية المستهدفة، سيعوض البرنامج شركات الطيران لتغطية خسائرها من الرحلات الجوية المباشرة إلى هذه المحاور المهمة جداً بالنسبة لنا". وتابع، "سيأتي التمويل مباشرة من الحكومة، على الرغم من أنه لم يتضح على الفور كم سيكلف. وقال الخطيب: "علينا التفاوض مع كل شركة للوقوف على حجمه، مضيفاً أن تفاصيل ميزانية البرنامج ستكون متاحة العام المقبل".
ولفت الخطيب إلى أنه بعد تحديد أوجه نقص التوصيل، طلبت السلطات من شركات الطيران بدء الرحلات المباشرة، كما أن إطلاق شركة نقل جديدة مملوكة من قبل صندوق الاستثمارات العامة من شأنه أن "يسد فجوة كبيرة في عدد الخطوط المتجهة إلى السعودية" وفقاً للخطيب الذي يشغل عضوية مجلس إدارة الصندوق. وأشار إلى أن "وزارة السياحة تستهدف 12 مليون سائح أجنبي هذا العام، حيث تسير السياحة على المسار للمساهمة بنحو 4% من الناتج الاقتصادي. بحلول عام 2030 تريد الحكومة أن تصل ذلك إلى 10% من الناتج الاقتصادي".
شهدت "السعودية" بين عامي 2014 و2015 أزمة حقيقية مع انهيار أسعار النفط، في الوقت الذي وصل فيه الانفاق عام 2015 إلى 260 مليار دولار. والواقع أن "السعودية" تمتلك اقتصاداً ريعياً يعتمد على القطاع النفطي بنسبة تقارب 90%، مع معدلات بطالة وصلت إلى أكثر من 12% يقابلها دخول مليوني شاب سعودي إلى سوق العمل سنوياً أي ان النسبة في ازدياد دائم ومطرد. فيما تشير تقديرات غير رسمية أن نسبة البطالة تجاوزت الـ 35 %.
علاوةً على ذلك، طرح ولي العهد مشروع رؤية 2030 لإنقاذ الاقتصاد السعودي من الانهيار والذي يعتمد على "الابتعاد عن الاقتصاد النفطي والاعتماد على اقتصاد أكثر تنوعاً، والاهتمام بالقطاع الخاص واعداد البنى التحتية الجاذبة للاستثمارات الأجنبية". أنشأ لأجل ذلك "صندوق استثمار سيادي" ضخم، ترتكز الرياض في تمويله على بيع 5% من أسهم أرامكو. فيما يرى خبراء اقتصاديون أن تمويل هذا الصندوق يحتاج إلى بيع حوالي 49% من أسهم أرامكو مع تحفظ عدد من المستثمرين الدوليين بعد الضربات التي تتلقاها من اليمن حيث أصبحت معرضة للقصف في أي وقت. حملت هذه الخطة نفسها أسباب فشلها، والسبب بحسب خبراء اقتصاديون أن "السعودية" ببنيتها وتركيبتها الاقتصادية والإدارية والسياسية والثقافية، تحول دون نجاح هذه الرؤية.
ارسال التعليق