انفراج صراع السعودية وإيران لا يضمن إنهاء توترات المنطقة
اعتبرت الكاتبة السعودية المعارضة "مضاوي الرشيد" الاستنتاج بشأن الانفراج السعودي الإيراني وانتهاء تأثير الصراع بين البلدين على توتر المنطقة "سابقا لأوانه"؛ مؤكدة أن أكبر التهديدات الأمنية التي تواجهها طهران والرياض "محلية" وليست إقليمية.
وذكرت "مضاوي"، في مقال نشرته بموقع "ميدل إيست آي" البريطاني، أن كلا الطرفين انهمكا في التنافس الإقليمي من أجل تهدئة واحتواء واسترضاء جماهيرهما المحلية، وكلاهما سعى من خلال هذا الصراع لاستعراض القوة إقليميا وإسكات المعارضة داخلياً.
وأضافت أن انعقاد 4 اجتماعات مؤخراً في بغداد بين السعوديين والإيرانيين، واجتماع آخر في نيويورك، لا يعني القفز نحو الاستنتاج بأن البلدين الخصمين يوشكان على إنهاء عقود من التوتر والتنافس، مشيرة إلى أن "أفضل ما يمكن أن ينجم عن ذلك هو وقف التراشق باللغة العدائية، واستئناف الدبلوماسية الرسمية وإبرام اتفاقيات تجارية جديدة يمكن أن تساعد البلدين اقتصادياً في ظروف بالغة الصعوبة".
ولفتت الكاتبة السعودية إلى أن المحادثات بين الرياض وطهران بقيت محاطة بالسرية، ما يشير إلى بطء التقدم في مسارها، هذا لو كان هناك تقدم بالفعل.
وتابعت: "بالإضافة إلى ما نشر مؤخراً من تقارير حول استئناف العلاقات التجارية وما ورد من مؤشرات إيجابية فيما يتعلق بالبعثتين الدبلوماسيتين في كل من طهران والرياض، المغلقتين منذ عام 2016، ثمة حاجة للاتفاق على العديد من الملفات ذات العلاقة بالشؤون الإقليمية، والتي استغلها الطرفان لتحقيق غايات داخلية تتعلق بكل واحد منهما".
وفي السياق، نوهت "مضاوي" إلى أن السعودية طالما تحدثت عن التهديد الإيراني الخارجي من أجل إسكات كل من ينتقد قيادة المملكة وقمع المعارضة الداخلية وإشاعة مناخ من الخوف والقلق، مشيرة إلى أن ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" أراد تحقيق نصر على إيران في اليمن والخروج من الحرب في صورة المقاتل الذي عمل على وقف التمدد الإيراني في العالم العربي، إلا أن تعهداته تلك لم تترجم على أرض الواقع.
وإزاء ذلك يجد "بن سلمان" نفسه مجبراً على الجلوس إلى طاولة المفاوضات، سعياً وراء مساعدة الإيرانيين وحلفائهم الحوثيين في إنهاء الحرب التي دمرت اليمن وأهدرت الموارد السعودية، وأخفقت في تتويجه بطلاً عسكرياً لا ينازع، بحسب الكاتبة السعودية العارضة.
وأضافت: "إذا كان ولي العهد يخوض حربا أبدية مع جمهورية إسلامية توسعية ومع خصم شيعي يساند المليشيات التي تعقد العزم على تقويض الأمن السعودي وتنتشر قريباً من الحدود، فبإمكانه حينذاك أن يقنع السعوديين بأنهم يخوضون حرباً أبدية في مواجهة تهديد وجودي".
وفي المقابل، ترى "مضاوي" أن طهران يناسبها إقناع الإيرانيين بأنهم محاطون من قبل بلدان معادية لديها ثروات نفطية هائلة تمكنها بمساعدة من الولايات المتحدة من شن حرب داخل الأراضي الإيرانية، مشيرة إلى أن إيران عملت في الماضي على استغلال تظلمات السكان الشيعة في السعودية، وعمدت إلى قطع العلاقات الدبلوماسية مع المملكة احتجاجاً على إعدامها لـ"نمر النمر" في عام 2016، حيث تقدم نفسها على أنها القيمة على مصالح الشيعة، الأمر الذي يزعج الرياض.
واستغلت السعودية هذا التضامن الإيراني، بحسب المقال، لقمع معارضيها من الشيعة، الذين توجد لديهم تظلمات مشروعة، بحجة أنهم عملاء لإيران، يشكلون طابوراً خامساً بين ظهراني المسلمين السنة في أرض الحرمين الشريفين.
وفي المقابل، انتقدت إيران إدارة السعودية لموسم الحج، وارتفعت كثير من الأصوات فيها مطالبة بسحب مدينة مكة المقدسة من الوصاية السعودية وتحويلها إلى ما يشبه الفاتيكان الإسلامي، يديره مجلس من المسلمين، وهو مطلب لا يمكن أن يخطر ببال ملك سعودي الاستجابة له.
وبحسب الكاتبة السعودية المعارضة، فإن هذا التنافس أضفى على الصراع السياسي رداء من الخطاب الطائفي، ليتم تهويل حجم الانقسام السني الشيعي في الطرفين وبالتالي تغذية الكراهية والعنف.
كيف إذن تضمن المنطقة إنهاء لحالة التوتر فيها؟ تجيب "مضاوي" بضرورة أن تبدأ المحادثات بين السعودية وإيران بحل المعضلة الأساسية، وهي أن يتوقف البلدان عن استغلال التنافس بينهما لاسترضاء الجماهير المحلية، وبأن يوجها اهتمامهما نحو إحداث إصلاحات سياسية حقيقية.
"لا شيء سوى ذلك يمكن أن يؤدي إلى تطبيع العلاقات بين البلدين رغم ما بينهما من خلافات وما لديهما من طموحات إقليمية. بإمكان السعودية وإيران أن يستمرا كلاهما في السعي لخدمة مصالحهما القومية الخاصة، ولكن ليس من خلال لعبة عبثية (..) يمكن لهذا الإدراك أن يجنبهما ويجنب بقية العالم العربي عقداً آخر من التوترات والمكائد السرية والعداوات وحتى الحروب بالوكالة"، حسبما ترى الكاتبة السعودية.
ارسال التعليق