انقلاب سعودي أبيض يطيح بمنصور هادي
أخيرا وفي الشهر الأول من العام الثامن للعدوان على اليمن، لعبت لعبتها السعودية مثلما لعبتها مع سعد الحريري ها هي تجبر عبد زربه منصور هادي ونائبه محسن الأحمر على الاستقالة وتسلم صلاحياتهما إلى مجلس انشأته من مزيج من الانتهازيين والعملاء لها، ومكون من سبعة أعضاء مسمى بـ"مجلس القيادة الرئاسي".
السعوديون هم الذين اتوا بعبد ربه منصور هادي تحت عنوان "الرئيس الشرعي لليمن" واحالوا مسؤولية محاربة الحوثيين الى هذا الرئيس الفار ، لكن رغم كل المساعدات والدعم، ما حصل عليه السعوديون والتحالف طيلة 7 سنوات ، لم يكن سوى هزائم متتالية واستهداف صواريخ ومسيرات حكومة الانقاذ الوطني اليمنية عمق اراضي السعودية والإمارات. لذلك من الواضح أن ابن سلمان كان يبحث عن فرصة ليعلن تاريخ انتهاء صلاحية هذا العنصر الفاشل.
منصور هادي كان نقطة الخلاف الرئيسية بين السعودية والإمارات باعتبارهما الركيزتين الاساسيتين للعدوان على اليمن. على هذا الأساس، وفي ضوء الانقلاب الأبيض الذي وقع الليلة الماضية وإيجاد المجلس الرئاسي الجديد ، يتوقع بن سلمان تقليص حجم الخلافات بينه وبين محمد بن زايد.
تركيبة المجلس المكون من 7 أعضاء تظهر أن الكفة هذه المرة تميل لصالح الإمارات، وأن وجود منتسبي الإمارات في المجلس هو 4 إلى 3 مقارنة بالمنتسبين للسعودية، وهذا يعني أنه على الرغم من أن ابن سلمان ومن خلال الإطاحة بمنصور هادي من السلطة حاول كسب ود الإماراتيين ، الا ان تنوع الآراء في المجلس الجديد، كفيل بان يؤجج خلافات جديدة وبالطبع عويصة من أجل خروج السعودية من مستنقع اليمن بكرامة .
اختيار رشاد محمد العليمي، الحليف المقرب للرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح الذي حكم لمدة ثلاثة عقود والعضو البارز في حزب المؤتمر الوطني اليمني، يظهر أن ابن سلمان وبالطبع الإماراتيين يبذلون قصارى جهدهم للعودة بشكل مدروس الى ظروف ما قبل سيطرة الحوثيين واختبار شتى السبل للخروج من مستنقع اليمن .
حقيقة أن المهمة الأكثر تحديدا لمجلس القيادة الرئاسي الجديد هي التفاوض مع الحوثيين من أجل تحقيق السلام، يعني أن أحد الشروط الأساسية للحوثيين، والذي كان يهدف إلى عزل منصور هادي، قد تحقق بالفعل. وبناء على هذا، وإذا تم التاكد من مصداقية السعوديين، يمكننا أن نتطلع إلى مفاوضات تركز على إزالة الحصار عن اليمن، مطار صنعاء، وموانئ البلاد ، وما إلى ذلك. بالطبع ، مثل هذا المستقبل بالتأكيد سيكون رهن بحسن ظن الحوثيين حيال الخطوة التي اتخذها ابن سلمان الليلة الماضية واقالته لمنصور هادي والأحمر .
دراسة سلوك ابن سلمان في قضية الانقلاب على هادي، تظهر أن ولي العهد ومن اجل الخروج بكرامة من الأزمة اليمنية والتمهيد لاعتلاء العرش، لا يجامل اي احد، وجميع مساعديه ورفاقه ما هم الا بيادق ذات تاريخ انتهاء صلاحية محدد واستخدامات معينة. نظرة عابرة على سجل وزارة الدفاع وولاية العهد تظهر أن ابن سلمان لا هو من نمط اهل المروءة مع اعدائه ولا هو من اهل الوفاء والتسامح مع أصدقائه.
لقد تم اغلاق ملف منصور هادي في اليمن رسميا الليلة الماضية، ولكن في نفس الوقت ستفتح ملفات عديدة اخرى نظرا لطمع الطامعين بحصصهم في اليمن. هل سيوافق الجنوبيون على وجود ممثل واحد لهم فقط في مجلس القيادة؟ هل سيتغاضى الاصلاحيون عن تجاهلهم؟ هل أعضاء المؤتمر الوطني وأنصار علي عبد الله صالح يعتبرون نصيبهم كافيا؟ انصياع واطاعة المجلس الى اي من الزعيمين السعودي "ابن سلمان" والاماراتي "ابن زايد" سيكون اكثر ؟ هذه الأسئلة والعديد من الأسئلة وعلامات الاستفهام الأخرى ستؤدي الى الغموض في أداء مجلس القيادة الرئاسي المنشأ حديثا.
لقد شنت السعودية عدوانا على الشعب اليمني لازالت مستمرة منذ 8 وذلك بذريعة دعم حكومة منصور هادي ، والآن بعد أن تمت الإطاحة بهادي فقد ذريعته وحجته الأساسية، ما تعنيه هذه المسألة وقبول ابن سلمان بهذه الذلة هي أنه لم يعد لديه أي عذر لمواصلة الحرب باليمن من الآن فصاعدا. ومن جهة اخرى فان الهروب من اليمن هو اهم هواجسه، وأخيرا أعرب عمليا من خلال خطوته هذه عن قلقه إزاء تحذير اليمنيين بأن العام الثامن للحرب سيكون مليئا بالمفاجآت. هل ستنتهي حرب اليمن في العام الثامن، وهل سيمنح الاجل الوقت للملك سلمان ليرى خروج ابنه من الأزمة التي فرضها على اليمن بكرامة؟ إذا لم يحقق هذا الحدث الجديد النتيجة المرجوة للسعودية، فما العذر الذي سيستخدمه ابن سلمان لمواصلة حرب اليمن؟ للحصول على إجابات لكل هذه الأسئلة علينا أن ننتظر ونرى.
ارسال التعليق