التغيير

أعلنت وزارة الحرب الأمريكية (البنتاجون)، السبت، فوز شركة "رايثيون" العملاقة بعقد توريد معدات عسكرية للسعودية بقيمة 2.27 مليار دولار.

وبموجب العقد، ستقدم "رايثيون" إلى مملكة آل سعود  7 محطات رادار ومكوناتها، إضافة إلى خدمات أخرى.

ويواصل ابن سلمان شراء الأسلحة متستراً خلف مزاعم وجود تهديد إيراني رغم الأزمة الاقتصادية التي تمر به المملكة، وإجراءات التقشف التي أعلن عنها وزير المالية السعودي محمد الجدعان في مايو/أيار الماضي مما يفتح باب التساؤل عن اصرار بن سلمان  لإتمام هذه الصفقات المليارية في الوقت الذي يعاني منه الشعب من أزمة اقتصادية تسببت بها كورونا وتلاعب ابن سلمان بأسعار النفط العالمية, إذ يرى مراقبون ان صفقات السلاح في مملكة آل سعود  التي يبرمها ابن سلمان تخفي خلفها صفقات جانبية من العمولات بينه وبين شركات السلاح الأمريكية وهو أمر متعارف عليه في المملكة وما فضيحة صفقة اليمامة 1985-2006 بين مملكة آل سعود  وبريطانيا ببعيدة عن هذا الأمر اذ اكتسبت شهرتها من ضخامة الرشاوي والعمولات المدفوعة فيها.

ووقعت واشنطن والرياض عام 2017 صفقة كبرى لتوريد أسلحة ومعدات عسكرية أمريكية للمملكة بقيمة 350 مليار دولار خلال 10 سنوات.

وتشمل الصفقة دبابات وسفن حربية وأنظمة دفاع صاروخي ومحطات رادار وتقنيات للاتصال والأمن السيبراني.

ويعارض الكونجرس صورياً صفقات أسلحة لمملكة آل سعود بالنظر لسجلها السيء في مجال حقوق الإنسان والحرب على اليمن إلا انه لا يتخذ اي اجراء حقيقي لمنع صفقات السلاح للمملكة والتي تعد الزبون المفضل في سوق السلاح الأمريكي.

ابن سلمان ينتقم لـ"فقر" والده ويجمع ثروة خيالية

عندما كان بن سلمان في العقد الثاني من عمره تبيّن فجأة أن والده فقير بالمقاييس الموجودة في  مملكة آل سعود ، وأن الآخرين من أسرة عبد العزيز المؤسس للمملكة جمعوا ثروات طائلة من الأعمال الحكومية.

ورد ذلك في تقرير طويل نشرته صحيفة وول ستريت جورنال في 2018 قالت فيه أيضا إن الملك سلمان بن عبد العزيز ظل أميرا لمنطقة الرياض لعقود يعول أسرته بالمنح التي يقدمها له شقيقه الملك فهد بن عبد العزيز. وقالت إن ابنه محمد عندما تبيّن تلك الحقيقة شعر بالصدمة وقرر تغيير ذلك.  

وأوضحت الصحيفة ذلك على هامش كشفها صفقة تمت بين شركة إيرباص الأوروبية لتصنيع الطائرات والخطوط الجوية التابعة لمملكة آل سعود عام 2015 حصل بموجبها الشقيقان على عشرات الملايين من الدولارات.

وعلقت بأن قصة هذه الصفقة تشير إلى أن الخلط بين العمل التجاري والعمل الحكومي مستمر في كونه السمة الرئيسية للاقتصاد السعودي رغم "الحملة على الفساد" التي تم الترويج لها بشكل واسع ونفذها ابن سلمان ضد كثير من الأمراء الآخرين الذين اتهمهم ابن سلمان بإساءة استخدام سلطاتهم لجمع الأموال لأشخاصهم.

ورغم أن الصحيفة لم تورد المزيد من التفاصيل ولم تعلق على صدمة ابن سلمان من فقر والده النسبي ونتائج هذه الصدمة على سلوكه الحالي، فإنها بدت وكأنها ترغب في تقديم تفسير للحملة الغريبة التي شنها ابن سلمان على الأمراء الآخرين من أسرة آل سعود التي تشبه الانتقام لفقر والده من ثراء أقاربه.

وقالت إن بن سلمان أصبح ثريا بشكل خيالي، إذ امتلك في السنوات القليلة الماضية أضخم اليخوت في العالم، وقصرا فرنسيا، ولوحة فنية لليوناردو دافنشي تبرع بها لاحقا لدولة الإمارات.

ووفقا لمطلعين على الصفقة مع إيرباص فإن هذه الشركة الأوروبية قررت أن تعمل مع أسرة ملك مملكة آل سعود رغم تحفظاتها على عدم وضوح الحدود بين المصالح المالية العامة والمصالح الخاصة.

وتقول وول ستريت جورنال إن الخطوط الجوية، التي أصبحت في وضع مالي سيئ، توصلت لاتفاق مبدئي مع شركة إيرباص في 2014 لتجديد أسطولها المتقادم وشراء عشرات الطائرات بتمويل من صندوق الاستثمار السعودي الحكومي.

شركة ثروات

وفي تلك الأثناء كانت هناك شركة جديدة يُقال إن محمد بن سلمان، وفقا للصحيفة، شريك رئيسي فيها، وتسمى هذه الشركة "ثروات".

واشترت "ثروات" 54% من أسهم "شركة بنك كوانتوم للاستثمار" الموجود مقرها بـ دبي في 2014، وأصبح الأمير تركي الشقيق الأصغر لبن سلمان رئيسا لكوانتوم.

وأنشأ مديرون في كوانتوم وبنك صغير آخر شركة أطلقوا عليها اسم "إنترناشيونال إيرفاينانس كورب" للدخول في سوق تأجير الطائرات. وبدأت إيرفاينانس كورب تدير صندوقا اسمه "ألف" صمم ليتقيد "بالتعاليم الإسلامية بدلا من الفوائد الربوية".

ووافقت إيرباص على استثمار 100 مليون دولار في صندوق "ألف" بشرط أن يشتري الصندوق طائرات إيرباص فقط. وفي 23 يونيو/حزيران 2014 نظمت إيرباص وإيرفاينانس غورب حفل توقيع بـلندن للإعلان عن الصندوق الجديد. واستضاف الحفل تركي بن سلمان. وكان الصندوق يستهدف جمع خمسة مليارات دولار في شكل أسهم وديون.

وفاة الملك عبد الله

وفي يناير/كانون الثاني 2015 توفي عبد الله بن عبد العزيز وتوقفت الصفقة الأصلية الأولى مع إيرباص.

وبعد فترة قصيرة من تولي سلمان العرش، أبلغ المسؤولون شركة إيرباص بأن لديهم خطة جديدة تتلخص في أن تبيع إيرباص طائرات لصندوق "ألف" -مرتبط بأسرة الملك سلمان- بدلا من الحكومة ، ويقوم الصندوق بدوره بتأجير الطائرات للخطوط الجوية.

ويقول أشخاص مشاركون في عملية تأجير الطائرات للخطوط الجوية في مملكة آل سعود  إن هذه الخطوط لم يُسمح لها بالاختيار بين عروض متنافسة من شركات التأجير، ورفضت عروضا من شركات كانت تسعى لتقديم أسعار منافسة قبل أن تختار "ألف" لإبرام الصفقة معها.

ورغم بعض الاعتراضات والتحفظات من بعض المسؤولين بإيرباص الذين يخشون من تحقيقات حول الفساد بموجب القانون البريطاني رضخت هذه الشركة الأوروبية، وقال أحد المشاركين في التوصل للصفقة إن كبار مسؤولي إيرباص قرروا أنهم "لا يرغبون في حرمان ابن الملك من ممارسة العمل التجاري".

وقالت وول ستريت جورنال إن بعض المسؤولين بالحكومة في مملكة آل سعود وشركة الخطوط الجوية  بدؤوا يتساءلون عن الحكمة في خسران الخطوط الجوية  خصما كبيرا إذا اشترت طائرات من إيرباص بدلا من تأجيرها من صندوق "ألف".

وأضافت أن الوثائق التي استعرضتها أوضحت لها أن سلسلة معقدة من الصفقات والمعاملات تنتهي بصب المال في شركة "ثروات" التي يملكها محمد بن سلمان، والتي جاءت بممولين وحصلت على أرباح هائلة من دون أن تخاطر بأي جزء من أموالها.

وقالت إن السلسلة تبدأ بكوانتوم، وهو البنك الذي تملكه ثروات بالشراكة والذي عُين تركي بن سلمان رئيسا له. ودبّر كوانتوم تمويلا من مستثمرين ومصارف لشراء طائرات. وجمع صندوق "ألف" أربعة مليارات دولار ابتداء من 2017 لشراء طائرات إيرباص بخصم كبير يصل إلى 60% من السعر المعلن.

وبتأجيره الطائرات للخطوط الجوية  بسعر السوق بدلا من تقديم خصم لها مساو للخصم الذي حصل عليه من إيرباص، يكون صندوق "ألف" قد حصل على عوائد تبلغ نسبتها 15% بدلا من 7% إلى 9% وفقا لما يقوله الخبير بول ليونز بمجموعة (آي بي أيه غروب المحدودة) البريطانية لاستشارات أعمال الطيران المدني.

وأبرم بن سلمان الصفقة أثناء زيارة لـفرنسا في 2015. وقال أحد المسؤولين من ذوي الاطلاع على الصفقة إنه رأى محمد بن سلمان بعد فترة قصيرة من عودته من باريس آنذاك وهو يتفاخر في مجلس بأحد القصور بأنه مهندس هذه الصفقة.