باكستان تجهض أمل السعودية في احتواء إيران
- احتفل السعوديون بتنصيب الجنرال الباكستاني المتقاعد والقائد السابق للجيش الباكستاني، راحيل شريف قائدا للتحالف السعودي، إلا أن الفرح لم يمد طويلا بعد أجهض خلف شريف آمال السعودية.
بعد أن رفضت باكستان المشاركة في التحالف السعودي، وعبرت عن دهشتها لذكر اسمها في قائمة البلدان المشاركة في ما سُمي بـ "التحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب"، ونأت بنفسها عن الانجرار الى الحرب التي تشنها السعودية ضد اليمن والخوض في مستنقع اليمن، استمرت محاولات الرياض لضم اسلام آباد الى تحالفها.
واعتبر الكثير من المحللين تعيين السعودية الجنرال راحيل شريف قائدا لتحالفها نجاحا سعوديا كبيرا سيمهد لضم باكستان الى صفها والتحالف معها في سياستها الخارجية ضد إيران، في حين قلل المحللون الإيرانيون من أهمية هذا التعيين رغم اعتبار الآخرين أنه يُشير الى تطورات كبيرة في المواقف الإقليمية.
قبل شهرين زار القائد السابق للجيش الباكستاني، الجنرال راحيل شريف، الرياض بعد أن تقاعد من منصبه، وخلال الزيارة استلم شريف قيادة تحالف الرياض الذي يضم 34 بلدا. وكانت السلطات السعودية قد عرضت المنصب على شريف خلال زيارة قام بها برفقة رئيس الوزراء الباكستاني، نواز شريف للرياض من أجل المشاركة في مناورات "رعد الشمال".
وقبل تسلمه هذا المنصب، كان الجنرال الذي يعيش العقد السابع من عمره من القادة العسكريين الباكستانيين القلائل الذين لم يتدخلوا في الشؤون السياسية للبلاد. وشغل شريف منصب قائد القوة البرية الباكستانية، ما جعله أكثر العسكريين الباكستانيين نفوذا في البلاد، وكان الجنرال شريف يعمل بمنصب قائد هيئة أركان القوات البرية الباكستانية ويُطلق عليه عادة لقب قائد الجيش.
وقد دفع تعيين الجنرال شريف قائدا للتحالف السعودي، المحللين الى التحذير من تقارب سعودي باكستاني لاحتواء إيران بالنظر الى العلاقات الوثيقة بين رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف وعائلة آل سعود، وهو ما ظن المحللون أنه قد تعزز بتوثيق العلاقة بين الجيش الباكستاني والسعودية، وهذا بدوره من الممكن أن يؤثر التقارب على أمن إيران والأوضاع السياسية فيها؛ فالجيش الباكستاني يلعب دورا مهما في البلاد ولا ينحصر دوره في المجالات العسكرية والأمنية بل أن له تأثير مباشر في السياسة الخارجية للبلاد، كما أن له القدرة على رسم أهداف وتحقيقها من دون الرجوع الى الحكومة الباكستانية؛ فإذا امتلك بلدٌ ما علاقات جيدة مع الحكومة الباكستانية فهذا لا يعني أن علاقاته مع الجيش الباكستاني طيبة أيضا.
اما العلاقة بين حكومتي الرياض وإسلام آباد فقد تعززت منذ استلام حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية ونواز شريف مقاليد الحكم في باكستان عام 2013.
وترمي السعودية الى تحقيق عدة أهداف من خلال ضم باكستان الى معسكرها، ولا يتردد آل السعود في اتخاذ أي خطوات لتحقيق هذه الغاية. ففي انتخابات عام 2013 بباكستان دعمت السعودية نواز شريف للوصول الى السلطة، كما أعلنت في مناسبات مختلفة دعمها السياسي لباكستان، وقدمت السعودية مساعدات مالية كبيرة لباكستان، منها منحة بمبلغ 5.1 مليار دولار لمساعدة الاقتصاد الباكستاني عندما كان يمر بأزمة شديدة في عام 2014.
أما خَلَفُ شريف، الجنرال "قمر جاويد بجوا" فقد أثبت صحة التحليل الإيراني الذي حط من أهمية تعيين الجنرال شريف، حيث صرح جاويد مؤخرا خلال اجتماع مع السفير الإيراني لدى اسلام آباد مؤكدا أن التعاون الدفاعي القوي بين إيران وباكستان يصب في صالح السلام والاستقرار بالمنطقة، حيث قال: إن التعاون العسكري بين إيران وباكستان يضفي لمسات إيجابية على الاستقرار والسلام في المنطقة.
كما أكد الجنرال جاويد أن: الجيش الباكستاني يولي أهمية كبيرة للعلاقات الثنائية التاريخية بين البلدين الشقيقين، وإن هذه العلاقات غير قابلة للمساومة أبدا.
وكان لتصريحات قائد الجيش الباكستاني أهمية كبيرة في احباط مساعي السعودية التي ارادت ضم باكستان الى ائتلاف الذي شُكل من أجل احتواء إيران، وفي هذا الصدد يدل لقاء السفير الإيراني مع القائد الجديد للجيش الباكستاني والتصريحات الباكستانية على رغبة الجنرال جاويد باستمرار التعاون مع إيران، وتعتبر تصريحات جاويد رسالة واضحة للسعودية بأن تغيير قيادة الجيش الباكستاني لم تؤثر على العلاقة الإيجابية بين المؤسسة العسكرية الباكستانية والجمهورية الإسلامية الإيرانية؛ وهذا ما أكده جاويد بقوله "هذه العلاقات غير قابلة للمساومة أبدا".
من ناحية أخرى، فيما يمارس وزير الخارجية السعودية نشاطا سياسيا مكثفا لتحشيد دول المنطقة ضد إيران، أطلق الجيش الباكستاني عمليات "رد الفساد" للقضاء على المنظمات الإرهابية في البلاد، ومن المنظمات الإرهابية التي تستهدفها العمليات جماعة "جند الله" الإرهابية المعادية لإيران، مما يشير الى أن الحدود الشرقية لإيران لن تعاني من مشاكل، وهذا يتيح لإيران التفرغ لمواجهة التهديدات الإرهابية القادمة من الحدود الغربية والجنوبية، ويعزز الرأي القائل باستمرار العلاقات الإيجابية بين الجيش الباكستاني وإيران.
ارسال التعليق