بالترهيب والتهجير.. لماذا تعادي سلطات آل سعود قبيلة الحويطات؟
التغيير
تُظهر قبيلة الحويطات مرة أخرى، أن سلطات آل سعود تستهدفها لتهجيرها من منطقة سكناها في شمال غربي المملكة؛ لإنشاء ما تعتبرها الرياض مدينة المستقبل.
استهداف بالاختطاف والاعتقالات والتعذيب، تهم أخرى جديدة تضاف إلى اتهامات سابقة يطلقها الحويطات، الذين يسكنون تلك المنطقة منذ قرون.
اشتكى مُسنٌّ سعودي في مقاطع فيديو انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، من اعتقال السلطات أولاده الثلاثة وتعذيبهم منذ 8 أشهر.
وأوضح الثمانيني إبراهيم مقبول الحويطي "أبو رشيد"، وهو من قبيلة الحويطات المعروفة، أن ثلاثة من أبنائه توجهوا إلى الشرطة لتقديم شكوى ضد مجموعة حاولت خطف حفيده بعد أن جاء عدد من الرجال بملابس مدنية لاختطافه من أمام المنزل.
وقال إن الشرطة لجأت إلى اعتقال أولاده بدلاً من الاستماع للشكوى، مشيراً إلى أن الأجهزة الأمنية بمملكة آل سعود ما زالت تعتقلهم لغاية اليوم.
وكشف الحويطي أن أولاده تعرضوا للتعذيب، بتعليمات وإشراف من مدير نيابة تبوك، لافتاً النظر إلى أنه تمت إحالتهم إلى المحكمة الشرعية بعد ضربهم وتعذيبهم بشدة.
وتهمة الأشخاص الثلاثة هي اعتداؤهم بالضرب على رجل أمن، في حين تفيد تغريدات لأشخاص من القبيلة نفسها بأنهم لاحقوا مختطِف ابنهم وتمكنوا منه وأوسعوه ضرباً، وتبين أنه رجل أمن لكنه كان يرتدي ثياباً مدنية.
"اعتقلوا أولادي"منذ مطلع أغسطس الجاري، يتفاعل سعوديون، خاصةً من قبيلة الحويطات، مع وسم حمل عنوان "#مناشده_ابو_رشيد_الحويطي".
جاء التفاعل على أثر بث مسنٍّ من قبيلة الحويطات، في الثمانينيات من العمر، مقطع فيديو على منصة "تويتر" يستعرض فيه الظلم الذي وقع على أبنائه من قِبل السلطات الأمنية.
وفي 26 أغسطس الجاري، عاد الرجل المسنُّ ووجَّه إلى العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، مناشدةً ذكر خلالها أن أولاده تعرضوا للظلم باعتقالهم وتعذيبهم منذ ثمانية أشهر.
المسنُّ يدعى إبراهيم مقبول الحويطي "أبو رشيد"، وملخص قضيته أن ثلاثة من أبنائه توجهوا إلى الشرطة لتقديم شكوى ضد مجموعة حاولت خطف حفيده بعد أن جاء عدد من الرجال بملابس مدنية لاختطافه من أمام المنزل.
وكشف الحويطي أن أولاده حُرموا منذ 8 أشهر من شرع الله، ومن عوائلهم (17 شخصاً)، ومن والدهم الثمانيني، مبيناً أن التهمة المزعومة ضد أولاده هي "الاعتداء على رجال الدولة"، مؤكداً أنها تهمة ظالمة.
التعليقات على حديث إبراهيم الحويطي جاءت داعمة له، ومتهمةً السلطات بتعمد افتعال أزمة مع هذه القبيلة؛ من أجل إيجاد ما يبرر تهجيرهم من أراضيهم التي يرفضون تركها.
قتل رجل حويطي
قضية أبناء المسنّ الحويطي تستدعي حادثة وقعت في هذه القبيلة في أبريل الماضي.
فبعد أيام قليلة من تحذيره من مخطط ما سماه "التهجير القسري" من منطقة سكناهم، أعلنت مملكة آل سعود "مقتل المطلوب الأمني عبد الرحيم الحويطي".
وذكر بيان لرئاسة أمن الدولة، نشرته وكالة الأنباء التابعة لنظام آل سعود، أنه "وأثناء قيام الجهة المختصة بمهام القبض على أحد المطلوبين، ويدعى عبد الرحيم بن أحمد محمود أبو طقيقة الحويطي (سعودي الجنسية)، بمنزله في منطقة تبوك، بادر بإطلاق النار تجاه رجال الأمن".
ولم يذكر البيان القضايا الأمنية التي كان الحويطي مطلوباً بسببها، لكنه أشار إلى أن "المطلوب كان متحصناً في أعلى المبنى خلف سواتر عبارة عن أكياس رملية (..) اقتضى الموقف التعامل معه لتحييد خطره، ما نتج عنه وفاته وإصابة اثنين من رجال الأمن، جرى نقلهما إلى المستشفى في حينه، وحالتهما الصحية مستقرة".
وتباينت آراء رواد مواقع التواصل الاجتماعي بين من اعتبروا الحويطي "إرهابياً" يعارض الدولة ويرفع بوجهها السلاح، ومن استنكروا مقتله، خاصة بعدما ظهر في مقطع فيديو وقال إنه مستهدف من القوات الأمنية، لأنه لم يوافق على إخلاء أرضه الواقعة في مشروع نيوم.
وبحسب حديث الحويطي في مقاطع فيديو قبل مقتله، فإنه "من أهالي الخريبة، وهي منطقة تقع فيما يسمى بمشروع نيوم"، وقال: "ليس هناك شيء أكبر من خروجي من أرضي.. جميع الناس غير موافقة على التهجير القسري"، واصفاً ما يحدث معهم بأنه "إرهاب دولة".
وأشار إلى أن من رفضوا الخروج من أراضيهم تم التعامل معهم بالقوة، "هناك تسعة أشخاص تمت مداهمتهم وأخذهم، وأنا في الطريق، قريباً سيداهمون أرضي".
وبمراجعة "التغيير" لحساب عبد الرحيم الحويطي، تبين أنه قد جرى إغلاقه، ولا يمكن الاطلاع على ما نشره في حينها.
لكن وسماً انتشر على منصة "تويتر" حمل عنوان "#إستشهاد_عبدالرحيم_الحويطي"، عبَّر فيه المغردون عن قناعتهم بأنه قُتل؛ لكونه رفض إخلاء منزله.
تهجير الحويطات
مطلع العام الجاري، شن سكان منطقة ديار الحويطات حملة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي؛ معلنين رفضهم بيع أراضيهم لتنضم إلى مشروع مدينة "نيوم".
وأكد "الحويطات" أنهم لن يتركوا أرضهم، معلنين أنها بالنسبة إليهم تمثل تاريخ الأجداد، وأن أبناءها ساهموا في بناء المملكة، وكانوا جنوداً مخلصين في حمايتها.
وتحت وسم "#الحويطات_ضد_ترحيل_نيوم2"، عبَّر أهالي الحويطات عن تمسكهم بديارهم، ورغبتهم في أن يكونوا جزءاً من المشروع الجديد.
وانتشر على موقع التواصل "تويتر" مقطع فيديو يُظهر أبناء الحويطات وهم يحيطون بمسؤول سعودي؛ ويبلغونه أن يوصل رسالة إلى ابن سلمان وحكومة بلدهم بأنهم لن يتنازلوا عن منطقتهم.
واستغرب مغردون من محاولة ترحيل سكان هذه المنطقة، واعتبروا أن حقهم الطبيعي البقاء في الأرض التي وُلدوا فيها، ووُلد وعاش عليها مِن قبلهم أجدادهم.
كما عبَّر مغردون عن اعتزازهم بالحويطات؛ لما يمثلونه من ارتباط بتاريخ الجزيرة العربية، الذي شاركت هذه القبيلة في صناعته، فضلاً عن مشاركتهم في الدفاع عن المملكة، ومقتل مئات من أبناء هذه القبيلة في معارك خاضتها البلاد.
ترحيل 20 ألف مواطن
في أكتوبر 2017، أعلن ابن سلمان مشروعاً لإنشاء منطقة استثمارية تجارية وصناعية على الساحل الشمالي الغربي من البحر الأحمر يحمل اسم "نيوم"؛ بهدف الحد من الاعتماد على عوائد النفط.
تبلغ تكلفة المشروع 500 مليار دولار، ويقع على البحر الأحمر وخليج العقبة، بمساحة إجمالية تصل إلى 26500 كيلومتر مربع، حيث يمتد من شمال غربي المملكة، ويشتمل على أراضٍ داخل الحدود المصرية والأردنية.
والمشروع سيكون "منطقة استثمار خاصة مستثناة من أنظمة وقوانين الدولة الاعتيادية".
بحسب الخطة الأولية، تنتهي المرحلة الأولى من المشروع في 2025، ومن المتوقع إتمام المشروع بالكامل خلال فترة تتراوح بين 30 و50 عاماً.
وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية سلطت الضوء على مدينة "نيوم"، مفيدة في تقرير مطول نشرته في يوليو 2019، بأنّ المشروع يواجه صعوبات أخرى تتعلق بـ"عملية تهجير أكثر من 20 ألف مواطن بشكل قسري".
وبحسب الصحيفة فإنه من أجل تطوير "نيوم" تخطط حكومة آل سعود لنقل أكثر من 20 ألف شخص بالقوة، وكان عديد منهم قد سكنوا في المنطقة لعدة أجيال.
وذكرت أن إحدى خطط نقل السكان تفيد بأن مجموعة بوسطن الاستشارية قالت: إن "ذلك سيستغرق حتى عام 2025، لكن بناءً على طلب محمد بن سلمان التحرك بسرعة تم تقديم التاريخ حتى عام 2022".
ومضت الصحيفة الأمريكية تقول إن سكان المنطقة التي ستُنشأ "نيوم" فيها يعيشون قلق الترحيل القسري، إذ يخبر أحدهم الصحيفة بأن "ذلك يعني تقطيع مجتمع كامل، إنه مثل الموت".
وبينت أنه بعد أسابيع من إعلان "نيوم"، في عام 2017، زار الأمير فهد بن سلطان، أمير منطقة تبوك، المنطقة، وعندما سأله الأهالي عما إذا كانوا سيرحَّلون قال إنه لا يستطيع أن يساعدهم.
وأضافت الصحيفة: إن "المستشارين الغربيين نصحوا بن سلمان باعتماد معايير البنك الدولي لعمليات النقل القسري، كما أن مجلس إدارة المدينة قرر لاحقاً، أنه ربما يمكن الاستعانة ببعض السكان بعد إعادة تأهيلهم وتدريبهم".
تاريخ الحويطات
بحسب ما يشير إليه موقع قبيلة الحويطات فإن هذه القبيلة تنتشر على مساحة واسعة في شمال غربي الجزيرة العربية، وتنتشر أيضاً في الأردن وفلسطين ومصر.
وفي مملكة آل سعود تبدأ ديار الحويطات على ساحل البحر الأحمر، ممتدةً إلى الداخل حتى جبال السروات، حيث تقع إلى الشرق من ديار بني عطية.
وتنتشر عشائر الحويطات على ساحل خليج العقبة من مدينة حقل، وتمتد حتى الجنوب على شاطئ البحر الأحمر حتى مدينة الوجه.
والحويطات هم من الجمامزة من أشراف بني الحسين الذين هاجروا من المدينة المنورة إلى بادية الشام، واستوطنوا حول العقبة، وأدت هذه القبيلة "دوراً بارزاً" في الثورة العربية بقيادة الشريف حسين مطلع القرن العشرين.
ارسال التعليق