بسبب عتو ال سلمان مستقبل 1000 طبيب في مهب الريح
قالت مصادر دبلوماسية إن النزاع الدبلوماسي بين كندا والسعودية جعل كلا الدولتين تهرولان لاحتواء اضطرابات كبرى في نظامي الرعاية الصحية لدى كلٍ منهما، حسب ما أورده تقرير لموقع Middle East Eye البريطاني. ومنحت السعودية أكثر من 1000 من الأطباء السعوديين النيابة وطلاب الزمالة مهلة أسابيع لمغادرة البلاد واختيار مكان آخر للتدرب، وهي التوجيهات التي أثارت الذعر في نفوس الطلاب السعوديين وزملائهم الكنديين. ففي وقت سابق من شهر أغسطس، بعدما أثارت وزيرة الخارجية الكندية غضب الحكومة السعودية بمطالبتها بالإفراج عن ناشطي حقوق الإنسان المعتقلين، أوقفت المملكة تمويل المنح الدراسية والبرامج التدريبية في كندا وطلبت عودة كل الطلاب السعوديين.
وذكر الموقع البريطاني أن الأطباء المتدربين السعوديين في كندا يمثلون حوالي 85% من العاملين في بعض المستشفيات، ويعالجون المرضى بدون تكلفة على دافعي الضرائب، وقد أُلغيت عمليات جراحية بالفعل في مقاطعة واحدة على الأقل. وكان من المنتظر أن يعود الأطباء السعوديون المستقبليون إلى الوطن متخصصين في مجالات من بينها طب الأطفال والأورام، وأصبح مستقبلهم في مهب الريح، تماماً كما هو الحال مع الآثار طويلة المدى على المرضى السعوديين المستقبليين. وقالت الدكتورة نادية علام، رئيسة جمعية أونتاريو الطبية، لموقع Middle East Eye البريطاني: «كي أكون صادقة، لم أرَ شيئاً كهذا من قبل». وفيما يبدو أنَّه تمديد للمهلة، أرسلت وزارة التعليم السعودية رسالة لأطباء النيابة وطلاب الزمالة في كندا هذا الأسبوع، قائلةً لهم إنَّهم سيُسمَح لهم بالبقاء ومواصلة برامجهم التدريبية «لفترة من الزمن حتى يتسنى لهم الحصول على موافقة نهائية للدخول في برامج تدريبية مكافئة في دول أخرى». وبدلاً من أن يساهم هذا في إيضاح الموقف، قال مسؤولو القطاع الصحي الكندي للموقع إنَّهم ما زالوا في حيرة من أمرهم بشأن ما إن كان سيُسمَح للطلاب السعوديين باستكمال فترة تدريبهم أو زمالاتهم في كندا، أم سيضطرون لإعادة تدريبهم واختباراتهم في دولة أخرى.
وقالت أيفي بورغولت، الأستاذة في جامعة أوتاوا، والتي تشغل كرسي النوع الاجتماعي والعمل والموارد الصحية البشرية بالمعهد الكندي للبحوث الصحية، إنَّ الدول كالسعودية والهند لا تملك نظاماً قوياً للتدريب في التخصصات الطبية، وهذا ما يدفع الخريجين لقضاء فترة النيابة والزمالة في كندا والولايات المتحدة وبريطانيا. وتمثل كندا على وجه الخصوص وجهة شائعة لأطباء السعودية لقضاء النيابة والزمالة؛ لأنَّها لا تتطلب إعادة اجتياز اختبارات تأهيلية معقدة وعسيرة لمواصلة الدراسة، بعكس الولايات المتحدة وبريطانيا، بل تتطلب فقط اختبارات لتوضيح القدرة اللغوية وفهم قواعد علم التشريح والجوانب العملية للرعاية الصحية. وقالت بورغولت إنَّ كندا تظل الخيار الثالث رغم كل شيء، إذ يتجه المزيد من خريجي الطب السعوديين إلى الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا. وهناك الكثير من أطباء النيابة أو الزمالة السعوديين في كندا في مجالات متخصصة أو في أبحاث طبية، وعادةً ما يستمر تدريبهم سنوات عديدة. ومن المتوقع أن يعود معظمهم إلى السعودية بعد إتمام تدريبهم في المستشفيات الكندية أو عيادات الأسرة. ووفقاً للملحقية الثقافية السعودية، عاد عبر هذا البرنامج أكثر من 5 آلاف طبيب إلى الوطن «لتولي مناصب قيادية في نظام الرعاية الصحية في المملكة. وقالت بورغولت إنَّ عدد متدربي التأشيرة السعوديين عام 2017 في كندا كان 800 متدرب من أصل 2300. وكانت مجموعة تحمل اسم اللجنة التنسيقية للطلاب السعوديين في كندا -والتي تنادي دون كشف هويتها بالسماح للطلاب السعوديين بالبقاء في البلاد قد قالت إنَّ هناك أكثر من 90 طالباً سعودياً تقدَّموا بطلبات للجوء في كندا. وطبقاً لموقع اللجنة، فإنَّ هناك طالب دكتوراه، يُعرَف فقط باسم «محمد أ.»، تقدَّم بطلبٍ للجوء حين لم يجد أي حل آخر. وقال: «تحدثتُ إلى الملحقية الثقافية السعودية في كندا، لكنَّهم للأسف رفضوا كل محاولاتي للبقاء في البلد. وطلبوا مني العودة إلى الوطن فوراً، وإلا سأفقد منحتي الدراسية إلى الأبد».
على الجانب الكندي، أرغم القرار المفاجئ بسحب هذا الكمّ من أطباء النيابة الكثير من مزاولي مهنة الطب على التساؤل عن كيف أصبح النظام الكندي بالأساس مُعتَمِداً إلى هذا الحدِّ على الأطباء السعوديين. ووفقاً لتقرير صادر في مجلة The Lancet الطبية، كان متوقعاً أن تفقد المستشفيات التابعة لجامعة ماكغيل في مونتريال ما يقرب من 20% من هيئة عامليها، لأنَّ 225 من الأطباء النواب البالغ عددهم 1250 هم سعوديون. وتضمُّ أيضاً جامعة تورونتو 216 من الأطباء النواب وطالبي الزمالة. ووفقاً لنادية علام، بدأ بالفعل تأجيل عمليات جراحية أو إلغاؤها تماماً في مدينة نوفا سكوشا، على الساحل الشرقي لكندا، بسبب استدعاء المتدربين السعوديين الذي سبّب عجزاً في عدد الأطباء. وتابعت: «تواجه كندا بالفعل عجزاً في الأطباء بمختلف أنحاء البلاد. وأعرف أنَّ كثيراً من المقاطعات وجدت صعوباتٍ في تعيين مزيدٍ من الأطباء؛ فمنذ عقود وهناك حاجة لكل طبيب». وقالت ماريا ماثيوز، أستاذة في قسم طب الأسرة بكلية شوليك للطب وطب الأسنان جامعة ويسترن في أونتاريو: «علينا حقاً أن ننظر في كيفية وصولنا إلى هنا». وأضافت ماريا، الزميلة الأخرى المُشارِكة في دراسة مجلة The Lancet، أنَّ على كندا أن تسأل نفسها ما إن كانت تسمح لعددٍ كافٍ من الطلاب الأجانب، بالإضافة إلى المهاجرين الجدد، بالحصول على النيابة وتدريب الزمالة في الطب. وصرَّحت للموقع قائلةً: لدينا كثير من الأطباء الذين هاجروا إلى كندا أملاً في مزاولة مهنتهم هنا.
ارسال التعليق