بعد تصدع مقوماته الأساسية....كيف سيكون مستقبل نظام آل سعود !؟
" كيف سيكون مستقبل أل سعود!؟ " هذا السؤال بات مطروحاً بكثرة وإلحاح من قبل أكثر المحللين والمتابعين للشأن السعودي، على ضوء التحولات والتغييرات التي تشهدها المملكة السعودية، منذ مجيء سلمان وابنه محمد، إلى السلطة، بعد وفاة الملك السابق عبد الله بن عبد العزيز، فما أن امتطى سلمان صهوة العرش، حتى أزاح أخاه مقرن بن عبد العزيز من ولاية العهد، وعين بن نايف ولياً للعهد، قبل ان ينقلب على هذا الأخير ليحل محله ابنه محمد، وتوالت الأحداث، حيث شن محمد بن سلمان الحرب على اليمن، مدشناً عهده كوزير للدفاع بهذا العدوان الوحشي على الشعب اليمني، ثم إعلان سلمان وابنه رفع الدعم عن أسعار المواد الأساسية، ورفع أسعار مواد أخرى، كما تسارعت وتيرة التقارب مع الكيان الصهيوني، وبدأت عجلة التطبيع تدور بشكل متواتر، وأصبح المسؤولون الصهاينة يتحدثون عن الحلف الخفي بين السعودية وكيانهم المحتمل جهاراً وتكراراً، والى ذلك قام النظام السلماني بالتصعيد ضد قطر، وأقدم على اعتقال العلماء وغيرهم الذين بحجة تعاطفهم مع قطر، ثم حملته الأخيرة واعتقاله أكثر من 18أميراً وأكثر من200من أباطرة الإعلام السعوديين ورجال الأعمال وأصحاب الشركات الكبرى، ووزراء سابقين وحاليين، وقيل إن عدد المعتقلين وصل الى500سعودي بين أمير ووزير ورجل أعمال، بينهم متعب بن عبد الله وزير الحرس الوطني القوة الرديفة للجيش السعودي من حيث العدد والتسليح وتفوقه على الجيش من ناحية الولاء لآل سعود، وأختطف الحريري وفرض الإقامة الجبرية عليه، واجبره على إعلان الاستقالة...والحبل على الجرار، فالظاهر أن هذه التحولات وغيرها ألتي لم نشر إليها، سوف تتواصل في المملكة...وللإجابة على التساؤل الذي عنونا به هذه السطور، وفتحنا الحديث به، في ظل هذه التحولات والتغييرات الضخمة التي يقوم بها ولي العهد السعودي بن سلمان، نشير إلى المقومات أو الأركان التي قام عليها نظام آل سعود، والتي استمد منها قوته واستمراريته طيلة الثمان عقود أو أكثر الماضية، جاثماً على صدور أبناء الجزيرة، حيث فشلت جميع المحاولات، التي قام بها أحرار شعب الجزيرة للتخلص منه..ومن أهم هذه الأركان الأساسية التي يرتكز إليها هذا النظام هي ما يلي:
1- تماسك الأسرة السعودية، فهذه الأسرة ظلت تحافظ على وحدتها وتماسكها وحل خلافاتها الداخلية بسرية تامة بعيداً عن الأضواء والأعلام أو الضجيج، رغم تشعب هذه الأسرة نتيجة تزايد الأحفاد، وأحفاد الأحفاد للمؤسس عبد العزيز آل سعود، حتى يقال أن عدد أمراء الأسرة السعودية وصل إلى أكثر من خمسة عشر الفا بين أمير وأميرة، وهؤلاء يتبنون رؤى مختلفة وأفكار مختلفة، ولكن رغم كل تلك الاختلافات، والتي بعضها جذرية، إلا أن الأسرة حافظت على وحدتها ووحدة كلمتها، وكانت عملية انتقال السلطة تجري بهدوء وسلاسة دون أي معكرات أو معوقات، ذلك ما شكل أحد اهم عناصر قوة النظام وبقاءه وتماسكه.فحتى لو حصل أن خالف بعض الأمراء أو اعترض فأنه يتخلى بالنهاية عن معارضته لمصلحة الأسرة وبقاء نظامها وعدم السماح بتصدعه أو إضعافه.
2- العباءة الإسلامية، التي حافظ عليها آل سعود، من خلال التحالف مع الوهابية وتيارها برعاية بريطانية، و دهاء بريطاني مدهش، فبريطانيا من خلال هذا التزاوج بين آل سعود وبين محمد بن عبد الوهاب، الذي جعله البريطانيون زعيماً للمدرسة الوهابية، نجحت في إضفاء مسحة إسلامية على آل سعود، ومن ثم نجحت في جعلهم " زعماء " للأمة الإسلامية، و "لأبناء السنة " خصوصاً، ومن خلال ذلك نجح البريطانيون في إضفاء مسحة " مقدسة " على الحاكم السعودي، وتحويله إلى ولي لأمر الامة، والخروج عليه خروج عن الدين وما شابه ذلك، وحشد البريطانيون لتكريس هذه الفكرة في أذهان القطاع العام من أبناء الأمة الإسلامية كل الإمكانات والمشاريع، ومنها تأسيس منظمة المؤتمر الإسلامي، والمدارس الوهابية داخل السعودية وخارجها والرابطة الإسلامية، وما إلى ذلك من المنظمات ومن التكتلات التي تحمل عناوين إسلامية رنانة وهي معروفة لا داعي لذكرها.فمنذ ذلك الوقت تولّى علماء الوهابية الدفاع عن آل سعود والإفتاء بعدم جواز الخروج عليهم أو الاعتراض على سياساتهم، ومازالوا يواصلون هذه المهمة، ويضيفون الشرعية على هذه العائلة وحكمها الجائرة في الجزيرة.
3- الثروة النفطية، إن اكتشاف هذه الثروة الهائلة مثل حصناً للنظام وحرصاً بريطانيا ومن ثم أمريكيا على المحافظة عليه من أجل استمرار جريان النفط نحو أمريكا ونحو دول الغرب بأمان، ذلك لأن هذه الدول كانت ومازالت تعتمد اعتماداَ رئيسياً على النفط، ولذلك ساوى أحد الرؤساء الأمريكان، روزفلت او آيزونهاور، بين أمن السعودية وأمن أحدى الولايات الأمريكية، وفي الحقيقة إن الولايات المتحدة لم تعتمد على النفط السعودي كمصدر للوقود وحسب، بل إن مردوداته الحالية الهائلة، ساهمت مساهمة فعالة في إنعاش الاقتصاد الأمريكي طيلة تلك الفترة من خلال إقناع آل سعود باستثمار هذه الأموال هناك في أميركا، واعترف النظام على لسان عادل الجبير وزير الخارجية أن الاحتياطي السعودي في الولايات المتحدة يقدر ب750مليار دولار، والحقيقة إن هذا الرقم لا يمثل ما موجود من أموال هناك، إذ يزيد مقدارها عن ما هو معلن بأضعاف مضاعفة. ولذلك ظل البريطانيون ومن بعدهم الاميركان يحافظون على هذا النظام، لأنه يضمن لهم تدفق النفط أولاً ولأنه يحقق مآربهم ومشاريعهم إزاء المنطقة.
4- الوظيفة الاستعمارية، كما أشرنا أن النظام السعودي لا يشكل بئراً نفطياً يتدفق نحو أمريكا والغرب كما أشرنا وحسب، وإنما ضمان تدفق النفط للغرب جزء من الوظيفة التي أُقيم من أجلها هذا النظام، ومن أهم الوظائف الأخرى حماية ودعم الكيان الصهيوني، وإجهاض أي تحرك رسمي او جماهيري مضاد للمصالح الأمريكية والغربية، ومواجهة الوعي الجماهيري، باسم الإسلام تارة، وباسم الدفاع عن أهل السنة تارة أخرى، وبشتى الطرق والأساليب...وقد تصدى الكثير من الكتاب والمحللين لاستعراض ما قام به النظام السعودي وما يزال، من تدمير للأوطان الإسلامية، ومن تآمر عليها وعلى قضيتها المركزية فلسطين، وما إلى ذلك كثير، يمكن للقارئ الكريم الرجوع إلى كتب التأريخ المنصفة للاطلاع عليها، والتي كانت تجري بعضها بشكل مباشر، أو من وراء الكواليس، وشكلت ضمانة لبقاء هذا النظام واستمراريته، لأن المستعمرين يحتاجون مثل هذا النظام، لأنهم لا يمكنهم مواجهة الإسلام، إلا بنظام يتمتع بمسحة دينية، وفوق ذلك تحتضن بلاده الحرمين الشريفين أهم المقدسات الإسلامية.
ولو رجعنا إلى التحولات التي شهدتها المملكة السعودية وأشرنا إلى بعضها في البداية، نجد أنها ضربت هذه المقومات الأساسية لوجود وبقاء هذا النظام ضربته في الصميم على أثر حماقة الملك سلمان وابنه محمد، بسبب السياسات الطائشة التي تبنيّاها ومازالا. فبالنسبة إلى الركن الأول وهو تماسك الأسرة السعودية، فتح بن سلمان ثغرة كبيرة في جدار هذه الأسرة الذي كان كما قلنا، أصم وصلب، بأقدامه على اعتقال عدد كبير من الأمراء، والوزراء ورجال الأعمال، وأباطرة الأعلام، بينهم وزير الحرس الوطني متعب بن عبد الله، والملياردير الوليد بن طلال، ورئيس الديوان الملكي السابق خالد التويجري، ثم تواتر المعلومات التي أكدتها مصادر صحفية صهيونية بينها صحيفة يدعوت احرونوت، مفادها أن بن سلمان هو الذي أعطى أوامر لسلاح الجو السعودي بقصف طائرة الأمير منصور من مقرن بن عبد العزيز أمير عسير وقتله والمرافقين معه حيث قيل أنه حاول الهروب بطائرته الهيلكوبتر إلى خارج السعودية، وقيل أيضاً على لسان صحف غربية مطلعة أن مقرن والد الأمير المغدور توعد بالرد، وبتدفيع بن سلمان الثمن.ويوماً بعد آخر، تنكشف حقائق جديدة عن انعكاسات وتداعيات حملة بن سلمان الأخيرة بتهمة الفساد، وعن آفاق هذه التداعيات التي يقولون أنها باتت تمتد وتتسع وتأخذ أبعاد خطيرة، تهدد تماسك العائلة، وقد تؤدي إلى انقسامها إلى مراكز قوى متصارعة، بعد دخول القبائل حلبة الصراع وانحياز بعضها لهذا الأمير، والبعض الآخر لذلك الأمير وهكذا. وفي هذا السياق يقول الكاتب البريطاني المتخصص بقضايا الشرق الأوسط ديفيد هيرست...ان " الأعمدة الأساسية التي قامت عليها المملكة المتمثلة في وحدة عائلة آل سعود، والشخصية الإسلامية للدولة، وطبقة رجال الأعمال المزدهرة والموالية للحكم، تعرضت للتقويض، بشكل آني ومتزامن " وأكد أن تقويض تلك الأعمدة الأساسية أدى إلى " تعاظم الخطر المحدق بالمملكة، وبات احتمال انهيارها وغرقها في الرمال كبيراً جداً".وذهب إلى هذا الرأي عدد كبير من الكتاب الأمريكيين والبريطانيين مثل الكاتب الأمريكي في صحيفة الواشنطن بوست ديفيد إغناطيوس، ونختم هذه الفقرة بما نقلته الكاتبة كريشنايدف كالأمور في تقريرها لمجلة " ذا اتلانتك " الأمريكية يوم6/11/2017، عن الزميل الباحث في مركز ويلسون ديفيد أوتاوي قوله " لا شيء حدث مثل هذا في تاريخ السعودية – في إشارة إلى الاعتقالات – ما يعطي انطباعا بأن السعودية تدخل منطقة مجهولة تحمل تداعيات غير معروفة " وأضاف اتاوي أن " التحركات قد تهدد استقرار بيت آل سعود لسنوات قادمة ". وفيما يخص المسحة الدينية، وزعامة النظام " للعالم السني " وما إلى ذلك، فأن بن سلمان كشف زيف هذه المسحة وهذه الزعامة وأكد للرأي العام، ما ذلك إلا شعار يتلطى وراءه آل سعود منذ قيام نظامهم حتى يومنا هذا للفتك بالأمة الإسلامية، وقد فضح بن سلمان هذا الخداع، من خلال أمرين الأول تمثل في هرولته نحو الكيان الصهيوني والارتماء في أحضانه، وإعلان نتنياهو رئيس وزراء هذا الكيان عن وجود حلف بين الكيان الغاصب والسعودية في مواجهة ايران وحزب الله وسوريا، على خلفية الاتصالات والزيارات وتبادل الوفود السرية بين الطرفين، وقد كُتب الكثير من المقالات والمتابعات حوله قصة التحالف السعودي الصهيوني، لأنه أصبح من الواضحات، ويعيه حتى الإنسان البسيط في هذه الأمة ...أما الأمر الثاني، فهو أن بن سلمان لم يكتف بالهرولة نحو التطبيع والتحالف مع العدو، وإنما تخندق في الخط الأول للمواجهة دفاعاً عن الكيان الصهيوني ومصالح الولايات المتحدة، وهذا ما أشار اليه صراحة المسؤولون الأمريكيون والصهاينة أيضاً، وحادثة استدعاء الحريري وإجباره على الاستقالة، وفرض الإقامة الجبرية عليه في الرياض، مثال على ذلك، يصب في إطار محاولة آل سعود إشعال الحرب في لبنان وهو هدف للكيان الصهيوني، وقبل ذلك ساهموا في محاولة إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد، وإرباك العراق وتمزيقه، ومن ثم الهجوم على اليمن و.و.... وبالتالي فأن انكشاف ما يقوم به النظام السعودي لغير صالح الأمة الإسلامية، بل وحتى لغير صالح الشعب في الجزيرة العربية شكل ضربة للهالة الإسلامية التي كان هذا النظام يضفيها على نفسه.
أما بالنسبة إلى الوضع الاقتصادي، فلقد بات معروفاً، ان بن سلمان يقود المملكة نحو الإفلاس، ، ومن خلال النفقات الباهضة جداً على حروبه في اليمن وفي سوريا وفي البيت الأبيض من اجل صعود بن سلمان لعرش المملكة، بعد تنازل أبيه ، ففي زيارة ترامب الأخيرة للرياض، عقد بن سلمان صفقات أسلحة مع الرئيس الأمريكي قدرت ب450 مليار دولار، منها امورمستعجلة ب 110دولار، إضافة إلى تعهد بن سلمان بدفع قرابة الترليون ونصف دولار لترامب على شكل دفعات، أما بالنسبة لنفقات الحرب فالمصادر الاقتصادية تقول إن النظام السعودي ينفق على عدوانه على اليمن فقط 200مليون دولار يومياً، وذلك بالطبع ما يفسر الإجراءات التي اتخذها النظام برفع الدعم عن أسعار بعض المواد، ورفع أسعار مواد أخرى، وبيع أسهم من شركة أرامكو، ثم الطلب من صندوق النقد الدولي الاقتراض.. وما إلى ذلك التي تحدث عنها الإعلام بشكل مفصل وما يزال أيضاً يحدر من احتمالات إفلاس المملكة، وبالتالي فإن ذلك سيترك تداعيات خطيرة على الاستقرار الاقتصادي وعلى المواطن داخل المملكة الذي يجد نفسه مجبراً على الدفاع عن حقوقه وعن مصالحه الاقتصادية والحياتية. هذا من جانب ومن جانب آخر أن سياسة بن سلمان سوف تؤدي إلى حروب المستثمرين السعوديين والأجانب، سيما بعد الاعتقالات الأخيرة لرجال الأعمال وأصحاب الشركات والسيطرة على ثرواتهم، وفي هذا السياق يقول تقرير لوكالة رويترز انتشر في 13/11/2017، أن نجاح بن سلمان، بات يثير مخاوف المستثمرين وقلقهم بسبب الحرب في اليمن والنزاع مع قطر، وحملة الاعتقالات الأخيرة، فضلاً عن تنامي التوتر مع إيران، مشيراً – أي هذا التقرير – إلى أن " حتى بعض المعجبين بولي العهد يتساءلون عما إذا كان نفوذه يتجاوز حدود قبضته، ونهجه القائم على التغيير من القمة وعدم تساهله مع أي معارضة يمكن أن ينفر المستثمرين الذين يريدون ضمانات بشأن سيادة القانون والأمن ". لافتاً أنه بدون دعم المستثمرين القوي سيجد الأمير صعوبة لتلبية طموح الشباب السعودي، وبالتالي فإن ذلك التحدي الأكبر لبن سلمان بحسب بعض المحللين العرب،" ذلك أن انعكاساته الداخلية ستكون مؤثرة على المواطن البسيط المشغول دائماً بالهم الاقتصادي، أكثر من انشغاله بالجانب السياسي، وأكثر حتى من استمتاع شريحة لا بأس بها بمتابعة الخلافات بين الأشقاء وأبناء العمومة في العائلة المالكة ".
الدعامة الأخيرة، هي كما أشرنا الوظيفة الاستعمارية، فإذا كانت أمريكا والدول الغربية تنظر إلى دور آل سعود في خدمة المشروع الغربي الأمريكي في المنطقة، بأنه دور أساسي ومهم، فهي اليوم تتوجس خيفة وينتابها القلق، من هذا الدور، فالنظرة الغربية اليوم لهذا الدور تختلف عن السابق، لأنها بنظر الأميركان، والغربيين أن النظام السعودي بدلاً أن يكون صمام الأمان في المحافظة على المصالح الغربية، بات يشكل خطراً على هذه المصالح، وذلك لعاملين مهمين، هما: أولاً، ان الإرهاب الذي خرب المنطقة وضرب بعض العواصم الغربية، منشأه الفكري، ومموله ومن قام بتسليحه ونشره عبر القارات هو النظام السعودي، ولذلك انبرى العشرات من الكتاب والمفكرين الغربيين ومن السياسيين في ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وحتى الولايات المتحدة، لحث الحكومات الغربية والأمريكية إلى ضرورة التصدي للايديولوجيه الوهابية، لأنها باتت تشكل خطراً على الاستقرار العالمي، من خلال قطعانه التكفيرية التي تفلت من العقال السعودي لتفجر وتقتل الأبرياء عبر القارات...بمعنى أن الأوساط المذكورة باتت تعتقد أن هذا النظام أضحى عبئاً على الدول الغربية وتهديداً لأمنها. وثانياً : هو تهور بن سلمان في سياساته الخارجية والداخلية بحيث بات الأمريكيون والغربيون ينظرون الى هذه السياسة بأنها تشكل خطراً على مصالحهم في المنطقة، لأن بن سلمان يتجاوز بتهوره السقوف التي وضعت له...ففي هذا السياق قال الموظفان الامريكيان السابقان في وزارة الخارجية الأمريكية ديفيد آيرون ميلر وريتشارد سولوسكي في مقال تحليلي لهما نشرته مجلة فورين بوليسي ان " ابن سلمان وضع الشرق الأوسط على مسار تصادمي، فيما سيتلقى البيت الأبيض العواقب " وقالا: " الآن، سرّع ولي العهد السعودي صعوده الى العرش، من خلال سلسلة من عمليات التطهير الواسعة النطاق والحركات المتهورة على مستوى السياسة الخارجية ". أما الصحفي الألماني كريستيان بوهه فقد كتب في مجلة دير شبيغل الألمانية واسعة الانتشار مقالاً تحت عنوان " الأمير المقامر" قال فيه " لا يريد بن سلمان فقط القضاء على منافسيه الحقيقيين أو المفترضين، ولكن أيضاً عدم التشكيك بأجندته الداخلية والخارجية، لكن عندما يضع بلاده بمواجهة وشيكة مع إيران فأن تداعيات الزلزال السعودي تتجاوز المنطقة العربية وتدق جرس الإنذار للعالم ".ورأى الكاتب ان " الوريث المتوقع للعرش السعودي البالغ من العمر32عاماً – والذي يقود بلاده لحالة من اضطراب – بدأ في تعامله مع التطورات اللبنانية كشخص معدوم الخبرة بالتعامل مع الأزمات الحساسة، وظهر كمقامر يرفع سقف رهانه بلا تدبر لأعلى المستويات، ثم ينتهي به الأمر للخروج خاسراً وخالي الوفاض ".وهكذا تتواتر التحليلات في البلدان الغربية حول خطورة السياسية السعودية حتى على الولايات المتحدة نفسها، والتحذير من مآلاتها وانعكاساتها على المصالح الأمريكية والغربية، والتأكيد على أن هذه السياسة ستقود النظام إلى الفشل المروع، كما هو ظاهر في الحرب على اليمن وعلى لبنان، وفي التدخلات السعودية في سوريا والعراق، حيث منيت السعودية بهزيمة واضحة..
على أي حال، فأن ما تقدم يؤكد بوضوح، إن مستقبل النظام السعودي، سيكون مستقبلاً غامضاً محفوظاً بالمخاطر الهجمة.
عبد العزيز المكي
ارسال التعليق