بعد تطبيع أبوظبي.. أين وصل مشروع سكة الحديد بين حيفا والخليج؟
التغيير
بعد الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي وتطبيع العلاقات الكاملة بينهما برعاية أمريكية، أصبح تنفيذ مشروع السكك الحديدية الإقليمي الذي طرحه مسؤولون إسرائيليون على مسؤولين إماراتيين، أكثر سهولة وسرعة، هكذا تقول آخر المعطيات والمستجدات.
وسيكون تنفيذ مشروع القطار الذي كشفت عنه الخارجية الإسرائيلية في يوليو 2019، محط أنظار للإسرائيليين بعد الاتفاق مع الإمارات، خاصة أنه يهدف إلى ربط البحر المتوسط بالخليج من خلال مد سكة حديدية.
و"مشروع القطار" هو أول ما تحدث به الإسرائيليون بعد الاتفاق المعلن مع الإمارات (13 أغسطس 2020)، وذلك على لسان الوزير الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، المقرب من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، من خلال حديثه عبر محطة إذاعية إسرائيلية، عن آفاق مشروعات إقليمية ضخمة للنقل مثل "خط للسكك الحديدية بين دول الخليج وميناء حيفا".
وسيجعل هذا المشروع، وفق حديث كاتس، "إسرائيل" بوابة البحر المتوسط للإمارات، إضافة إلى أن الاتفاق بأكمله "سيكون أساساً لتحديث كبير جداً للاقتصاد الإسرائيلي، بالطبع إلى جانب الأشياء التي يحتاجونها منا في تكنولوجيا المياه والزراعة والتكنولوجيا الفائقة".
ووفق ما عرضه كاتس فإنّ "سكة السلام الإقليمي" ستنطلق من مدينة حيفا إلى بيسان (داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 48)، لتمر عبر جسر الشيخ حسين الذي يربط بالأردن، ومن هناك إلى مدينة إربد شمالاً، ومن ثم إلى الدول الخليجية و المملكة.
تفاصيل المشروع
ويعتمد المشروع، وفق ما كشفت تفاصيله "الخارجية" على الإسرائيليين، على استخدام الدولة العبرية كجسر بري، والأردن كمركز مواصلات إقليمي، بحيث تتوفر شبكة سكك حديدية إقليمية ستنقل شحنات وركّاباً مستقبلاً ما بين الولايات المتحدة وأوروبا والبحر المتوسط غرباً، وبين دول الخليج ومملكة آل سعود والعراق شرقاً.
وتتطلع دولة الاحتلال من وراء المشروع إلى خلق "مسارات تجارية إقليمية أقصر وأسرع وأرخص وأكثر أمناً، كما ستساهم في تعزيز اقتصادات الأردن وفلسطين ومملكة آل سعود والخليج، وحتى الاقتصاد العراقي مستقبلاً".
وتتحدث خطة المشروع عن المسار التاريخي لخط الحجاز من حيفا، والذي أعيد افتتاحه عام 2016، حيث ستتم تنمية هذا الخط حتى الحدود الأردنية إلى معبر نهر الأردن الحدودي، وأيضاً باتجاه معبر الجلمة وجنين، للسماح للفلسطينيين بالارتباط بخط الحديد هذا، وفق الوزارة.
وسيمتد الخط نحو الأردن ومملكة آل سعود ودول الخليج، ما سيعمل على تعزيز النمو الاقتصادي للفلسطينيين، والحديث لوزارة خارجية الاحتلال.
ومن المتوقع أن يصل حجم التجارة عبر الجسر البري وفق الخارجية الإسرائيلية، في عام 2030، إلى نحو 250 مليار دولار، أي 4 أضعاف حجم التجارة التي تمر حالياً عبر الموانئ الإسرائيلية.
تسهيلات وعقبات
المختص والمتابع للشأن الإسرائيلي، سعيد بشارات، يؤكد أن مشروع القطار بين الإمارات و"إسرائيل"، الذي طُرح خلال حكومة نتنياهو السابقة، سيتحقق بعد الاتفاق بين أبوظبي و"تل أبيب".
ويوجد عدة عوامل ستنجح تنفيذ مشروع القطار، وفق حديث بشارات لـ" التغيير"، أبرزها وجود اتفاق سلام بين دولة الاحتلال الإسرائيلي والأردن، وكذلك علاقات سرية مع آل سعود التي سمحت بفتح أجوائها أمام الطائرات الإسرائيلية.
وستوافق سلطات آل سعود ، حسب بشارات، على مرور القطار الإسرائيلي- الإماراتي من أراضيها رغم عدم وجود اتفاق رسمي يجمعها مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، كحال عمّان وأبوظبي.
وسيمر مشروع القطار، كما يوضح بشارات، في سلسلة جبال الأردن، ومن ثم مملكة آل سعود وإلى الإمارات وعدد من دول الخليج، إذ ستستفيد "إسرائيل" من الوصول إلى تلك المنطقة في الخليج العربي التي توجد بها إيران على الطرف الآخر.
وسيكون تنفيذ مشروع القطار، حسب بشارات، تتويجاً للاتفاق الذي أعلنته الإمارات و"إسرائيل" برعاية أمريكية، خاصة مع التسارع في العلاقات، سواء من القاعدة الشعبية الإماراتية، أو الهرم القيادي.
وإلى جانب حالة التفاؤل الموجودة في العلاقات الإسرائيلية الإماراتية، وضع المختص في الشأن الإسرائيلي سيناريو آخر قد يتسبب في تأخير تنفيذ مشروع القطار وبعض الاتفاقيات بين الإمارات و"إسرائيل"، وهو رفض الأخيرة بيع الولايات المتحدة مقاتلات "F35" إلى أبوظبي.
ويستدرك بالقول: "ربما هذا الملف قد يعمل على وضع عقبات أمام تنفيذ المشاريع الإسرائيلية الإماراتية المشتركة، وبينها مشروع القطار".
استعمار اقتصادي
وفي حالة تنفيذ مشروع القطار بين الإمارات و"إسرائيل"، فستكون الأولى قد جلبت إلى المنطقة الخليجية والعربية استعماراً اقتصادياً، وفق حديث محمود نواجعة، منسق اللجنة الوطنية لمقاطعة الاحتلال الإسرائيلي المعروفة بـ"BDS".
"نواجعة" قال، في تصريح سابق لـ"التغيير": "تعمل الإمارات على جعل اقتصاد جميع الدول العربية تابعاً لدولة الاحتلال الإسرائيلي من خلال مشروع القطار، الذي ستكون أولى ثماره التجارية مع مملكة آل سعود المتورطة في التطبيع مع إسرائيل".
ويصف نواجعة المشروع الإسرائيلي - الإماراتي بـ"الكارثة بكل المعايير على الدول العربية، خاصةً حقوق الشعب الفلسطيني، من خلال توريد جميع البضائع التجارية للعرب، خاصةً البترول، من خلال ميناء حيفا".
وتسعى الإمارات، وفق نواجعة، إلى "تعميق التبعية الاقتصادية للاقتصاد الإسرائيلي، من خلال مشروع القطار الذي سيصل في المراحل المتقدمة إلى مملكة آل سعود ".
وتثير آفاق العلاقات الرسمية مع الإمارات من خط مقترح للسكك الحديدية إلى الخليج من ميناء حيفا الإسرائيلي ورحلات جوية سريعة ومباشرة من "تل أبيب"، حماسة لدى المستثمرين في "إسرائيل"، وفق وكالة "رويترز".
وسارع مسؤولون إسرائيليون إلى إبراز المنافع الاقتصادية للاتفاق، والذي سيشمل أيضاً فور إضفاء الطابع الرسمي عليه، اتفاقيات تتعلق بالسياحة والتكنولوجيا والطاقة والرعاية الصحية والأمن بين مجالات أخرى.
ووقعت بعض الشركات الإسرائيلية والإماراتية بالفعل اتفاقات منذ الإعلان عن الاتفاق، حيث جرى الإعلان عن عدد من أوجه التعاون الطبي والدفاعي على نطاق محدود خلال الأسابيع التي سبقت اتفاق التطبيع.
ارسال التعليق