بعد طرده من بغداد وفشله في اربيل السبهان مرسولا للرقة
السعودية مع الأكراد شمال سوريا: أبعد من التطبيع!
نشر ناشطون صوراً لوزير الدولة السعودية لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان في شمالي مدينة الرقّة السورية برفقة قيادات عسكرية من «قوات سوريا الديمقراطية»، وهي وحدات تعتبر واجهة لحزب العمال الكردستاني التركي والفصائل التابعة له في سوريا كـ«وحدات الحماية الكردية» و«حزب الاتحاد الديمقراطي». الوزير كان برفقة بريت ماكغورك، مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الرقة.
تشير الحادثة إلى تطوّر لافت في الموقف السعودي من الأوضاع السورية، يمكن وضعه، بداية، في إطار رغبة الرياض في الانتظام ضمن الأجندة الأمريكية العامة في المنطقة، وهو ما تتالت فصوله بعد الزيارة الشهيرة لترامب إلى الرياض في شهر أيار/مايو الماضي، بحيث أن المواقف السياسية السعودية في المنطقة والعالم، لم تعد هي المواقف التي كانت قبلها.
غير أن ذلك لا يعني أن المواقف السعودية صارت كلها، بعد زيارة ترامب، مختومة بعبارة «صُنع في أمريكا»، فهناك أسباب سعودية داخلية أيضاً ساهمت في هذا التغيّر، وأهمّها بالطبع تعيين نجل الملك سلمان بن عبد العزيز، محمد، وليّاً للعهد، وهي خطوة كبرى في تاريخ العرش السعودي، خلخلت التوازنات العائلية السابقة.
وأعلنت سياسياً عن نفسها بتحالفات سياسية داخليّة جديدة، تلغي بالتدريج فكرة تأسيسية في المملكة، وهي تحالف العائلة الحاكمة مع رجال الدين السلفيين، وتتوجّه إلى قطاعات في المجتمع السعودي بدعوات الرخاء المستقبلي (رؤية 2030)، والتنمية (طرح أسهم أرامكو عالميا)… والتسلية!
وجد هذا الاتجاه نموذجا محلّيا يستلهمه هو الإمارات العربية المتحدة، وهو ما قد يفسر اندفاع وليّ العهد السعودي لاقتباس سياسات الإمارات الداخلية والخارجية نفسها، رغم تناقضها مع تراث طويل من السياسة الداخلية والخارجية السعودية، وهو ما أفضى إلى تمكين متزايد للإمارات في شؤون اليمن وسوريا وليبيا ومصر، وإلى تواصل مع إسرائيل، وإلى صراع مكشوف مع قطر!
بالنسبة للوضع السوري انقلبت المعادلة السعودية من النزاع الواضح مع النظام فی دمشق إلى وقف المساعدات عن المعارضة السورية والضغط عليها للقبول بممثلين سوريين لمصالح روسيا ومصر ضمن هيئتها التفاوضية، وصولاً، على ما يبدو، إلى التماثل مع الموقف الأمريكي الذي يعتبر واجهات حزب العمال الكردستاني أداته للقضاء على تنظيم «الدولة الإسلامية» وتثبيت مصالحه في سوريا.
وهو أمر يكشف في داخله أيضاً، عن عداء مبطن لتركيا، أمريكيّاً، وسعودياً، وبذلك تستبدل الرياض، كما فعلت أبو ظبي، الصراع مع النظام السوري بالصراع مع أنقرة والدوحة.
في مقابل هذا الموقف قرأنا أمس عن هبوط أول طائرة سعودية في العراق، وعن مشاركة 60 شركة سعودية في معرض بغداد السبت المقبل، وهذا يعني، ضمن ما يعنيه، استكمالاً تدريجيا للانقلاب في الأولويات والمبادئ.
فالسعودية تتقرّب من روسيا وتوقع الصفقات الكبيرة معها، وتتقارب مع إسرائيل، وتطبع مع النظام العراقي، حليف إيران، ولا تجد عدوّاً على الكرة الأرضية غير جارتها التي تشاركها حدود الأرض وآمال البشر، قطر، وشريكتها في الإسلام والمصالح الجغرافية والتجارية، تركيا.
وفي تفسير هذه المواقف العجيبة فليتنافس المتبارون!
ارسال التعليق