بلومبرغ: تقييم أرامكو المالي مجرد وهم وضربا من الخيال
اعتبرت وكالة “بلومبرج” الأمريكية أن تقييم شركة النفط السعودية العملاقة “أرامكو” يعتمد على “الوهم أكثر من الحكمة”، ويشير إلى أن السيولة في أسهمها سيئة للغاية، إذ تم تداول متوسط يومي للأسهم بـ51 مليون دولار فقط خلال 2022، مرجحة ألا يهتم المستثمرون الدوليون بالطرح الإضافي المرتقب لأسهم الشركة.
الوكالة أضافت، في تقرير أن أرامكو تشترك في سمتين مع شركتي آبل (Apple Inc) ومايكروسوفت (Microsoft Corp)، وهما أن القيمة السوقية تقاس بتريليونات الدولارات ونسبة السعر إلى الأرباح مرتفعة للغاية، لكن على عكس الشركات التكنولوجية العملاقة، يعتمد تقييم أرامكو على “الوهم أكثر من الحكمة الجماعية للسوق”.
وأوضحت أن هذا الوضع مهم لأن “الحكومة السعودية” لا تزال تسيطر بشكل مباشر وغير مباشر على 98% من أسهم الشركة بعد طرحها العام الأولي في 2019، وتدرس ما إذا كانت ستبيع المزيد من الأسهم.
وأضافت أنه: “من الناحية الفنية، لا يوجد شيء غير منطقي في تقييم أرامكو، إذ يبلغ حاليا ما يزيد قليلا عن تريليوني دولار، مما يجعلها ثالث أكبر شركة مطروحة للتداول العام في العالم”.
وأردفت الوكالة: “بعد كل شيء، يحدد المشترون والبائعون الراغبون السعر بشفافية في سوق الأوراق المالية. هذه هي الطريقة التي يتم بها تقييم الشركات في النظام الرأسمالي”.
واستدركت: “لكن المشكلة هي جودة اكتشاف هذا السعر واتساعه، إذ تعد السيولة في أسهم أرامكو سيئة للغاية، فقد تم تداول أسهم بقيمة 51 مليون دولار فقط في المتوسط اليومي خلال العام الماضي”.
واستطردت: “قارن ذلك مع نحو 2 مليار دولار لشركة إكسون موبيل (Exxon Mobil Corp)، وبالنسبة لشركتي آبل (Apple Inc) ومايكروسوفت (Microsoft Corp) فإن الأرقام هي 11.2 مليار دولار و7.5 مليار دولار على التوالي”، مضيفة أن “التداول في أسهم أرامكو منخفض بشكل لا يصدق مقارنة بنظرائه”.
طرح مرتقب و”من أجل تحسين سيولة الأسهم، تعمدت الحكومة السعودية إلى طرح الأسهم للبيع، والمديرون التنفيذيون في أرامكو على دراية بالمشكلة”، وفقا للوكالة.
وقال المدير المالي للشركة زياد المرشد، للمستثمرين خلال مؤتمر عبر الهاتف في وقت سابق من الشهر الجاري: “ندرك أن متوسط حجم التداول مقارنة بسهم بحجمنا ليس مرتفعا”.
وأضاف أن “الكثير من هذه الأمور ليست تحت السيطرة المباشرة للشركة، إذ يمتلك الكثير من المساهمين الأسهم، وبالتالي فإن الحجم المتداول ليس مرتفعا جدا”.
واعتبرت الوكالة أنه “ببساطة، أرامكو لا تساوي الكثير بالنسبة للمستثمرين الدوليين المحنكين، ولهذا السبب تخلى معظمهم عن الاكتتاب العام في 2019 بتقييم أقل، ولذلك من المرجح أن لا يهتموا مرة أخرى إذا مضت الرياض قدما في الطرح المرتقب”.
وردا على طلب من الوكالة للتعليق، قالت أرامكو إن “انخفاض السيولة لا يردع المستثمرين، وعلى العكس، نعتقد أن هناك إقبالا قويا على ما تقدمه الشركة، فهي توفر للمستثمرين ربحية وتدفق نقدي وعائدات لا تضاهى”.
وفي 16 مايو/ أيار الجاري، ذكرت الوكالة أن “السعودية” تقترب من طرح حصة إضافية من أسهم أرامكو بمليارات الدولارات وتكتسب زخما جديدا، ومن شأنها أن تكون إحدى أكبر الطروحات بالعالم في السنوات الأخيرة، بحسب مطلعين.
إلى ذلك أعلن محمد بن سلمان، في 16 أبريل/ نيسان الماضي، إتمام نقل 4% من إجمالي أسهم أرامكو إلى الشركة العربية السعودية للاستثمار (سنابل)، وهي مملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة (سيادي).
وأفادت الوكالة بأن “السعودية”، التي كانت عادة إحدى أكثر الأسواق ازدحاما بالطروحات في منطقة الخليج العربي، هادئة حتى الآن، بينما دخلت بورصات أخرى مثل أبوظبي إلى دائرة الضوء بطروحات جديدة.
وتضر خطوة ابن سلمان بـ “أرامكو” التي خسرت 4 في المئة من أسهمِها من دونِ مقابل، في حين أنها تسعى إلى زيادة رأسمالها عبر طرحِ أسهم للبيع، ما يُبرز مجدداً أنَّ ابن سلمان يعمل باستراتيجية نهب مؤسسات الدولة والاستحواذ على خيرات البلاد.
ما ورد لا يعد أمرا مستغربا في نهج محمد بن سلمان، وهو بذلك لا يحيد عن أسلافه من آل سعود، واعتبار أراضي شبه الجزيرة العربية بما فيها من موارد ملك لهم.
ووفق رؤية 2030، يزعم الصندوق سعيه لمضاعفة أصوله إلى نحو 1.1 تريليون دولار بحلول 2025 و2.7 تريليون دولار في 2030.
وتعوّل رؤية السلطات السعودية 2030 على الصندوق في تنويع مصادر دخلها عبر استثماراته محلياً وخارجياً، للتخلص من الاعتماد على النفط كمصدر رئيس للإيرادات.
وتعرضت “أرامكو” لضغوط من المساهمين لدفع المزيد وتحسين جاذبيتها مقارنةً بمنافسين مثل “بي بي” (BP Plc) و”شل” (Shell Plc)، اللتين كانتا تدفعان المليارات من خلال توزيعات الأرباح وعمليات إعادة شراء الأسهم.
وفي وقت سابق من العام نفسه، استحوذ النظام السعودي على 5 ٪ من حصص Capcom و Nexon (وهي كورية جنوبية، ولكنها تتداول في بورصة طوكيو للأوراق المالية).
وفي أواخر عام 2020، استثمر صندوق الاستثمارات العامة 3 مليارات دولار في حصص أصغر في شركات نشر الألعاب الأمريكية العملاقة EA و Activision Blizzard و Take-Two. تمتلك “السعودية” أيضًا إحدى الشركات التابعة لمؤسسة ولي العهد تقريبًا كل شركة Metal Slug ومطور The King of Fighters SNK.
فقد تم إنشاء صندوق الاستثمارات العامة لزيادة ثروة النظام السعودي، وللمساعدة في عزل الاقتصاد السعودي بينما ينتقل العالم بعيدًا عن النفط كمصدر للطاقة.
ارسال التعليق