بوليتيكو: لماذا يتجنب حلفاء ترامب بالمنطقة مواجهة إيران؟
التغيير
نشرت مجلة "بوليتيكو" تقريرا للصحافية ناهال توسي، تقول فيه إن حلفاء ترامب في الشرق الأوسط حثوا أمريكا على اتخاذ مواقف أكثر تشددا من إيران، وانتقدوا قرارها بتوقيع اتفاق نووي مع طهران، وفرحوا عندما فاز دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية.
ويشير التقرير، إلى أن أقرب حلفاء أمريكا في الشرق الأوسط يقومون الآن عمليا بمحاولة الاختباء، لافتا إلى أن أمريكا قامت في الأيام الأخيرة باغتيال اللواء الإيراني قاسم سليماني، وردت إيران بإطلاق وابل من الصواريخ على قاعدة أمريكية في العراق، فبدأت إسرائيل ودول الخليج بالتعبير عن آراء غير آرائها السابقة التي أدت إلى الصدام.
وتذكر توسي أن المسؤولين دعوا إلى "ضبط النفس" لتجنب "تفاقم الوضع"، وشددت الإمارات العربية المتحدة على "أهمية الحوار والحلول السياسية"، وحتى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي مدح علنا قرار ترامب اغتيال سليماني، قال لمستشاريه سرا إن القتل "ليس شأنا إسرائيليا بل هو شأن أمريكي.. لم نكن متورطين فيه ولا يجب أن نجر إليه"، بحسب تقارير إعلامية إسرائيلية.
ويفيد التقرير بأن المخاوف بالنسبة لدول الشرق الأوسط هذه، التي تنفق بعضها أموالا كبيرة على شركات الضغط السياسي في واشنطن، قد تكون أثرت على قرار ترامب يوم الأربعاء بعد القيام بعمل عسكري مباشر؛ ردا على وابل الصواريخ الذي أطلقته إيران قبل ساعات.
وتنوه توسي إلى أنه في الأيام التي اتبعت الغارة التي قتلت سليماني، تواصل المسؤولون الأمريكيون مع نظرائهم في إسرائيل ودول الخليج، واستضاف ترامب هذا الأسبوع مسؤولي دفاع من عائلة آل سعود في واشنطن، وهو اجتماع لم يعلن عنه البيت الأبيض حتى أعلنت عنه الرياض.
وتشير المجلة إلى أن أمريكا قامت منذ أشهر بتعزيز وجودها العسكري في الخليج ببطء، بعد أن أشارت الأدلة إلى تورط إيران في مهاجمة ناقلات النفط وأهداف أخرى في الخليج، وهو ما يقول مسؤولون أمريكيون بأنه دليل على مدى الدمار الذي بإمكان طهران أن تتسبب به.
ويلفت التقرير إلى أن تهديد الحرس الثوري الإيراني لم يستثن بالرد جيرانه الذين تدعمهم أمريكا، فقال إنهم لن يكونوا آمنين من المزيد من التصعيد إن ردت واشنطن على هجومها الصاروخي في العراق.
وتورد الكاتبة نقلا عن بيان الحرس الثوري، قوله: "لحلفاء أمريكا الذين منحوا جيشها الإرهابي قواعد في أراضيهم، فإن أي أراض تكون بأي شكل منطلقا لأي عمل معاد أو هجوم ضد جمهورية إيران الإسلامية ستكون مستهدفة.. ولا نعد بأي شكل من الأشكال النظام الصهيوني منفصلا عن النظام الأمريكي المجرم في هذه الجرائم".
وتنقل المجلة عن بعض المسؤولين الأمريكيين وغيرهم من المراقبين للشرق الأوسط، قولهم بأن بإمكان إسرائيل ودول الخليج الحذرة من إيران أن ترى بريق أمل في أحداث الأيام الأخيرة، فأولا، بإصدار أمره باغتيال سليماني، الذي كان يزور بغداد عندما تم اغتياله، أثبت ترامب أنه مستعد للقيام بعملية ذات مخاطرة كبيرة ضد إيران، مشيرة إلى أن ذلك كان مطمئنا إلى حد ما، خاصة للزعماء العرب، الذين خابت آمالهم عندما امتنع ترامب من الرد على إيران عندما أسقطت إيران الطائرة المسيرة الأمريكية وضربت المنشآت النفطية السعودية.
ويورد التقرير نقلا عن شخص على اطلاع داخل البلاط الملكي لآل سعود قوله في رسالة نصية لـ"بوليتيكو": "دول الخليج قلقة (بشكل أقل الآن بعد سليماني) بأن أمريكا ستتخلى عنهم عندما تصبح الأمور أصعب".
وتنوه توسي إلى أن ترامب فرض عقوبات اقتصادية على إيران، فيما تصفه إدارته بأنه حملة "ضغط أقصى"، تهدف إلى تركيع إيران، وأعلن الرئيس يوم الأربعاء بأن عقوبات جديدة ستفرض على إيران بعد هجومها الصاروخي، مستدركة بأنه يعتقد بأن تردده السابق في مواجهة إيران عسكريا هو الذي أدى إلى الحوار الدبلوماسي بين الرياض وأبو ظبي من جهة وطهران من جهة أخرى، بما في ذلك الأمل في تحقيق تقدم في اليمن.
وتذكر المجلة أن رئيس الوزراء الإيراني أعلن بعد الضربة الأمريكية ضد سليماني الأسبوع الماضي، بأن اللواء الإيراني كان في العراق كجزء من الحوار حول تخفيض التوتر مع آل سعود، "لكن بومبيو سخر من ذلك الادعاء وأعلن أنه (غير صحيح)"، مشيرة إلى أنه في الوقت الذي تسعد فيه تلك الدول برؤية ترامب يوجه ضربة لإيران، إلا أنهم لا يريدون أن تتحول المواجهة إلى حرب شاملة.
وتفيد الكاتبة بأن باراك أوباما استخدم العقوبات، وتشارك مع دول أخرى لإجبار إيران على التفاوض، وهو ما أوصل إلى اتفاقية 2015 النووية مع إيران، مشيرة إلى أنه بالنسبة لكثير من الدول العربية وإسرائيل، فإن وضع حد للبرنامج النووي الإيراني كان أولوية كبيرة لسنوات.
وتشير توسي إلى أنه في الوقت ذاته، فإن تواصل أوباما مع إيران أزعج الشركاء العرب، وبعضهم تشكك في التزام أوباما بأمنهم -وهو أمر قال مؤيدو أوباما إنه سخيف- ونظروا إلى جهوده الدبلوماسية بأنها تمثل ميلا نحو طهران، لافتة إلى أن ترامب تخلى عن الاتفاقية النووية في أيار/ مايو 2018، وبدأ بإعادة فرض العقوبات التي تم رفعها بموجب الاتفاقية.
وقال المسؤول العربي لـ"بوليتيكو" إن ما يريده خصوم إيران في المنطقة الآن هو أن تستمر أمريكا في الضغط على إيران -والأفضل من خلال العقوبات والدبلوماسية- للجلوس والتوصل إلى اتفاقية أشمل تغطي جهودها النووية وبرنامجها الصاروخي وتصرفاتها الإقليمية العدوانية.
وأضاف المسؤول أن الدول العربية يجب أن يكون لها مقعد على طاولة المفاوضات، وكانت الاتفاقية السابقة قد تم التوصل إليها من خلال مفاوضات تضمنت إيران وأمريكا والصين وروسيا وفرنسا وألمانيا.
ويلفت التقرير إلى أن ترامب حث يوم الأربعاء تلك الدول "للتخلي عما تبقى من تلك الصفقة مع إيران.. والعمل معا تجاه التوصل إلى اتفاق (جديد) مع إيران يجعل العالم أكثر أمانا وأكثر سلما".
وتنقل الكاتبة عن كثير من مراقبي الشأن الإيراني، قولهم إن ذلك غير واقعي، ويشيرون إلى أن إيران، ولأسباب تتعلق بالسيادة الوطنية والكبرياء، لا يتوقع أن تجلس لمثل هذه المفاوضات الشاملة، مشيرة إلى أن إدارة ترامب لم تقم بأي تحرك جاد لإشراك إيران دبلوماسيا، بالإضافة إلى أن الرئيس أضر بشكل كبير بالعلاقات مع بعض أهم الحلفاء لأمريكا، ما يجعل الجهود متعددة الأطراف أكثر صعوبة.
وتقول المجلة إن "البعض يشيرون إلى أنهم حذروا منذ سنوات بأن مقاربة ترامب القائمة على العقوبات الشديدة لإيران ستؤدي في المحصلة إلى مواجهة عسكرية، ولذلك فمن الغريب أن نرى دول الخليج العربية وإسرائيل فجأة تخشى التداعيات".
ويورد التقرير نقلا عن الزميلة في مؤسسة "سنتشري/ القرن" دينا إسفندياري، تغريدها قائلة: "ما الذي كانوا يتوقعونه بأن يحصل؟".
وتختم "بوليتيكو" تقريرها بالقول إنه تأكيدا لقابلية استمرار الخطر، فإن صاروخين أطلقا يوم الأربعاء على المنطقة الخضراء، حيث تقع السفارة الأمريكية في بغداد.
ارسال التعليق