تحالف السعودية والإمارات باليمن.. أين اختفت بقيّة الدول
يبدو أن "التحالف العربي" لم يعد عربياً، لا اسماً ولا وظيفةً، خاصة مع تصاعد الإدانات الدولية للانتهاكات التي ترتكبها السعودية والإمارات في اليمن، فضلاً عن تقاسم الحصص بين الدولتين الخليجيتين في البلد الفقير.
فمنذ أن انطلق التحالف بعملياته العسكرية ضد الحوثيين باليمن، في مارس 2013، حمل اسم "التحالف العربي"، لكن هذه التسمية بدأت تتحوّل شيئاً فشيئاً لتقتصر على مسمّى "التحالف الإماراتي السعودي".
الأمر لم يقتصر على تغيّر الاسم فقط، بل إن الهدف الذي تأسّس التحالف من أجله "ضلّ الطريق"، كما يقول مراقبون؛ فبدلاً من قتال اليمنيين الحوثيين بدأت الرياض وأبوظبي "تقاسم الحصص" فيما بينهما هناك.
غير أن شريحة واسعة من اليمنيين باتوا ينعتون التدخّل السعودي والإماراتي بـ"الاحتلال"، في ظل إحكام سيطرة الدولتين على صنع القرار والمصادر الحيوية والاقتصادية لليمن.
وإن التسمية الجديدة للتحالف لم تعد مقتصرة على وسائل إعلام محلية، بل إن صحفاً دولية ومواقع إلكترونية شهيرة باتت تستخدم مصطلح " التحالف السعودي الإماراتي في اليمن".
ولعل السؤال الأبرز بعد 3 سنوات من القتال الذي لا أفق لانتهائه وسط إدانة دولية وحقوقية واسعة يحوم حول أسباب تحوّل التحالف العربي إلى سعودي-إماراتي، وأين اختفى دور بقيّة الدول المشاركة؟
انسحاب دولعند تأسيسه كان التحالف يضم 9 دول؛ هي: السعودية والإمارات والكويت والبحرين وقطر ومصر والأردن والسودان والمغرب، لشنّ غارات على مواقع الحوثيين واستعادة العاصمة اليمنية صنعاء.
ولا يمكن تجاهل الدول التي رفضت المشاركة لاعتبارات سياسية في منطقة الشرق الأوسط؛ وهي: إيران، وسوريا، والعراق، والجزائر، حسب تقرير لوكالة الأناضول التركية نشرته في 2015.
ومع استمرار القتال في اليمن دون التوصّل إلى حل للصراع الذي أدخل البلاد في مجاعة غير مسبوقة، بدأ يضمحلّ دور الدول المشاركة وانسحبت أخرى، في حين تصدّرت السعودية والإمارات المشهد.
وكانت الأزمة الخليجية وحصار قطر مرحلة مهمة في عمر التحالف المثير للجدل، حيث أُعلن انسحاب قوات الدوحة من التحالف، والتي قُدّرت بألف جندي، مسنودين بعشرات الطائرات العسكرية.
أما السودان الذي يشارك بنحو 6 آلاف جندي، وفق مصادر رسمية محلية، فقد تعرّض لضعوط شعبية مطالبة بالانسحاب من التحالف، بعد مقتل أكثر من 400 سوداني، بينهم 12 ضابطاً.
وفي مايو الماضي، نشر موقع "الأحداث نيوز" السوداني تقريراً قال فيه: إن "الخرطوم أبلغت السعودية رسمياً أنها لا تنوي تجديد قواتها العسكرية التي تشارك في التحالف العربي باليمن، بدءاً من حزيران (يونيو) المقبل، وفقاً للبروتوكول العسكري المتّفق عليه في غرفة العمليات".
ومع تواتر العديد من التطورات الإقليمية اللاحقة، ومن ضمن ذلك الأزمة الخليجية، أصبحت مشاركة القوات السودانية في اليمن محاصَرة بعدد من الأسئلة والاستفهامات والاتهامات.
وبعض الدول المشاركة، كمصر والبحرين، ظلّت ضمن التحالف لتسجيل موقف سياسي تضمن من خلاله رضا الرياض وأبوظبي، واستمرار الدعم الإماراتي-السعودي، خاصة اقتصادياً.
وبالنسبة إلى الكويت والأردن فإن دورهما يبدو محدوداً، حتى إنه يكاد ينعدم، وهذا يمكن ترجمته باقتصار الرد الحوثي على السعودية والإمارات من خلال القصف الصاروخي وعمليات عسكرية داخل البلدين الخليجيين، واستثناء الدول الأخرى.
انتهاكات وإداناتويتعرّض التحالف إلى انتقادات من جهات سياسية وحقوقية دولية؛ على خلفيّة استهداف غاراته المدنيين في الصراع مع الحوثيين وحليفهم المخلوع، علي عبد الله صالح. إضافة إلى دور التحالف في فرض الحصار والإغلاق على هذا البلد.
وفي 5 سبتمبر 2017، قالت المفوضيّة السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة إن انتهاكات حقوق الإنسان متواصلة من قبل التحالف باليمن، في خرق واضح للقانون الإنساني الدولي، منتقدة ممارسات وسياسات التحالف.
وقالت في تقرير مطوّل تناول الوضع الإنساني في اليمن منذ 2014، إنه تم تسجيل أكثر من 4500 غارة جوية للتحالف، بين يوليو 2016 ويونيو 2017، أدّت إلى مقتل 933 مدنياً وإصابة أكثر من 1400 شخص.
وخلال الشهر ذاته، اتّهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" التحالف بمفاقمة الوضع الإنساني في اليمن من خلال القصف العشوائي والقيود التي يفرضها على دخول السلع الأساسية. وقالت المنظمة إنّها زادت الأوضاع المتردّية لليمنيين، وانتهكت القانون الدولي الإنساني.
وفي أكتوبر من العام ذاته، أدرجت الأمم المتحدة التحالف في القائمة السوداء لمنتهكي حقوق الأطفال. واتهم التقرير السنوي لعام 2016 السعودية بقتل وتشويه الأطفال واستهداف وهدم مدارس اليمن ومستشفياته.
وهذا غيض من فيض الانتهاكات التي أدانها المجتمع الدولي، ما يعني أن التحالف انحرف عن مساره في قتال الحوثيين واستعادة العاصمة صنعاء من سيطرتهم.
تقاسم الحصصوبعد عامين من بدء عمليات السعودية والإمارات في اليمن، بدأت تظهر مطامع الدولتين الاقتصادية؛ من خلال سيطرتهما على الموانئ والمنافذ والمدن التي تعتبر متنفّس اليمن الاقتصادي.
واستغلّت السعودية والإمارات مشاركتهما في التحالف لتسيطرا من خلال قوات أمنية وعسكرية درّبتها (لا تمتثل للحكومة عبدربه منصور هادي) على جزيرة سقطرى وميناءي عدن والمخا، جنوبي البلاد.
فضلاً عن أن الدولتين أقامتا قواعد عسكرية في جزيرة ميون، جنوب غرب، المتاخمة لمضيق باب المندب، الذي يمثّل ممراً مائياً استراتيجياً للتجارة العالمية.
ولم تعد الإمارات تخفي أطماعها في جزيرة سقطرى اليمنية، وباتت تسطير عليها بعد أن أرسلت خامس طائرة عسكرية، في مايو الماضي، وسط مطالبات يمنية بمغادرة القوات الإماراتية، وتعديل سياسة أبوظبي باليمن.
وكنوعٍ من استشعار خطر أبوظبي في اليمن كشف مصدر في الرئاسة اليمنية عن تحرّكات سعودية لإنشاء 3 قواعد عسكرية تابعة لها بمناطق مختلفة جنوبي اليمن.
وأكدت مصادر مطّلعة، في وقت سابق، أن السعودية تطمح لإنشاء قاعدة في جزيرة سقطرى، قرب خليج عدن، والخاضعة كلياً لسيطرة القوات الإماراتية ناهيك عن انشاء خطوط أنابيب لنقل النفط السعودي عبر محافظتي المهرة وحضرموت.
ارسال التعليق