تحالف سني مع إسرائيل من باب المندب إلى مضائق خليج العقبة
الواقع أن إسرائيل تعتبر أن البحر الأحمر له وضع إستراتيجي بشكل خاص، لأنه يعتبر منفذها التجاري مع دول آسيا. فمن خلال فترة الحرب على اليمن، تمكنت السعودية من السيطرة على عدد من الموانئ المهمة المطلة على باب المندب والبحر الأحمر، كذلك فالأهمية الإستراتيجية لم تغب عن ناظري الدول العظمى، فتحولت المنطقة لحلبة صراع بين هذه الدول. حذر البعض من استمرار التهديدات للملاحة الدولية في البحر الأحمر بشكل علنيحذر البعض من استمرار التهديدات للملاحة الدولية في البحر الأحمر بشكل علنيإنه ممر باب المندب، الذي يربط خليج عدن بالبحر الأحمر، على مبعدة 30 كيلومترا بين اليمن وجيبوتي، ويعد أحد أهم خطوط النقل في العالم، يصل البحر الأحمر بخليج عدن. ويمر بالمضيق نحو 25 ألف سفينة سنوياً، ويمتلك اليمن أفضلية نسبية في التحكم فيه. ويوفر المضيق لليمن تسهيلات في الحصول على دعم إيران من دون عناء كبير. وحسب آخر تقديرات وكالة الطاقة الدولية، فإن المضيق شهد عام 2016 تدفق نحو 4.8 مليون برميل يومياً من النفط الخام والمنتجات البترولية، منها 2.8 مليون باتجاه أوروبا شمالا. وبدلا من باب المندب.
ففي وسط الحرب على اليمن تمكنت السعودية من تحقيق المكسب المتمثل بقطع الدول الأفريقية المطلة على البحر الأحمر (السودان، الصومال، إريتريا، جيبوتي) علاقاتها الدبلوماسية باليمن، وإقامة قواعد وموانئ عسكرية لكل من السعودية والإمارات في هذه الدول، والتي تستعملها لشن الهجمات العسكرية في اليمن. ومع تسليم مصر جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، بدأ وضع جيوإستراتيجي جديد، هو سيطرة التحالف الذي تقوده السعودية وتعتبر مصر شريكاً أساسياً فيه، على المناطق الاستراتيجية بالبحر الأحمر، بدءاً من قناة السويس في الشمال حتى باب المندب جنوباً، وتعتبر الجهود المصرية السعودية الإماراتية لتعزيز قواتهم البحرية كجزء من خطة تأمين السيطرة على المرافق الاستراتيجية في البحر الأحمر.
لم يشفع كل ما سبق من استهداف الناقلتين السعوديتين، وتهديد الملاحة الدولية والتجارة في البحر الأحمر بالخطر. وهنا علّقت شركة "أرامكو" السعودية إرسال كل شحنات النفط الخام عبر مضيق باب المندب، مشيرةً إلى أنها تعمل لتقويم الوضع لاتخاذ الإجراءات المناسبة. وأكدت في بيانها، أن اثنتين من ناقلات النفط الخام العملاقة، تابعتين للشركة الوطنية السعودية للنقل البحري، وتحمل كل منهما مليوني برميل من النفط الخام، تعرضتا إلى هجوم في البحر الأحمر. ولفتت إلى أن إحدى الناقلتين تعرضت إلى أضرار طفيفة، ولم تحدث إصابات أو حالات تسرب للنفط في البحر.
جاءت البيانات من الكويت ضعيفة ممثلة برئيس مجلس إدارة شركة ناقلات نفطها "بدر الخشتي"، بأن بلاده قد تتخذ قراراً بوقف صادرات النفط عبر المضيق، مشيراً إلى أن الأمر لا يزال قيد الدرس. كذلك أشار الناطق باسم القطاع النفطي الكويتي "طلال الخالد الصباح"، إلى أن تأثير الأحداث الأخيرة في باب المندب على نقل النفط الكويتي محدود. وزاد أن (10 في المئة) فقط من صادرات النفط الكويتي تعبر المضيق، ونحو (90 في المئة) تتجه إلى دول جنوب شرقي آسيا من دون عبوره. لكن الإمارات عبر وزير الدولة للشؤون الخارجية "أنور قرقاش" نددت باستهداف ناقلتي النفط، معتبراً ذلك عملاً غير مسؤول، له أبعاد تتجاوز المنطقة.
سبق وأن حذر البعض من استمرار التهديدات للملاحة الدولية في البحر الأحمر بشكل علني، وجاءت البيانات السابقة مهددة في حال واصل التحالف السعودي العمليات باتجاه الحديدة. فأعلن قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني محذراً الولايات المتحدة من الدخول في حرب مع إيران، وقال إن البحر الأحمر لم يعد آمنا بوجود القوات الأميركية. ونشرت صحيفة "يسرائيل هيوم"، مقالاً تحليلياً كتبه مدير وحدة البحوث في قسم السياسة والاستراتيجيات (IPS) في المركز الأكاديمي متعدد المجالات في هرتسليا، الجنرال شاؤول شاي، أشار فيه إلى أهمية ما يدور في اليمن وتأثيره على البحر الأحمر ذو البعد الاستراتيجي بالنسبة لإسرائيل. واعتبر شاي أنه "بعيداً عن اهتمام الإعلام والسياسة، بدأ مسار جيوإستراتيجي ذو إسقاطات طويلة الأمد على المنظومة العالمية والإقليمية، ومن ضمنها إسرائيل.
منذ الحرب على اليمن تحولت إلى صراع لفرض الهيمنة على المنطقة، وأن أحد المركبات الأساسية للصراع هو السيطرة على البحر الأحمر، أحد أهم الممرات التجارية في عالم، الذي يقع طرفه عند مضيق باب المندب بين اليمن وجيبوتي، والطرف الآخر عند قناة السويس المصرية، ويعتبر باب المندب أحد أكثر الممرات البحرية مرورًا للسفن، إذ يمر منه كل يوم نحو 3.3 مليون برميل نفط من دول الخليج لأوروبا، وكذلك يعتبر طريق التجارة بين أوروبا ودول آسيا، وعلى رأسها الصين واليابان والهند. وتعتبر مصر، البحر الأحمر مكانًا إستراتيجيًا ومهمًا لأمنها القومي بشكل خاص، لأن اقتصادها يعتمد بشكل كبير على ما تدره قناة السويس من مدخول.
الواقع أن إسرائيل تعتبر أن البحر الأحمر له وضع إستراتيجي بشكل خاص، لأنه يعتبر منفذها التجاري مع دول آسيا. فمن خلال فترة الحرب على اليمن، تمكنت السعودية من السيطرة على عدد من الموانئ المهمة المطلة على باب المندب والبحر الأحمر، كذلك فالأهمية الإستراتيجية لم تغب عن ناظري الدول العظمى، فتحولت المنطقة لحلبة صراع بين هذه الدول، إذ تملك الولايات المتحدة أكبر قاعدة عسكرية في أفريقيا في جيبوتي، وبنت الصين قاعدتها العسكرية الأولى خارج حدودها أيضًا في جيبوتي، كما يوجد في ذات الدولة قواعد عسكرية لفرنسا واليابان.
بالنسبة لإسرائيل، يقول شاي، فالأفضل أن يبقى البحر الأحمر تحت تأثير ما سماه "التحالف السني الذي تقوده السعودية ومصر، مقابل التهديدات الناتجة عن السيطرة الإيرانية عليه، هناك مصالح مشتركة بين إسرائيل والتحالف السني في عدد من المواضيع الإستراتيجية، ومن هذه المواضيع منع السيطرة الإيرانية على البحر الأحمر، مع ذلك، على إسرائيل تجهيز نفسها لسيناريوهات أخرى، مثل الناتجة عن توتر العلاقات بين السعودية وإحدى شريكاتها، وما يترتب عليه من وضع جيوإستراتيجي جديد". وبالحسابات الإسرائيلية هذه.. يصبح البحر الأحمر كرة لهب تلتهم الدول المتشاطئة للبحر.
ارسال التعليق