ترامب حصل على ما يريد والعرب والمسلمون حصلوا على خذلان أمريكي جديد
انشغلت وسائل الإعلام العربية والدولية بزيارة ترامب للسعودية ومؤتمراته الخليجية والإسلامية. لقد صوّر الخليجيون هذه الزيارة وكأنها فتح عربي وإسلامي مبين، سيعيد لنا الجولان وفلسطين، ويحّل الأمن والسلام في ديارنا وديار المسلمين أجمعين.
لكن النتيجة كانت كما توقّع الكثير من المحللين السياسيين مخيبة لآمال العرب والمسلمين، وانتصارا لأعداء الدين من أميركيين وصهيونيين.
ترامب في رحلته ” المباركة ” حقّق نجاحا كبيرا في إبتزاز العرب والمسلمين . لقد حصل على 400 مليار دولار من السعودية وحدها، وسيحصل على مئات ألمليارات من الدول الخليجية الأخرى مقابل لا شيء تدفعه أو تلتزم به بلاده ! البيان الختامي لمؤتمر ” القمة العربية الإسلامية” أعلن عن تأسيس ” تحالف الشرق الأوسط الإستراتيجي ” بحلول عام 2018 والذي ستشارك فيه العديد من الدول الإسلامية، وتقوم بتوفير قوة عسكرية احتياطيّة قوامها 34 ألف عسكري لمحاربة الإرهاب في المنطقة ستدفع نفقاتها السعودية ودول خليجية أخرى .
لقد شرعن المؤتمر التدخّل الأمريكي في المنطقة، وباركه، واعتبره لصالح الدول العربية والإسلامية والسلام العالمي، ولم يقدم أفكارا وحلولا لوقف الإرهاب والقتل والدمار في سورية واليمن وليبيا، وركز على أمن وسلامة دول الخليج النفطيّة، وحمايتها من ” إيران” التي اعتبرها دولة عدوّة مثيرة للنّعرات المذهبية ” وراعية للإرهاب العالمي”، وتشكل خطرا على أمن الدول الخليجية والعربية. ولكن البيان الختامي لم يتطرّق بكلمة واحدة للإحتلال والإستيطان والإرهاب الإسرائيلي.
البيان الختامي لا يحتوي على أي شيء لمصلحة الأمتين العربية والإسلامية.إنّه دليل دامغ على أن ترامب لم يقم بهذه الزيارة لمحاربة الإرهاب ،وإنهائه، ودعم السلام، وإيجاد حلول لمشاكل المنطقة السياسية الأساسية، بل إنه جاء لتركيع حكام الخليج والمتعاونين معهم من عرب ومسلمين وإرغامهم على دفع مئات المليارات من الدولارات خدمة لإقتصاد بلاده ومواطنيه، ولتشكيل حلف عربي إسلامي تقدم دوله أبناءها قرابين لتحقيق أهداف أمريكا وإسرائيل وحماية حكّام الخليج .
الإرهاب يخدم مصالح أمريكا السياسية والإقتصادية. إنها تستغلّه لبيع الأسلحة وجني المليارات، ويساعدها في إحكام سيطرتها على المنطقة ! فلماذا تحاربه ؟ لقد نجح ترامب في الحصول على مئات المليارات مقابل لا شيء ! إن سياساته المتهوّرة ستقود المنطقة إلى المزيد من الفوضى والتدهور، وإن الحكام الخليجيين الذين أقاموا له هذا الحلف العربي الإسلامي للإستمرار في قتلنا، وتدمير أوطاننا لن يجنوا إلا الخيبة والفشل، وستحاسبهم شعوبهم حسابا عسيرا على الجرائم التي إرتكبوها بحقها.
حكام الخليج وترامب يقاتلون من أجل الحرية والديموقراطية بتحرير دمشق من الدمشقيين، وبغداد من البغداديين، وصنعاء من الصنعائيين، وطرابلس من الطرابلسيين ! وستنتشر العدوى قريبا إلى مدن عربية وخليجية أخرى وتتوسّع حروب القبائل والطوائف العبثيّة ولا يعلم إلا الله إلى أين سيقودنا ” التحالف العربي الإسلامي الأمريكي الصهيوني ” الجديد!
بقلم : د. كاظم ناصر... كاتب فلسطيني
ارسال التعليق