ترهات رفاهية بن سلمان تسلب حريتنا ولقمة عيشنا
* جمال حسن
عقود طويلة ومقولة "وجوب السمع و الطاعة لولي الأمر و إن كان ظالماً فاسقاً" رُسخت في أذهان الشارع السعودي عبر منابر وعاظ العرش الملبسين بلباس الدين والدعوة والارشاد، بسلسلة فتاوى لا تعد ولا تحصى بإمكان القاريء الكريم مطالعة نبذة منها على موقع النهج الواضح (67http://ar.alnahj.net/tree/)؛ بدعوى أن السلف لا يجوزون هذا الخروج وأن "السمع والطاعة لولاة الأمر أصل من أصول أهل السنة والجماعة مهما بلغ ما بلغ... الخ"؛ تلك التي لا تنم بالسلف ولا بالاسلام من صلة لا من قريب ولا من بعيد وإنما بدعة إبتدعها عبدة الدنيا وهوى النفس والطامعين بدرهم السلطان .
ويزيد الشيخ "ابن عثمين" ومن يسلك مسلكه على ما ذكرناه أعلاه بقوله أنه "يجوز لولاة الأمور منع الناس من حقوقهم للمصلحة أو الحاجة أو الضرورة" دون توضيح الضرورة أو المصلحة أو الحاجة أهي شخصية أم وطنية؟ عامة أم خاصة؟ وما هي حدودها وثغورها؟ وهل حيث يجوز لمثل هذا الولي الظالم الجائر الفاسق أن يعيث الفساد والدمار في البلاد؟، حتى وإن كان الولي مختل عقلياً ومصاب بالزهايمر وجنون العظمة وولي عهد أرعن وطائش حاقد ناقم على أبناء المملكة قبل غيرهم يتمتع بخطف رؤوسهم عنجهية وتلذذاً فيما الفشل يتوالى عليه يمين يسار من العراق حتى سوريا ولبنان واليمن راسماً بذلك صورة حية للمثل العربي الشهير "أسد عليّ وفي الغابة نعامة" .
هذا هو حال شعبنا المغلوب على أمره يؤخذ كما تؤخذ النعاج والغنم - أجلكم الله يا أحرار - اليوم حيث يميل راقصاً على هوى السلطان الذي لايفقه من السلطة سوى نهب المال وقطع الرقاب، والسهر في سواحل وملاهي الغرب بالقمار والإرتماء في أحضان العواهر (فضيحة محمد بن سلمان وكيم كارداشيان نموذجاً)، باذخاً تارفاً أموال الشعب فيما الأخير حائراً في أمر لقمة العيش يبحث عنها ونسبة الفقر تزداد يوماً بعد يوم في صفوف من يملك حصة الأسد من الذهب الأسود .
شغلنا الحاكم المخبول بترهات جديدة أطلق عليها أسم "الهيئة العامة للترفيه" تم إنشاؤها في 7 مايو 2016 برئاسة أحمد بن عقيل الخطيب، وذلك ضمن القرارات الملكية التي تأتي تماشيًا مع إعلان المملكة لرؤيتها المستقبلية 2030 التي ولدت ميتة قبل الإفصاح عنها في 25 أبريل 2016، خصصت لها ميزانية بعشرات المليارات لإقامة حفلات رقص صاخبة وسهرات ليلية وطرب مختلط بين الرجال والنساء في بلد المقدسات الاسلامية التي لم يشهد تاريخها "مظاهر المجون" طيلة تاريخها حيث السلطة الحاكمة لا تفقه معنى الانفتاح وإعتادت على أن تفرض على الناس رأيها بين التشدد تارة والفسق الغربي تارة اخرى، والاحتفالات التي أقيمت باسم اليوم الوطني شاهد بسيط على وضعنا المأساوي .
احتفالات غنائية راقصة تقام هنا وهناك في بلاد الوحي والحرمين الشريفين يستقطب اليها أفضل المطربين والفرق الموسيقية بدأت بحفل على سواحل جدة أقيم على مدى ست ساعات بقيادة محمد عبده وفرقة موسيقية مصرية مكونة من (60) عازفاً ومشاركة السعودي رابح صقر والعراقي(الذي اهدي الجنسية لغناءه ) ماجد المهندس، بداية العام الجاري لتكون فتحةً لترويج لليبرالية من قبل أقطاب السلطة القامعة يراد من ورائها إلهاء الشباب بالمجون والطرب المختلط يراد من ورائه عن تكميم الأفواه وسجن الناس ومصادرة الرأي، والقول لأستاذ الأخلاق السياسية وتاريخ الأديان محمد المختار الشنقيطي .
من جانبها وصفت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية في افتتاحيتها قبل ايام، إن السعودية "الجديدة" التي وعد بها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في رؤيته لعام 2030 لا تزال تشبه الزنزانة، وإنها يهمين عليها الفكر القديم وحبيسة العصور الغابرة. حيث تبدو المملكة مصممة على البقاء زنزانة للذين يتطلعون إلى حرية التعبير والرأي، مشيرة الى الحملة الواسعة النطاق التي شنها الجهاز الأمني الجديد بقيادة نجل سلمان مؤخراً على الناشطين والمؤثرين من علماء الدين والصحفيين والكتّاب لتزج بهم في السجون دون أي تفسير علني يذكر. خاصة وأن العديد من المعتقلين كانوا صريحين نسبيا عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وأنهم لم يكونوا عملاء سريين يتآمرون ضد المملكة كما تدعي السلطة الحاكمة .
مواعيد غنائية للفنانة اللبنانية هبة طوجب ومجموعة كبيرة من المطربين على شرف الهيئة العامة للترفيه "مخصصة للنساء" بمركز الملك فهد الثقافي في الرياض، واخرى رجالية في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية بمدينة جدة لكل من المغني الجزائري “الشاب خالد” ومغني الراب الأمريكي “نيللي” المتهم بالاغتصاب و"الطيور على أشكالها تقع"، وكذا للموسيقار اليوناني "ياني" في جدة والرياض، وغيرها للموسيقار المصري "عمر خيرت" في جمان بارك بجدة؛ نماذج اخرى ترسم أهدافاً خفية للسلطة القمعية يقول عنها الخبراء: أن الاحتفالات التي تقيمها السلطات الحاكمة في المملكة تتناقض وانتشار الفقر والبطالة بين صفوف السعوديين، وتسويقها في الخارج أنها منفتحة وتتحاور مع الأديان وهي لا تسمح لمواطنيها بإبداء الرأي ومن ينتقد بكلمة واحدة يتم اعتقاله على الفور" مشيرا إلى إقدام السلطات السعودية على اعتقال عدد من الكتاب في الآونة الأخيرة.
من جانبها قالت منظمة العفو الدولية وعلى لسان "لين معلوف" مديرة البحوث بمكتب بيروت الإقليمي للمنظمة، إن الحكومة السعودية توظف عقوبة الإعدام كسلاح سياسي لإسكات أصوات المعارضة بجرائم شملت "الخروج المسلح على ولي الأمر"، و"زعزعة الأمن وإثارة الفتنة من خلال انضمامه لمجموعة إرهابية"، وغيرها من التهم الملفقة بالعديد من المعتقلين خاصة ابناء الشرقية نحو الاعدام وقطع الرقاب "حرابة"، مضيفة: " الإعدامات الوحشية هي ضمن عملية الاضطهاد المستمر للأقلية الشيعية من قبل سلطات المملكة. حيث توظَّف عقوبة الإعدام كسلاح سياسي لمعاقبتهم على الاحتجاج ضد طريقة معاملتهم، وتخويف الآخرين وإسكاتهم"، موثقة تقريرها تموز الماضي بأسماء ما لا يقل عن 34 رجلاً شيعياً محكوم عليهم بالإعدام بينهم العديد دون الثامنة عشرة.
وتعد المملكة واحدة من أكثر الدول تنفيذاً لعقوبة الإعدام ضد خصوم السلطة الحاكمة في العالم، حيث بلغ عدد من أعدموا ما بين 1985 و2016 أكثر من 2000 شخص. ومنظمة "هيومن رايتس ووتش" فقد قالت أن لدى السعودية سجلا مروعا فيما يتعلق بحرية التعبير وأنه يمكن القول إن الأمور تزداد سوءا، خاصة وأن السلطة تستهدف النشطاء المطالبين بالإصلاح والمعارضين السلميين وأدين أكثر من 50 ناشطا بارزا بتهم تتعلق بأنشطتهم السلمية، وحُكم عليهم بالحرابة والاعدام وبفترات سجن مطولة.
هذا وتقرير الهيئة العامة للإحصاء يؤكد ارتفاع معدل البطالة بين السعوديين الى أعلى مستوى في 4 سنوات، خلال الربع الثاني من عام 2017، إلى 12.8%. ووفقا لبعض التقديرات، فإن معدل البطالة يتراوح بين 29% و33% في صفوف الذكور وأكثر من 45% في صفوف النساء. وأن نسبة الفقر في بلد الذهب الأسود آخذ نحو الارتفاع الكبير ليشمل أكثر من 25% من الشعب السعودي وفق إحصائيات المراكز الرسمية التي نشرتها صحيفة "واشنطن بوست" الاميركية، فيما العدد أكثر بكثير مما يسمح بالاعلان عنه من قبل الحكومة وهو ما كشف عنه المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالفقر المدقع وحقوق الإنسان "فيليب ألستون" بعد زيارته للسعودية في أبريل/نيسان 2017 عن مشاهدات "صادمة"، وأنه التقى أناسا يعيشون في فقر مدقع، وأن هنالك مناطق فقيرة جدا في كل من المدن الكبيرة والمناطق الريفية النائية بالسعودية؛ حيث انتشار ظاهرة البحث في أكوام القمامة لسد الجوع، وزيادة التسول ومد اليد للغير طلبًا للطعام أو المال، وقطاع كبير من السعوديين لا يملكون مسكنًا .
ارسال التعليق