تقرير خاص التوتر السعودي القطري.. الأسباب والنتائج؟!
كرة الثلج تكبر المسألة بين قطر والمملكة السعودية وبعض الخليجيين، المسألة التي لا يُعرف بعد بشكل قاطع ما إذا كانت مدبرة أم أنها فعلا نتيجة مواقف سياسية معينة، إلا أنها بدأت عندما انتشر في وسائل الإعلام المختلفة كلاما لأمير قطر على أنه نشر على موقع وكالة الأنباء القطرية يهاجم فيه الرياض، قبل أن تخرج قطر لتؤكد أن كل الكلام الذي نقل عن أميرها وبعض المسؤولين فيها، هو كلام غير دقيق لأن هناك من اخترق مواقعها ومنصاتها الالكترونية الإعلامية وأطلق ما يريد من مواقف ضد المملكة السعودية ومن خلفها الحلفاء في الخليج مع التصويب على قمة الرياض الأخيرة التي كانت على شرف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
رسائل قطرية.. والبحث عن الدور
وعدم وجود حقيقة مطلقة في هذا المجال أو وقائع مثبتة حول ما جرى بالفعل يفتح الباب إنام التحليلات والتساؤلات المختلفة، هل فعلا تم اختراق المنصات الالكترونية القطرية أم أنها محاولة قطرية لإيصال رسائل سياسية وغير سياسية لكل من يعنيهم الأمر في الرياض وأبو ظبي أو حتى في واشنطن؟ وأي رسائل تريد الدوحة إيصالها للمعنيين؟ هل شعرت الدوحة أن مشاريع جديدة تحاك على حسابها وعلى حساب دورها في الخليج والمنطقة؟ هل شعرت قطر أنه سيتم إلقاء كل التبعات لما جرى في المنطقة عليها وتحميلها مسؤولية تدهور الأوضاع في مختلف الدول نتيجة دعمها لبعض الجماعات والفصائل في العراق وسوريا وليبيا؟ أم أن الدوحة شعرت أن هناك من يعمل على تحييدها ليكون له وحده المستقبل السياسي القيادي في المنطقة؟ وكيف يمكن للدوحة أن تقنع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وإدارته بنفسها وبقوتها ووجودها في ظل كل هذه الأموال التي تكلفت ودفعتها المملكة السعودية؟ هل انتهى الدور القطري في المنطقة كلاعب أساسي وحان الوقت للانتقال إلى دكة الاحتياط؟
في المقابل أليس من الممكن أن يكون هناك من قام فعلا باختراق المنصات الإعلامية القطرية لإطلاق المواقف التي أُعلن عنها بهدف توريط القيادة القطرية في مكان ما؟ وهنا تطرح الأسئلة من الذي يمكن أن يكون قد قام بذلك، هل هو الطرف السعودي الإماراتي الذي يصوب اليوم بكثافة على قطر وقيادتها ويبدو أنه يستفيد من “السقطة” القطرية سواء كانت مقصود أم لا؟ في حين قد يطرح البعض أمكانية دخول طرف ثالث على الخط لتحريك النزاعات النائمة بين بعض الدول الخليجية على خلفية المصالح المتبادلة والمتضاربة، ولكن من قد يكون هذا الطرف؟ هل هو أحدى أجهزة الاستخبارات الأمريكية التي قد تعمل لإثارة النزاعات في منطقة الخليج لتثبيت البيت الأبيض حكما بين القيادات الخليجية؟ هل “إسرائيل” قد تكون مستفيدة من كل ذلك في ظل كل ما يجري من فوضى عارمة في المنطقة؟ إلا أن “إسرائيل” كما يطرح البعض هي الطرف الأكثر راحة واستفادة من كل ما يجري في المنطقة، فلماذا تقوم بتعكير الأجواء طالما أنها مرتاحة على أحوالها؟ هل أن طرفا أخر يحاول ضرب العلاقات الخليجية ومن له مصلحة في ذلك؟
التعاطي السعودي.. والتقاط الفرصة
إلا أن اللافت هو طريقة التعاطي السعودي والإماراتي مع كل ما جرى ورفض اعتباره مجرد خرق للمواقع الالكترونية القطرية، بل ذهبت وسائل الإعلام السعودية إلى اعتباره مخطط معد مسبقا بهدف شق الصف الخليجي وصولا إلى اعتباره “كارثة سياسية يجب التعاطي معه بحزم”.
والحقيقة أن إمكانية حصول الخرق للمنصات القطرية بالعقل والمنطق يتفوق على الطرح الآخر، وذلك باعتبار أن هناك من فشل في مختلف المشاريع التي خاضها عسكريا وسياسيا وأمنيا من اليمن إلى سوريا والعراق ولبنان فلسطين، فعلى جميع الجبهات يخسر المشروع السعودي الإماراتي المشترك، ورغم أن قمم الرياض صوبت على إيران ومحور المقاومة إلا أن العالم كله يعلم أن الإرهاب والجماعات التكفيرية هم في المقلب الآخر للجبهة الإيرانية المقاومة، ولن يصدق أحد في هذا العالم أن إيران وحزب الله والحشد الشعبي والحرس الثوري والجيش السوري وفصائل المقاومة الفلسطينية وأنصار الله في اليمن وكل هذا المحور يدعم “داعش وجبهة النصرة وأخوتهما” في العراق وسوريا وليبيا واليمن والصومال ونيجيريا وأفغانستان وباكستان وصولا إلى الأيادي الإرهابية التي تضرب في أوروبا وكل العالم.
إذن الهدف قد يكون هو إلصاق التهم بدعم الإرهاب إلى طرف أو دولة أو جهة لا تنتمي عضويا إلى جبهة “محور المقاومة” فمن سيكون هذا الطرف؟ من يدعم بعض الجماعات الإسلامية والفصائل المسلحة في عدة جبهات؟ من تربطه علاقة بالإخوان المسلمين ويفتح الأبواب لقيادات هذه الجماعات من مختلف الجنسيات لا سيما المصرية؟ ومن يستقبل قيادات من حماس؟ أليس هذا الطرف قد يكون أهلا كي تلصق به كل التهم بدعم الإرهاب بعد إلصاق التهم بالإرهاب دفعة واحدة إلى جهة كجماعة الإخوان المسلمين، وبالطبع أن ألصاق التهم بهذه الجماعة لن يلقى معارضات كثيرة خاصة لجهة علاقاتها ببعض الدول وبالأخص مصر والمملكة السعودية والإمارات، ناهيك عن أن الأمر سيوصل إلى رفع التهم عن غيرها أمام الإدارة الأمريكية التي ستحتاج إلى أحد تخرج به على الرأي العام الأمريكي لتقول له هذا من يقف خلف الإرهاب العالمي لا من يدفع لنا لتأمين فرص العمل المليونية لكم.
انزعاج تركي.. ومعاقبة قطر
من كل ذلك يمكن تفسير الانزعاج التركي من الحفلات التي أقيمت في الرياض، خاصة أن المطلع على حقيقة الأمور يدرك أن إيران ستكون بمنأى عن كل الشعارات والبيانات التي خرجت من القمم الثلاث ولن يستطيع أحد المساس بها لأن إما أن لا قدرة له على ذلك أو لا مصلحة له في ذلك.
وفي الختام تجدر الإشارة إلى أن قطر لم تغرق ولم ترتكب المحرمات كغيرها في بعض الملفات خاصة في ملف كالملف اليمني، كما أنها لم تفشل بشكل مطلق كما يحصل مع المشروع السعودي في المنطقة فهي سبق أن حققت بعض النجاحات، عوضا عن أنها في فترات معينة انفتحت على الجميع دون استثناء ولا بد أنها على تواصل دائم مع الجميع، فهل هذه الأمور كافية كي يتم تفسير كل ما جرى؟ الأكيد أن المستقبل القريب سيظهر الحقيقة البيّنة لما حصل.
بقلم : مالك ضاهر ..
ارسال التعليق