تقرير فرنسي: نظام آل سعود يغرق في حرب اليمن
التغيير
رأت صحيفة “لوموند” الفرنسية أن نظام آل سعود يبحث عن مخرج مشرف للهروب من “المستنقع اليمني“، لكن الخريطة السياسية والعسكرية في البلد الممزق يجعل مهمتها مستحيلة.
وذكرت الصحيفة أن أنصار الله الذين يسيطرون على العاصمة صنعاء ويواصلون هجماتهم يتجاهلون شمال اليمن، فيما يتصاعد التوتر جنوبا حول العاصمة المؤقتة عدن، بعد إعلان المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا تقرير المصير أواخر أبريل الماضي.
وأشارت إلى أن “المجلس الانتقالي” جنوب اليمن يطمح لتحقيق مشروع دولة مستقلة، أو إقليم مستقل داخل حدود ما كان يعرف -قبل توحيد البلاد عام 1990- بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، مشددةً على أن الجنوبيين رسمياً جزء من الجبهة التي تقودها مملكة آل سعود ضد أنصار الله.
واستدركت الصحيفة: “إلا أن الجنوبيين يعارضون الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي اللاجئ في الرياض”، مبينةً أن تصريحات المجلس الانتقالي الجنوبي وإعلانه تقرير المصير وحالة الطوارئ، لا تغير شيئاً على أرض الواقع، لأن ميزان القوى كان لصالحه على المستوى الأمني، ولكنه لا يمكنه السيطرة على المؤسسات الرئيسية للدولة رغم تحركات قواته قرب البنك المركزي في عدن.
وقالت “لوموند” إن هذه التوترات الجديدة داخل المعسكر المناهض للحوثيين تشكل عبئا إضافيا على الرياض التي يبدو أن جهودها الدبلوماسية على الساحة اليمنية محكوم عليها بالفشل.
وتوصل نظام آل سعود في نوفمبر/ فبراير 2020 بعد اشتباكات بين أنصار حكومة هادي والمجلس الانتقالي الجنوبي إلى ما يعرف باتفاق الرياض، الذي وصف بأنه غير دقيق وطموح بشكل مفرط، لأنه يسعى لتنظيم تقاسم السلطة بين الطرفين، إلا أنه بقي حبرا على ورق.
وقال الباحث في كلية الدراسات الشرقية والأفريقية في جامعة لندن ثانوس بيتوريس: إن “تصريح الجنوبيين هو قبل كل شيء رمزي، ويهدف إلى تذكير السعوديين بأنهم لا يستطيعون إدارة الجنوب دون مراعاة مصالح المجلس الانتقالي الجنوبي، وإجبار هادي على التنازلات”.
وأضاف بيتوريس: “تحقيقاً لهذه الغاية يكفي الجنوبيين دعما، عدم شعبية الحكومة الرسمية في عدن وما حولها، والدعم الشعبي الذي يتمتعون به هناك، خاصة أن إعلانهم جاء بعد فيضانات غزيرة تُرك فيها سكان المدينة الجنوبية لحالهم، مما أثار إحباط من يرون أنفسهم في الجنوب مهملين ومهمشين ومسيطرا عليهم منذ توحيد البلاد”.
وحسب الصحيفة، يتمتع المجلس الانتقالي بميزة أخرى تتمثل في أن قواته تتلقى منذ العام 2015 دعما لا يتزعزع من الإمارات التي انسحبت رسميا من الأراضي اليمنية، ولكن بعد أن رفعت القدرات العسكرية للجنوبيين وجهزتهم ودربتهم، مما سمح لهم بالسيطرة على المحافظات الجنوبية الغربية، حيث يمارسون نفوذهم في المؤسسات المدنية، رغم أن الموظفين فيها لا يزالون يتلقون رواتب من حكومة هادي.
وتابعت الصحيفة: “الهيمنة لا تعني السيطرة، لأن المجلس الانتقالي الجنوبي بدون الإمارات، لا يملك الموارد اللازمة لدفع رواتب مقاتليه، كما أن إعلانه تقرير المصير لم يرحب به في جنوب البلاد، حيث لا يزال هادي يتمتع بدعم كبير، لا سيما في محافظة أبين التي نشأ فيها”.
ومع أن مملكة آل سعود ورثت قضية الجنوب الشائكة بعد مغادرة الإمارات، فإنها لم تجد منها دعما سياسيا لحلها كما يرى الكاتب، بل إن أبو ظبي التي تؤوي قيادة المجلس الانتقالي وبإمكانها استخدام نفوذها عليه لثنيه عن إصدار مثل هذا الإعلان، لم تفعل شيئا، وتركت هذه الأزمة الجديدة تنمو داخل الأزمة اليمنية في أسوأ وقت بالنسبة للرياض.
وقالت الباحثة في مركز البحوث بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى إيلانا ديلوزيير إن “الأمل كان في دفع المجلس الانتقالي الجنوبي وحكومة هادي للتوصل إلى اتفاق، ومن ثم جلب أنصار الله إلى طاولة المفاوضات، ولكن الرياض فشلت في الأمرين”.
وأشارت ديلوزيير إلى أن أنصار الله يعلمون أن الرياض تريد الخروج من اليمن بأسرع وقت ممكن، ولذلك يغتنمون الفرصة لتعزيز أوراقهم عن طريق الحرب، رافضين وقف إطلاق النار الذي أعلنته الرياض يوم 9 أبريل/نيسان الماضي ومددته طوال شهر رمضان، معتبرين أنها لم تتشاور معهم.
ورأت أن أنصار الله يرون، أن فرض السلام على مملكة آل سعود بشروطهم، لأنهم يسيطرون على صنعاء منذ العام 2014، ويطمحون إلى الاعتراف بهم كأصحاب الشرعية.
وقالت ديلوزيير إنه تحت ضغط تقدم أنصار الله نحو مدينة مأرب فإن آل سعود ليس أمامهم إلا خيارات محدودة للخروج من الحرب، إذ لا يمكنهم الانسحاب من جانب واحد كما فعلت الإمارات، لأن ذلك سيبقي أنصار الله في السيطرة، وبالتالي ليس لديهم خيار سوى الدبلوماسية.
ولم يفلح التحالف بتحقيق أيٍّ من أهدافه المعلنة منذ بدء الحرب أبرزها: إعادة حكومة هادي بعد سيطرة أنصار الله في أيلول/سبتمبر 2014، على العاصمة صنعاء، بل إن التحالف لم يحافظ على تماسكه.
وقالت منظمة العفو الدولية، في تقريرها، مؤخرا، إن الحرب في اليمن لا تظهر لها أي مؤشرات حقيقية على الانحسار مع دخوله عامها السادس، ولا يزال المدنيون من جميع أنحاء البلاد والأجيال يتحملون وطأة الأعمال القتالية العسكرية والممارسات غير القانونية للجماعات المسلحة الحكومية وغير الحكومية على حد سواء.
وتُرتكب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك ما قد يصل إلى جرائم حرب، في جميع أنحاء البلاد. بحلول نهاية 2019، تشير التقديرات – حسب المنظمة الدولية – إلى أن أكثر من 233 ألف يمني لقوا مصرعهم نتيجة القتال والأزمة الإنسانية.
ووثقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان قتل وجرح أكثر من 200 ألف مدني منذ بدء دول التحالف الحرب في اليمن مارس/آذار 2015، وقد اشتدت أزمة إنسانية من صنع الإنسان مع ما يقرب من 16 مليون شخص يستيقظون جوعى كل يوم.
ارسال التعليق