من الإعلام
جدة العروس….إذلال كلما جاد الله عليها وأمطرها
بقلم : أ.د.صالح بن سبعان
يكاد المرء ينفجر غيظا وهو يضطر إلى الكتابة حول مدينة جدة العروس التي يهيم الجميع عشقا بها لما ظل يلحق بها من إذلال كلما جاد الله عليها وأمطرها، إذ تتحول نعمة الله إلى نقمة بفعل إهمال مسؤوليها ولا مبالاتهم التي تكاد تذهب بالعقل، للدرجة التي أصبح معها أهل جدة يضعون أيديهم على قلوبهم كلما تجمع السحاب مبشرا بالمطر، الذي كنا نفرح به صغارا ونخرج نستقبله بأهازيج الفرح، ها قد أتى زمان صارت قلوبنا يعلو وجيبها خوفا وهلعا ونحن نشعر بأن السحاب ينذرنا بالويل والثبور وعظائم الكوارث والسيول.
تحت ضغط ظروف مثل هذه يجد المرء نفسه محتارا حين يقارن بين الأرقام الفلكية التي يعلن بأنها قد تم تخصيصها للأمانة والبلديات لتوفير خدمات ينبغي، حسب الأرقام، أن تكون على أعلى المواصفات، وبين الواقع، واقع الأحياء وطرقها وخدماتها الصحية، باختصار واقع بنيات المدينة التحتية الذي نراه بأعيننا ونلمسه بأيدينا، حتى اختلط علينا الأمر، من نصدق: هل نصدق ما نسمعه بآذاننا ونكذب ما تراه أعيننا؟ أم نصدق أعيننا ونكذب ما نسمع؟!!، هذا ما كنا نتداول أساتذة وطلبة حوله، حين استقر الرأي بيننا على أن الأزمة عندنا هي أزمة ضمير وإخلاص في المقام الأول. ويبدو لي، والله أعلم، أننا صرنا نعطي الشهادات العلمية أكثر مما تستحق وبالتالي نوكل لحملتها من المهام ما هم ليسوا مؤهلين لها، ذلك أننا نخلط ما بين الوظيفة التنفيذية الفنية وبين القيادة الإدارية، رغم أن كل واحدة من الوظيفتين تحتاج إلى مؤهلاتها الخاصة وبالتالي لكل منهما رجالها المحددون، وعلى الإطلاق لا يشترط في مدير البلدية، على سبيل المثال، أن يكون مهندسا، لأن للأعمال الهندسية مهندسين وفنيين، أما إدارة البلدية فتحتاج إلى شخص بمواصفات مختلفة، فهو الشخص الذي يقود سيارته يجوب شوارع البلدية ويتفقد خدماتها ويعاين أحوالها ويقف عليها بنفسه. والشروط التي يجب أن تتوفر في شخص في هذا الموقع هي أن يكون مخلصا صاحب ضمير حي يتقي الله في مسؤوليته، وأن تجربة بناء وتأسيس الدول لم ينهض بها حملة الشهادات العليا، بل ذوي العزم والهمّة ، مهمة بناء وتأسيس دولة، وليس مجرد توفير الخدمات لمدينة رصدت لها المليارات، وهذا هو النمط من الرجال الذين نحتاجهم اليوم. الحق أقول: إن من التناقضات في واقعنا ما يصيب العقل بالجنون. كلما جاد-الله-عليها-وأمطرها-
ارسال التعليق