جولة الملك سلمان في آسيا.. البذخ مقابل البطالة
جولة تاريخية غير مسبوقة في تاريخ المملكة العربية السعودية يجريها الملك سلمان بن عبد العزيز على 7 دول في القارة الآسيوية، ومقدّر لها أن تستمر شهراً كاملاً بدأت في الأسبوع الأخير من شهر فبراير/ شباط من ماليزيا وتنتهي في جزر المالديف، التي يتوقّع أن يقضي فيها الملك فترة راحة واستجمام كما العادة.
والعنوان الأساسي لهذه الجولة هو البحث في مواءمة الرؤية الاقتصادية المستقبلية للمملكة، وسبل تنفيذها بالتعاون مع دول آسيوية لها الباع الطويل في تطوير منظومتها الاقتصادية والتجارية، ولا سيما ماليزيا والصين واليابان، في حين قالت صحيفة “وول ستريت جورنال” إن هدفها: “بناء علاقات دينية واقتصادية في المنطقة”.
1500 شخص و459 طناً من الحاجيات
حظيت وتحظى هذه الجولة باهتمام إعلامي، فضلاً عن تسليط الضوء على اللقاءات التي يجريها الوفد المرافق للملك والذي يضم نحو 1500 شخص من بينهم 25 أميراً، وقادة دينيين، و10 وزراء، ومسؤولين سياسيين وعسكريين، ولكن الملفت أيضاً في هذه الزيارة ما أعلن عنه مسؤول سعودي لـ “هافينغتون بوست” من أنَّ “الإنجاز اللوجيستي لنقل الوفد وإقامته، وإطعامه يشمل 459 طناً من البضائع والحقائب والأمتعة، من ضمنها مصعدين كهربائيين لمساعدة الملك (البالغ من العمر 81 عاماً) والوفد على الصعود والنزول من على متن الطائرات، وسيارتين من طراز مرسيدس بنز “إس 600″، وكميات كبيرة من الطعام الحلال”.
وقال مدير شركة الشحن الجوي ” JAS” إنه تم تعيينهم رسمياً للتعامل مع كل الحمولة التي تخص طائرة حاشية الملك التي يصطحبها معه شخصياً إلى أندونيسيا فقط، وتضمّ 620 شخصاً، وقامت الشركة بتوظيف أكثر من 570 موظفاً لتلبية احتياجاته، وخصّصت الشركة 27 طائرة لنقل الوفد إلى جاكارتا، وتسع طائرات أخرى إلى بالي، وهذه الطائرات تحمل على متنها حاجيات لازمة للإقامة من مفروشات وأثاث وهدايا وغيرها من المستلزمات التي تهدف إلى ضمان راحة الملك وحاشيته وتأمين الأجواء الملائمة والمريحة له.
الذهب ضرورة لنجاح الزيارات
ولعل الملك سلمان ليس الوحيد من بين زعماء العالم الذي يحشد معه من وما يصطحبه في جولاته، بل سبقه إلى ذلك آخرون كالرئيس الأميركي باراك أوباما الذي حشد معه مئات الأفراد والآليات خلال زيارته السنغال وجنوب أفريقيا وتنزانيا، وكذلك حين زار بروكسل في العام 2014 حيث اصطحب معه وفداً يضم 900 شخص و45 سيارة. فهل يستحق أوباما الذي عكّر بسياسته العلاقات الأميركية – السعودية هذا الحشد ولا يستحقه الملك الذي عدّل من وجهة جولاته غرباً واستأنفها شرقاً؟!
وهذه ليست المرة الأولى التي تكتسب سفريات الملك سلمان هذا الطابع من الترف والفخامة والبذخ، فحين زار الولايات المتحدة الأميركية في العام 2015، تم حجز فندق فور سيزون بالكامل في جورج تاون عل مدى 3 أيام، ما دفع ضيوف الفندق إلى الانتقال إلى فندق آخر فاخر مجاور، وتم وضع أسطول من السيارات الفاخرة مع تغطية الفندق بالذهب، مع وضع السجاد الأحمر، حتى في مواقف السيارات، وأضاف الفندق بعض اللمسات الجديدة التي تتناسب مع ذوق الملك، بحيث بدا كل شيء من الذهب، المرايا والطاولات والمصابيح، وحتى رفوف القبعات كانت من الذهب.
هل سينهض الاقتصاد السعودي؟
هذه الجولة، يقابلها ترقّب داخلي في المملكة السعودية لنتائجها ميدانياً، ومدى انعكاس نتائج الاتفاقيات السياسية والاقتصادية والتجارية التي يجري التوقيع عليها، وإمكانية استثمارها في إمكانية معالجة الوضع الاقتصادي الذي يزداد سوءاً في السعودية، لا سيما في ظل التحذيرات التي أطلقها مجموعة من الخبراء الاقتصاديين من وقوع المملكة في كارثة مالية خلال السنتين المقبلتين، حيث لم تنفع الإجراءات التي تم اتخاذها في النصف الثاني من العام 2016 في الحد من ازياد نسبة البطالة في المملكة، وتم لهذا السبب إقالة وزير العمل مفرج الحقباني من مهامه وتحميله مسؤولية الفشل في تطبيق قوانين العمل التي توفر للسعوديين سنوياً آلاف الوظائف.
وكانت شركة الاستشارات العالمية “ماكينزي”، التي استعانت بها السعودية لتقديم النصائح بشأن الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة للتعامل مع أزمة تراجع أسعار النفط، قد نبّهت إلى أن البطالة واحدة من التحديات الخطيرة التي يمكن أن تؤثر على الموارد المالية والنفطية للسعودية.
ارسال التعليق