حرب غزة.. ابن سلمان في موقف صعب والتطبيع على الجليد
رجحت مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية أن تكون المخاوف من التقارب السعودي الإسرائيلي أحد الدوافع الرئيسية لهجوم "حماس" في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، متوقعة عدم نجاح اتفاق التطبيع بين الجانبين.
ويقول غريغوري غاوس، أستاذ الشؤون الدولية في جامعة تكساس "إيه آند إم"، في تحليل بالمجلة، إن "الانتصار الحقيقي الذي حققته حماس بالفعل هو التوقف المفاجئ في الزخم نحو التوصل إلى اتفاق بوساطة أمريكية بين إسرائيل والسعودية".
وأضاف غاوس أن الاتفاق الإسرائيلي السعودي "كان سيحقق أرضية تاريخية، ويؤدي إلى تطبيع العلاقات بين البلدين، وإدخال السعودية بقوة أكبر في الحظيرة الأمنية الأمريكية، وانتزاع التزامات إسرائيلية بشأن القضية الفلسطينية".
موقف صعب لبن سلمان:
ويعتقد غاوس، في تحليله بعنوان "ماذا تعني الحرب في غزة بالنسبة للسعودية؟"، أن الحرب الإسرائيلية على غزة تركت ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، "في موقف صعب، على الأقل على المدى القصير".
وبحسب غاوس، فإن بن سلمان يتوق إلى الاستقرار الإقليمي، الأمر الذي من شأنه أن يسهل عليه متابعة هدفه المتمثل في تنويع اقتصاد المملكة وتقليل اعتمادها على صادرات النفط.
ويبرز التحليل ضغوطا يعيشها بن سلمان في الداخل والخارج، إذ يدفع القادة الأمريكيون والأوروبيون المملكة للقيام بدور قيادي في "غزة ما بعد حماس"، بينما تحث المجموعات الإقليمية والمحلية الرياض على دعم الفلسطينيين بشكل أكثر فعالية.
ويشير غاوس في تحليله إلى أن السعودية لا تملك القدرة ولا الرغبة في نشر قوات على الأرض في غزة ما بعد الحرب أو تمويل إعادة إعمار القطاع على نطاق واسع.
كما أنها لم تظهر أي استعداد لاستخدام الأدوات المتاحة لها، مثل قدرتها على خفض إنتاج النفط أو صادراته للضغط على إسرائيل والولايات المتحدة.
ومن الممكن أن تكون السعودية على استعداد للعب دور مالي في الإدارة الانتقالية التي توافق عليها الأمم المتحدة، والتي تؤدي إلى عودة سيطرة السلطة الفلسطينية على غزة، وفق التحليل.
لكن هذا الدور لن يشبه صفقات المساعدات السعودية السابقة، والتي كانت بمثابة إغراق نقدي على العملاء المفضلين.
وكانت القضية الفلسطينية تشكل دائما عائقا، وفق غاوس، الذي يعتقد أنه "على الرغم من أن المحرمات في دول الخليج للعلاقات مع إسرائيل قد تراجعت في السنوات الأخيرة، إلا أن الجماهير العربية لا تزال تهتم بالقضية الفلسطينية".
ولهذا السبب، وقبل حرب غزة، كانت الرياض قد أصرت على أنه سيتعين على إسرائيل أن تفعل شيئا جوهريا بشأن القضية الفلسطينية كشرط أساسي للتطبيع معها.
ولتحقيق التقارب مع الرياض، ستحتاج إسرائيل إلى بذل مزيد من الجهد مما فعلته في الفترة التي سبقت اتفاقيات إبراهيم، وفق ما يرى غاوس.
واتفاقيات إبراهيم هي سلسلة من اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل والبحرين والمغرب والإمارات، تمت في الفترة 2020-2021. برعاية من الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب.
وكجزء من تلك الصفقات، وافقت إسرائيل على التخلي عن الخطط التي طرحتها لضم 30% من الضفة الغربية، وتوسيع سيادتها على الأراضي التي تحتلها حاليا، هي خطوة لو نفذتها إسرائيل فإن من شأنها أن تقتل فعليا احتمال حل الدولتين.
لا صفقة في الأفق:
ويشير التحليل إلى أن لدى الرياض مصلحة في إنهاء القتال وإحراز تقدم نحو تسوية سلمية للقضية الفلسطينية، لكن ليس لديها سوى القليل من الأدوات التي يمكنها أو ستستخدمها لتحقيق هذا الهدف في الوقت الحالي.
ويعقد غاوس أنه طالما ظلت إسرائيل منشغلة بغزة، وما دام الرأي العام العربي يتم حشده لدعم الفلسطينيين، فإن الصفقة الإسرائيلية السعودية لن تكون ناجحة.
وطالما ظلت القوات الإسرائيلية في غزة، فإن فرص استعادة الزخم في الحوار الإسرائيلي السعودي غير المباشر الذي تتوسط فيه إدارة جو بايدن "ضئيلة أو معدومة".
لكن العوامل التي دفعت تلك المفاوضات لم تتغير؛ "ترغب إسرائيل بشدة في إقامة علاقة أوثق مع السعودية، ويرغب السعوديون في أن يكونوا قادرين على الاستفادة من الاقتصاد الديناميكي لإسرائيل، كما فعلت الإمارات منذ توقيع اتفاقيات إبراهيم".
وفي الوقت الحالي، يعتقد غاوس أن واشنطن يمكنها أن تؤجل مثل هذه المخاوف، فطالما استمر الصراع في غزة، فإن الصفقة الإسرائيلية السعودية ستظل على الجليد، بحسب ما خلص التحليل.
ارسال التعليق