حلفاء آل سعود قرابين عند الضرورة
في مقاله تحت عنوان "مع هكذا أصدقاء"، كتب "ديفد هيرست" مدير تحرير مجلة "ميدل إيست آي" كبير كتاب صحيفة "الغارديان" البريطانية كتب يقول.. أن "الاستقرار على السلطة بأي ثمن هو الترنيمة الدائمة والعلامة المميزة للملك السعودي (منذ عبدالعزيز وحتى يومنا هذا). ولذلك فهو على استعداد لدفع أي ثمن من أجل الحفاظ عليه.."، وهو ما أكد عليه الملك سلمان بن عبدالعزيز في أول خطاب له بعد توليه العرش بتاريخ منذ 23 يناير/ كانون الثاني الماضي قائلا "لن يحيد عن نهج المملكة الذي سارت عليه منذ تأسيسها".
المتتبع والمراقب للشأن السعودي يعرف كيفية بلوغ عبدالعزيز السلطة بدعم من المندوب السامي البريطاني في الشرق الأوسط "بيرسي كوكس" وكيف كان يتقاضى مرتباً شهرياً منهم وكيفية اقتطع ثلثي الكويت وضمها الى أراضيه في القصيم قبل أن يبتلع الإحساء وسائر الجزيرة العربية، رغم أن الكويت أحتضنته وضمته وآوته خلال السنين العجاف والفقر المدقع الذي مر به، فكان أول ما قام به هو طعنها بالخنجر من الوراء - من كتاب (الكويت وجاراتها) لديكسون، وذكر الوثيقة ايضاً المفكر حسنين هيكل في كتابه المحظور (أوهام القوة والنصر حرب الخليج"الفارسي").
ثم كيف تمكن عبدالعزيز وبقوة وسيف "الأخوان" الجيش السعودي الانكشاري الأول الذين جعل منهم الانجليز "إخوانا" وسنوا لهم دينهم من حيث لا يعلمون، وضللوهم بفتاوى "محمد عبدالوهاب" الضالة والكذابة بتكفير كل من لا يركن للإنجليز وآل سعود.. فما من قبيلة أو مدينة أو قرية من الإحساء وحتى طائف ومن القصيم حتى نجد.. إلا واتهمها آل سعود "بالكفر" وقاتلوها باسم "الوهابية" بينما أهلها يصلون ويصومون ويشهدون بالله ورسوله!.. لكن سرعان ما إنقلب السحر على الساحر وذبح "الإخوان" على مسلخ القدرة والسلطة لعبدالعزيز بعد أن كانوا الجيش الإنكشاري له بفتاوى تجار الدين لتمهد طريق السلطة، فاذا بها تنهال هذه المرة لتمهد ضدهم طريق النار!
فأفتى تجار الدين السعودي "بأن الاخوان من الكافرين"!.. وهكذا أصبحوا كفاراً بعد أن كان شعب الجزيرة العربية هو الكافر، وتحول اسمهم من "جيش الله".. إلى "جيش الشيطان" بعد أن كانوا هم (الإسلام والإيمان بعينه) حينما كانوا يسفكون دماء الأبرياء في الإحساء ونجد وحائل والجوف والطائف والمدينة ومكة وكل بقعة من الحجاز وعسير وتهامة اليمن وديار الشام والعراق والكويت، يباركهم رجال الدين وآل سعود والإنجليز.. أما بعد أن ثاروا على الدجل السعودي الإنكليزي فانهم من الكافرين!
ففتك عبدالعزيز نفسه بقائد إنكشاريي الإخوان "فيصل الدويش" وهو قائم يصلي في أحد المساجد بعد معركة "السبيلة أو السبلة" عام 1929، حيث ملئت أرض السبلة على وسعها بالجماجم والجثث ولا زالت بقايا هياكل الأجسام والجماجم والاظافر موجودة على تلك الأرض؛ بعد أن أحس الخطر منهم على سلطانه بعد مجزرة الطائف ودخول مكة، وخطاب "الدويش" امام شيوخ الاخوان يوم عيد الفطر عام 1343 للهجرة في الحرم المكي - حسبما جاء في كتاب "تاريخ آل سعود" للشهيد السعيد ناصر السعيد، وما كتبه حافظ وهبه في كتابه "جزيرة العرب في القرن العشرين".
الآن وبعد إعتلاء شباب متهورين متفرعنين غير ملمين بالسياسة والكياسة والتدبر والتعقل والحكمة زمام الأمور في مملكة الذهب الأسود بوجود ملك لاحول ولاقوة له مصاب بالزهايمر يعيش أيامه الأخيرة، يتصارعون على السلطة ويدفعون بالقريب قبل البعيد وبالحليف قبل الصديق وحتى بالأهل لإعتلاء هرم العرش، من سيضمن لآل الشيخ الحليف الاستراتيجي لآل سعود ومؤسستهم الوهابية أن لا تكون عاقبتهم كما كانت عاقبة "الإخوان"، وأن يدخلوا مزبلة التاريخ كما دخلها "إنكشاريو" آل سعود؟!.
لقد "إعتادت المؤسسة الدينية الوهابية في المملكة بقيادة آل الشيخ أن تكون مطية يمتطيها آل سعود متى ما شاؤوا باعتبارهم أصحاب السلطة والمؤسسة السياسية في البلاد، وكانت ولا تزال الوسيلة لانقاذهم من وحل مستنقع سياسات نفاقهم الفاشلة داخلياً وخارجياً.. وقد مارست المؤسسة الوهابية دورها بالشكل المطلوب في شرعنة سطوة وظلم وقمع وفتن آل سعود حتى يومنا هذا داخلياً وإقليمياً.." - من مقال "آل سعود ومنهجية أمتطاء المشايخ وقت الضرورة" للكاتب السعودي جمال حسن.
ارسال التعليق