حملة واسعة في اليمن تندد بتدهور أوضاع المقيمين اليمنيين في مملكة آل سعود
التغيير
أطلق مغردون يمنيون حملة واسعة للتنديد بتدهور أوضاع المقيمين اليمنيين في المملكة تحت وسم #انقذوا_المغترب_اليمني_بالسعوديه.
وانتقد المغردون “الحقد الذي تحمله مملكة آل سعود تجاه الشعب اليمني بعد أن دمرت اليمن بالقصف ونشرت الحقد والكراهية بين اليمنيين واحتلت الجزر والموانئ ودعمت مليشيات انقلابيه في الشمال والجنوب واخيرا عصابتها تنهب أموال اليمنيين من البنوك حتى المغترب اليمني تسلبه رزقه وقوت اسرته”.
من جهته قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّ على سلطات آل سعود إعادة النظر في سياساتها تجاه العمالة الوافدة داخل المملكة، لا سيما المقيميين اليمنيين والأخذ بعين الاعتبار وضعهم الإنساني والحالة الاقتصادية لأولئك العمال خصوصا في ظل تفشي جائحة كورونا.
وأكد الأورومتوسطي ومقره جنيف في بيان صحفي، على أن استمرار سلطات آل سعود في نهجها القائم على فرض رسوم جديدة على العمال ومرافقيهم “من الأبناء والزوجة والآباء” سيعني استحالة سداد الكثير من العمال لالتزاماتهم، وبالتالي التعرض للطرد من المملكة التي توافدوا إليها أملا في حياة أفضل.
وأشار إلى أن أكثر المتضررين من قرارات المملكة هم المقيمون اليمنيّون الذين فرّوا من بلادهم نتيجة الحرب المندلعة منذ 2015، إذ يقدّر عددهم بنحو 1.8 مليون عامل، ويواجهون بالأساس تحديات قانونية ومعيشية، أهمها تدني الأجور وبطء إجراءات استصدار أذونات عمل، بالإضافة إلى ارتفاع رسوم المرافقين، وأخيرًا أزمة كورونا التي ألقت بظلالها على قطاع العمل في المملكة وخصوصًا أصحاب الأجر اليومي.
ومع إجراءات الحظر وإغلاق المدن خلال الأشهر الثلاثة الماضية، لم يتمكن العمال اليمنيون وغيرهم من ممارسة أعمالهم في إحدى أهم فترات العمل في السنة: المناسبات الدينية والأعياد، والتي تشكّل مصدر دخل رئيسي لجزء كبير منهم.
وتقدّر بيانات رسمية تحويلات المغتربين اليمنيين في الخارج بنحو 5.172 مليار دولار سنويًا، وتوقع تقرير حكومي يمني انخفاضًا حادًا في هذه التحويلات بنحو 70% بسبب تفشي فيروس “كورونا”، ما سيؤدي إلى حرمان اليمن الذي يواجه انهيارًا تامًا ويشهد أسوء أزمة اقتصادية في العالم، من أهم مورد من موارد العملات الصعبة، وستفقد الكثير من الأسر التي تعيش على التحويلات من الخارج مصدر معيشتها، وستتفاقم بالضرورة الأزمة الإنسانية الحادة.
ووفق متابعة الأورومتوسطي، فإنّ من أبرز الأعباء التي تفرضها سلطات آل سعود على الوافدين من العمال والمرافقين هي الضرائب المالية على الخدمات والمساكن والأفراد المرافقين والتي تزيد أوضاعهم المعيشية سوءًا، إذ وثّق تقرير لشركة “جدوى للاستثمار” مغادرة نحو 1.6 مليون عامل بعد زيادة رسوم مرافقي العمالة الأجنبية في تموز 2017.
وفرضت سلطات آل سعود عام 2017 رسومًا على العمالة الوافدة، بحيث يدفع العامل 100 ريال عن كل مرافق بداية من 2017، ترتفع بواقع 100 ريال سنويًا حتى عام 2020 (200 ريال لعام 2018، و300 ريال لعام 2019، و400 ريال لعام 2020). وهذا يعني أن كل عامل سيدفع 4800 ريال سعودي ما يعادل “1200 دولار أمريكي” سنويًا عن كل مرافق مسجل على إقامته، الأمر الذي يشكل إرهاقًا على العمال لصعوبة تحصيل مثل هذا المبلغ في ظل تدني الأجور في العديد من القطاعات التي يعملون بها.
وأبرز المرصد الأورومتوسطي أن قرار رفع الرسوم لم يقتصر على مرافقي العمالة الوافدة بل امتد ليصل العامل نفسه، إذ ربطت السلطات في المملكة نسبة الرسم المفروض على العامل بنسبة العمالة الأجنبية مقابل العمالة السعودية في مكان العمل.
ففي حال كانت العمالة الأجنبية أكثر من السعودية سيُجبر العامل على دفع 800 ريال سعودي شهريًا، أما في حالة إذا ما كانت العمالة السعودية أكثر من الأجنبية فسيُلزم العامل بدفع مبلغ 700 ريال سعودي شهريًا، يضاف لها المبلغ المالي الذي يدفعه العامل للكفيل.
وبالتالي فإنّ مجموع ما سيدفعه العامل للمملكة من رسوم عنه وعن مرافقيه من عائلته يفوق في كثير من الأحيان المبلغ الذي يتحصل عليه من عمله، وهذا يعكس نية سلطات آل سعود المتعمدة في التضيق على العمالة الأجنبية لإجبارها على مغادرة مملكة آل سعود.
وكانت سلطات آل سعود أصدرت في وقت سابق، قرارًا يتيح خفض رواتب العاملين في القطاع الخاص بنسبة تصل إلى 40%، مع إمكانية إنهاء عقود العمل بحجة مواجهة التبعات الاقتصادية لجائحة كورونا، وقد سرّحت بالفعل شركات كبرى مئات الآلاف من العمال الوافدين عقب القرار.
من جانبه قال المستشار القانوني لدى الأورومتوسطي “محمد عماد” إنّ ممارسات آل سعود تجاه العمالة الوافدة تنتهك أبسط الحقوق الإنسانية والقانونية التي كفلها القانون والعرف الدولي، ومنها الحياة الكريمة والحق في العمل في بيئة آمنة دون تقييد أو ملاحقة، مشددًا على أن نصوص الاتفاقيات ضمنت بما لا يدع مجالًا للشك هذا الحق وأهمها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والاتفاقية الخاصة بالعمل.
ونبّه “عماد” إلى ضرورة أن تلتفت سلطات آل سعود للمقيمين اليمنيين بشكل خاص، إذ تعتبر المملكة أحد أبرز أطراف الحرب في اليمن التي لجأ بسببها ملايين اليمنيين إلى مملكة آل سعود، وبالتالي يتعيّن عليها إعفاءهم من أي رسوم للإقامة أو العمل، وعدم مساواتهم بالجنسيات الأخرى.
وذكر أنّ اليمنيّين في مملكة آل سعود قد ينطبق عليهم وصف اللاجئين، ما يجعلهم يندرجون تحت قاعدة “اللجوء وعدم الطرد” التي نصت عليها الاتفاقية الخاصة باللاجئين لعام 1951، والتي تعد قاعدة عرفية في القانون الدولي، وتحظر طردهم أو التضييق عليهم، وبالتالي يقع على عاتق المملكة مسؤولية أخلاقية وإنسانية كبيرة تجاههم، بما يشمل تسهيل إجراءات الإقامة، وتحسين ظروف العمل، وتوفير مساكن مناسبة ولائقة، بدلًا من ملاحقتهم وفرض مزيد من الرسوم عليهم.
ونوّه إلى أنّ ما يعرف بـ”اتفاق الطائف”، كانت وقعته حكومة آل سعود مع الحكومة اليمنية، يقضي بأن يعامل اليمني في مملكة آل سعود معاملة السعودي في معظم ما يتعلق بالجوانب الخاصة بالإقامة والعمل، وهو ما يجعل تطبيق الرسوم والضرائب على اليمنيّين، حتى أولئك الذين لا ينطبق عليهم وصف اللاجئ، مخالفًا للاتفاقية بين اليمن وآل سعود.
ودعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان سلطات آل سعود إلى ضرورة مراجعة سياساتها تجاه العمالة الوافدة، وضمان حصولهم على حقوقهم التي كفلها القانون الدولي من راتب يضمن لهم حياة كريمة، ووقف كافة القرارات التي تثقل كاهل العامل لا سيما تلك المتعلقة بالرسوم المفروضة على المرافقين من عوائلهم وأسرهم.
كما طالب منظمة العمل الدولية بتشكيل لجنة لتقييم أوضاع العمل والعمال داخل مملكة آل سعود، ووضع خطوات حقيقية تلتزم بها السلطات في تعاملها مع العمال الأجانب بما يضمن لهم الحصول على حقوقهم الأساسية التي كفلها لهم القانون الدولي.
ويعمل في المملكة نحو 13 مليون عامل وافد، يتوزعون على معظم قطاعات العمل، لا سيما قطاعي الطاقة والخدمات. في 2017 بدأت سلطات آل سعود انتهاج سياسات أكثر تشدّدًا مع العمالة الوافدة، وشمل ذلك تشديد إجراءات الإقامة، وفرض ضرائب إضافية كبيرة وسنوية على العاملين وأسرهم داخل المملكة، ما أدّى إلى انخفاض حاد في صافي الدخل لدى العمالة الوافدة، وصعوبة في تسديد الضرائب والرسوم الحكومية، ودفع بمئات الآلاف منهم إلى مغادرة المملكة.
ارسال التعليق