خبراء: لهذا نجت اتفاقيات التطبيع مع اعراب الخليج من حرب غزة
سلطت مجلة "نيوزويك" الضوء على اتفاقيات التطبيع التي وقعتها الإمارات والبحرين مع إسرائيل، في عهد الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، وسبب عدم تأثرها بالحرب المشتعلة في قطاع غزة، مشيرة إلى أن السلطات البحرينية سارعت إلى نفي ما أعلنه مجلس النواب بشأن استدعاء سفير المملكة من الدولة العبرية مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.
وذكرت المجلة الأمريكية، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، أن الإمارات والبحرين تواجهان اختبارًا دبلوماسيًا في ظل ارتفاع عدد القتلى الفلسطينيين والغضب في العالم العربي وخارجه، وفي ظل تحويل الاحتلال الإسرائيلي المستشفيات في غزة إلى ساحات قتال، ومع ذلك فإن اتفاقات التطبيع لم تنهار بعد.
وبينما تدعم الدولتان الخليجيتان وقف إطلاق النار في غزة واتفاق السلام مع الفلسطينيين، فإنهما تشتركان مع إسرائيل في مواجهة ما تعتبره كل منهما "تشددا إسلاميا" تمثله حركة حماس وداعميها الإيرانيين، وتسعى كل منهما إلى إقامة تحالفات أمنية إقليمية تتجاوز اعتمادهما التقليدي على الولايات المتحدة، وتعزيز الارتباط بإسرائيل من خلال تعزيز العلاقات الاقتصادية.
وفي السياق، قالت إلهام فخرو، زميلة البحث في معهد الدراسات العربية والإسلامية بجامعة إكستر، والتي تعكف حالياً على تأليف كتاب عن اتفاقيات التطبيع الخليجية الإسرائيلية، إن "ما أظهرته الإمارات والبحرين الآن هو أنهما ملتزمان للغاية بالعلاقة (مع إسرائيل)".
وكانت اتفاقيات إبراهيم، التي توسط فيها البيت الأبيض في عهد ترامب وبدأت في عام 2020، عبارة عن سلسلة من اتفاقيات التطبيع التاريخية بين إسرائيل والدول العربية التي أعادت تشكيل المشهد السياسي في الشرق الأوسط.
وفي السابق، كان موقف العديد من الدول العربية هو أن العلاقات مع إسرائيل لا يمكن أن تستمر إلا بعد التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين بشأن إقامة دولة، ولذا كانت اتفاقيات إبراهيم إنجازًا مميزًا في السياسة الخارجية لإدارة ترامب، خاصة بعدما تبعها اتفاقا مماثلا مع كل من السودان والمغرب على تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
لكن المنتقدين رأوا أن الاتفاقات قد تؤدي إلى تهميش الفلسطينيين بعد عقود من المفاوضات المتوقفة التي فشلت في إقامة دولة فلسطينية.
وقال السفير الأمريكي السابق لدى إسرائيل، ديفيد فريدمان، المعين من قبل ترامب والذي تعرض لانتقادات شديدة من قبل الفلسطينيين ولعب دورًا كبيرًا في تشجيع التطبيع مع الدول العربية الأخرى، إنه يعتقد من خلال اتصالاته مع تلك الدول أنها ستكون سعيدة جدًا برؤية إسرائيل تحارب حماس، باعتبار أن الحركة الفلسطينية فرعا لجماعة الإخوان المسلمين.
وأوضح فريدمان: "قد تعتقد أنه مع وجود إسرائيل في حالة حرب مع طرف عربي من شأنه أن يمارس الكثير من الضغط على اتفاقيات إبراهيم، ومن حيث العلاقات العامة، كان هناك بعض من ذلك. لكنني أعتقد أن القضاء على حماس، والذي أعتقد أنه سيحدث، سيعود بالنفع على إسرائيل وجميع الدول المعتدلة".
وفي الأسبوع الماضي، كرر رئيس الإمارات الشيخ، محمد بن زايد آل نهيان، الدعوة إلى وقف إطلاق النار في غزة، وحث على وقف التصعيد من أجل "تأمين سلام عادل ودائم وشامل في المنطقة"، لكن مسؤولًا إماراتيًا كبيرًا قال أيضًا، في مؤتمر صحفي عبر الإنترنت نظمته الجماعات المؤيدة لإسرائيل في الولايات المتحدة وأوروبا، إن "اتفاقيات إبراهيم هي مستقبلنا".
وردا على سؤال حول موقف الإمارات من الاتفاقيات، قالت دائرة الاتصال الرسمية في تصريح لنيوزويك إن "الأولوية الأكثر إلحاحا بالنسبة لدولة الإمارات هي إنهاء العنف في قطاع غزة".
وفي نقضها لما ورد عن استدعاء السفير البحريني وقطع العلاقات التجارية، أكدت الحكومة "نهج مملكة البحرين في تعزيز الأمن والاستقرار وترسيخ السلام في المنطقة"، مؤكدة أن ذلك يشمل أيضا إيجاد "الحل العادل للقضية الفلسطينية".
وشهد المغرب احتجاجات حاشدة ضد إسرائيل بسبب الحرب في غزة وأدانت وزارة الخارجية المغربية "أعمال التصعيد الإسرائيلية" لكنها لم تذكر أي تهديد لتطبيع العلاقات. كما لم يفعل ذلك رئيس المجلس السيادي الحاكم في السودان، حتى عندما طالب بوقف "العدوان الإسرائيلي".
وترى إلهام فخرو أن "ما يحدث أمر صعب لأن القضية الفلسطينية لم تعد تحتل مركز الاهتمام لدى الحكومات العربية، ولكنها مركز الاهتمام بالنسبة للسكان الذين خرجوا إلى الشوارع احتجاجا".
وقال إيتاي ميلنر، المتحدث باسم وقنصل شؤون الإعلام في القنصلية العامة لإسرائيل في نيويورك، إن الأسباب الأساسية للاتفاقات لم تتغير، بل إن أهميتها قد تعززت بسبب "زعزعة الاستقرار الخبيثة" التي تمارسها إيران في المنطقة، على حد تعبيره.
وأضاف: "نحن واثقون من أن اتفاقيات إبراهيم ستخرج من هذه الأزمة أقوى من أي وقت مضى".
وفي سياق متشابه، قال جويل ستار، نائب مساعد وزير الخارجية السابق لشؤون الأمن الإقليمي في الولايات المتحدة: "لقد أرست اتفاقيات أبراهام أساسًا اقتصاديًا وأمنيًا لم نشهد مثله منذ كامب ديفيد؛ وهو نموذج استخدمناه عند إنشاء اتفاقيات إبراهيم".
وقال ستار، وهو الآن مستشار كبير في المعهد الأمريكي للسلام: "أصلي من أجل أن تظل الاتفاقيات طويلة الأمد مثل كامب ديفيد، التي شهدت أيضًا اختبارها من خلال العديد من الصراعات العنيفة منذ أن شاركت فيها جهات فاعلة غير حكومية".
وفي حين أن الدول العربية التي قامت بتطبيع العلاقات مع إسرائيل لم تنسحب من اتفاقيات إبراهيم، فإن الحرب قد تجعل من الصعب المضي قدمًا مع الدول الأخرى التي يُنظر إليها على أنها مرشحة محتملة لتطبيع مستقبلي، وأهمها المملكة العربية السعودية.
وفي قمة عقدت في المملكة، نهاية الأسبوع الماضي، قال ولي العهد الأمير، محمد بن سلمان: "نحن نرفض بشكل قاطع هذه الحرب الوحشية التي يتعرض لها إخواننا وأخواتنا في فلسطين".
وكانت القمة أيضًا مناسبة الزيارة الأولى التي يقوم بها زعيم إيراني منذ أن أعادت الرياض وإيران العلاقات بينهما في مارس/آذار.
ومع ذلك، فإن الإسرائيليين متفائلون بأن السعودية ستستأنف المناقشات حول التطبيع بعد الحرب، وهو ما عبر عنه إفرايم هاليفي، الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (الموساد)، قائلا: "لدينا سبب للاعتقاد بأنه بمجرد انتهاء الحرب، خلال فترة زمنية قصيرة جدًا، ستستأنف المفاوضات بيننا وبين السعودية".
ارسال التعليق