خلال ولاية بن سلمان.. أزمة علاقات بين السعودية وأكثر من 16 دولة
خلال ولاية بن سلمان.. أزمة علاقات بين السعودية وأكثر من 16 دولة
التغيير
اتسمت علاقات المملكة ذات الثقل الإسلامي الكبير، بالتوتر والتأزم مع أكثر من 16 دولة منذ وصول محمد بن سلمان إلى الحكم في دلالة على حجم الانعكاسات السلبية لسياساته.
قطر، الكويت، العراق، إيران، تركيا، باكستان، ماليزيا، سلطنة عمان، لبنان، اليمن، باكستان، كندا، المغرب، روسيا، المجلس العسكري السوداني، السلطة الفلسطينية، وغيرهما من الدول التي تخفى توتر علاقتها الدبلوماسية مع المملكة.
هذه الدول وغيرها التي قطعت المملكة علاقاتها الدبلوماسية معها، منذ قدوم محمد بن سلمان، تشكل ثقلا سياسيا واقتصاديا وعسكريا في الشرق الأوسط وغيره، لكن الأمير الطائش، قليل الخبرة السياسية، لا يعلم كيف يقود المركبة.
وتسببت سياسات بن سلمان بخلق أزمات للمملكة، جعلت حلفائها ينفضون عنها تدريجيًا الواحد تلو الأخر، حتى بدأ يخشى المراقبون للشأن الخليجي، اليوم الذي ستكون المملكة منعزلة في محيطها العربي والإسلامي قريبًا جدًا إذا ما استمرت بتلك السياسة.
باكستان
ومن الأمثلة القريبة على انهيار السياسة الخارجية ل آل سعود ، هو ما صرح به وزير الخارجية الباكستاني صراحة، حينما تكلم عما يكتنف علاقة آل سعود مع باكستان من خلافات، ربما ستؤدي بالنهاية إلى قطعها وتتخذ الباكستان مسارًا بعيدًا عن آل سعود .
وانتقد وزير الخارجية الباكستاني، شاه محمود قرشي، منظمة التعاون الاسلامي التي تسيطر عليها المملكة عمليًا، بسبب عدم اكتراثها وتأجيلها الدائم في عقد اجتماع لوزراء خارجية الدول الأعضاء، من أجل دعم الكشميريين ودعم سبل حل قضية الإقليم.
وهدد بأنه إذا لم تعقد منظمة التعاون الإسلامي اجتماعا لوزراء خارجية دول المنظمة، فإن باكستان ستعقد مؤتمرا بشأن كشمير خارج إطار المنظمة.
يأتي التصعيد الباكستاني الجديد ضد آل سعود ، تزامنًا مع الذكرى الأولى للقرار الهندي الذي ألغت فيه الحكومة الهندية مادة من دستورها، تكفل الحكم الذاتي في جامو وكشمير ذات الأغلبية المسلمة.
يُذكر أن سوء العلاقات الحالية بين باكستان و آل سعود ، لم تبدأ مع مشكلة كشمير، إنما بدأت منذ اليوم الأول لفوز رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان بالانتخابات الرئاسية، ومحاولات هذا الرئيس الجديد التخلص من كون بلاده مجرد دمية بيد آل سعود يحركونها كيفما يشاؤون.
حينها أبدت آل سعود امتعاضها من عمران خان، ووصفته بأن من أتباع إيران.
يذكر أن العلاقة الباكستانية مع آل سعود كانت قد بدأت منذ ستينيات القرن الماضي، وهي علاقة منفتحة سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا وأمنيًا. وكان ل آل سعود موقفًا داعمًا للباكستان في موضوع نزاع كشمير.
لكن بدأت تعتري هذه العلاقة المشاكل مع وصول بن سلمان إلى منصب ولي العهد في المملكة، فقد حاول بن سلمان استمالة باكستان إلى جانبها بوجه إيران، ورفضت باكستان طلبًا أمريكيًا سعوديًا لإنشاء غرفة عمليات في بلوشستان الباكستانية، لزعزعة النظام في إيران.
وطالبت المملكة من باكستان إعادة قرض لها من باكستان بقيمة 3 مليار ورفضت بيع النفط لها على قاعدة الدفع الأجل كما كان معمولًا به سابقًا.
وتفاقمت خلافات البلدين بعد أن وقفت المملكة إلى جانب الهند بشأن مشكلة كشمير، الأمر الذي أزعج باكستان، فيما يُعتقد أن الذي أزعج المملكة من السياسة الباكستانية، هو اقترابها من تركيا وماليزيا الداعمتين لها في موقفها من موضوع كشمير.
ورفضت المملكة مطالبات باكستان بعقد اجتماع خاص لمجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي فيما يخص قضية كشمير.
وتوضيحًا للموقف الباكستاني من عدم حضور مؤتمر ماليزيا، وضم قادة ماليزيا وتركيا وقطر وعشرات من الزعماء الإسلاميين، كشف وزير الخارجية الباكستاني أن آل سعود هي من كانت السبب في ذلك. وأنها تعرضت لتهديدات اقتصادية.
وتستغل المملكة الأزمة المالية التي تمر بها باكستان لزيادة الضغط عليها، وهددت بإعادة 4 ملايين عامل باكستاني يعملون في المملكة، وهددت بإلغاء استثمارًا بقيمة 20 مليون دولار في ميناء جوادر.
ما دفع رئيس الوزراء الباكستاني إلى التكلم بلغة دبلوماسية هادئة مع المملكة، ليقول، إنه لا توجد خلافات بين بلاده و آل سعود ، بالتزامن مع زيارة قائد الجيش الباكستاني “قمر جاويد باجوا”، إلى الرياض لتلطيف الاجواء بين البلدين.
ماليزيا
لم تقتصر خيبات الأمل السياسية ل آل سعود على الباكستان فقط، إنما لحقتها خيبة أمل كبيرة في ماليزيا، التي أوصلت الانتخابات الأخيرة بظهور خصمٍ كبيرٍ لها هو مهاتير محمد إلى الحكم، بعد أن أطاح بحليفها السابق نجيب عبد الرزاق الذي أُعتقل بتهم فساد كبيرة.
ولا نظن أنها مصادفة أن يكون جميع حلفاء آل سعود هم من الذين تلاحقهم تهم فساد كبيرة، فالحليف الباكستاني السابق نواز شريف، كان أيضًا من المتهمين بتهم فساد كبيرة.
ويرى محللون أن أولئك المسؤولون الفاسدون، كانوا يرتبطون ماليًا واقتصاديًا بآل سعود ، مما يؤدي بطبيعة الحال لارتباطهم سياسيًا بالمملكة.
الولايات المتحدة
مملكة آل سعود وبسبب التخبطات التي يرتكبها بن سلمان في سياساته الإقليمية، ربما ستخسر قريبًا حليفًا استراتيجيًا كبيرًا، هو الولايات المتحدة الأمريكية، ذلك لأن تلك السياسات التي يتبعها بن سلمان، تشكل حرجًا كبيرًا لواشنطن سواء على علاقاتها الخارجية أو على مستوى الصراع الحزبي بين الحزبين الامريكيين الكبيرين.
والحرج يأتي من التخبطات آل سعود في اليمن، وفي تعامل بن سلمان مع معارضيه، وموضوع تصفية الصحفي جمال خاشقجي وغيرها من الإشكالات التي أحرجت القيادة الأمريكية الحالية، كما جعلت تصرفات بن سلمان، الطرف الأمريكي الاخر المتمثل بالديمقراطيين، يهاجمون علاقة الإدارة الأمريكية بابن سلمان. حتى أصبحت تلك إدارة ترامب محرجة جدًا.
فالإدارة الأمريكية لا تريد وقف مبيعات الأسلحة للملكة، وبنفس الوقت، يشكل ارتكاب آل سعود للجرائم في اليمن وبأسلحة أمريكية، حرجًا شديدًا لإدارتها. هذا الأمر يجعلنا نسأل، هل ستكون الولايات المتحدة في قائمة الدول التي ستخسرها المملكة؟ وإذا صح ذلك فهذا يعني أن آل سعود على أعتاب خسارة أكبر وأهم حليف لها، طالما راهنت عليه.
لخسارة الأكبر
لكن الخسارة الأكبر للمملكة تتمثل في خسارتها للشعب العربي والإسلامي، فقد وقفت المملكة ضد تطلعات جميع الشعوب العربية والإسلامية، بل إنها حاربتهم باسم محاربة الإسلام السياسي المتمثل بجماعة الإخوان.
وحارب نظام آل سعود ثورة الشعب المصري بدعم الانقلاب على أول تجربة ديمقراطية يشهدها البلد، وحاربت تطلعات الشعب الليبي وتخلت عن الشعب السوري، وحاربت الشعب التركي وحكومته المساندة لتطلعات الشعوب في المنطقة، ودعمت انقلابًا فاشلًا على حكومة أردوغان.
وتخلت عن الشعب العراقي، بل انها ناصبت العداء لشعبها السعودي نفسه، حينما شنت حملة منظمة ضد المثقفين والمفكرين بالمملكة وحاولت اخراس كل لسان معارض لها أو يدعو للإصلاح في المملكة.
والمتوقع بعد مسيرة الفشل السياسي للملكة، أنها توشك على خسارة نفوذها بالكامل في المنطقة لصالح الإمارات التي تعتقد انها حليفتها. أما عن خصومتها مع إيران فإن الوضع الحالي ينبأ على أنها خسرت معركتها مع إيران قبل أن تبدأ.
وشيئًا فشيئًا ربما ستجد المملكة نفسها مجبرة على الالتجاء إلى إسرائيل لكي تحتمي بها من السقوط ومن العزلة التي تعيشها، كما فعلت الإمارات ذلك قبلها.
ارسال التعليق