دور الوهابية في إستقطاب شباب منطقة البلقان في الجماعات الإرهابية
التطورات الأخيرة التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط، والمتأثرة بوجود التكفيريين وتنظيم "داعش" الإرهابي في سوريا والعراق على مدى العامين الماضيين، أثارت أفعالاً و ردود أفعال مختلفة في أوروبا والشرق الأوسط، وكانت حصة الإرهاب في هذه الأثناء كبيرةً.
نقطة تحول حضور الوهابية في البوسنة، هي الزيارة التي قام بها فريقٌ من ستة أعضاء برئاسة الشيخ عبد العزيز من السعودية إلى البوسنة، عشية الحرب في البوسنة والتي لقيت ترحيباً من نصرت بيجوفيتش. أعضاء هذا الفريق الذين كانوا في الواقع زعماء الوهابية بعد اندلاع الحرب في البوسنة، بدأوا السفر إلى أماكن مختلفة من البوسنة، وكانت نتيجة ذلك التركيز على قرية "مهوريغ" بالقرب من مدينة "ترافنيك"، ومن خلال التحريات اللازمة وجدوا أن هذا المكان منطقةٌ ذات جغرافيا مناسبة، لتصبح مركزاً لتعزيز أفكارهم الوهابية، وبذلك تشكَّلت الخطوة الأولى والتحرك المخطَّط و المنظم للوهابيين عشية حرب البوسنة التي طالت أربع سنوات.
الجماعات الوهابية التي تصرفت في البداية بشكل متقطع ولا مركزي، بادرت إلى إنشاء مراكز تدريب عسكرية لدورات محدودة، من بينها يمكن الإشارة إلى مراكز تدريب اوراهويتسا، جلزنوبوليه في منطقة "زنيتسا" و"زاويدويشي".
وعلى مدى العقدين الماضيين، وسَّعت الجماعات المتطرفة ومن بينها الوهابيين من شبكاتهم العابرة للحدود في القرى النائية والمعزولة في جميع أنحاء دول غرب البلقان، بحيث أن أحكام الشريعة الإسلامية كانت تنفَّذ عملياً في هذه المناطق وبشكل مستقل، بينما أصبحت هذه المناطق النائية ملاذاً آمناً وأماكن لتجنيد جهاديين جدد من جميع أنحاء العالم.
وأما أساليب المتطرفين الإسلاميين لجذب الشباب في البلقان، فكانت تتمّ في السنوات الأخيرة تحت غطاء إقامة "مخيمات شبابية"، حيث كان الشباب يُنقلون بشكل منهجي إلى الحدائق الوطنية أو التلال المحلية والغابات وغيرها من المناطق الآمنة، ويتم تدريبهم على يد المجاهدين السابقين.
على الرغم من هذا يمكن القول إن البلقان تشكِّل مخاوف أمنية كبيرة للولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى، وهي الطريق الرئيس الذي يربط بين الشرق والغرب. وتشهد هذه المنطقة نمو الإسلام الراديكالي فيها وذلك بتأثير من الفضاء الغربي، ما جاء نتيجةً لمواجهة الليبرالية والثقافة السائدة في الغرب، وهجرة الوهابيين إلى البلقان وقربها من الشرق الأوسط.
وبعد تصاعد الحرب الأهلية في سوريا وتدمير المدن والمرافق والمناطق السكنية، وبثّ الرعب والخوف من قبل المسلحين، يقال إن ما يقرب من 300 شخص قد أُرسلوا من البلقان للقتال ضد الحكومة السورية، ما له عواقب وخيمة بالنسبة للمجتمع البلقاني. وهؤلاء المتمردون من البلقان، عندما يعودون من سوريا إلى بلدانهم، سيشكلون تهديداً للسفارات والمؤسسات الأجنبية الموجودة في منطقة البلقان.
ارسال التعليق