ردا على محمد أل الشيخ : مساوئ الديمقراطية افضل من (حسنات) ملكيتكم
كتب محمد آل الشيخ" حفيد الشيخ "بن عبد الوهاب" مقالاً حول الديمقراطية حاول من خلاله عدم جدوائيتها في بلدان كالسعودية لاعتقاده بأن الظروف ليست مهيأة لذلك. ومما قاله في هذا المجال:
"في تقديري أن الديمقراطية تحتاج قبل أن نقبلها أو نرفضها إلى إضاءات على جوانبها المختلفة، فهي بلا شك أفضل الأحصنة التي تقود عربة المجتمع، نحو العدل والمساواة بين الأفراد، وحماية حرياتهم واستقلالهم الفردي، غير أن المجتمع الذي هو بمثابة العربة التي يجرها الحصان، يجب أن تكون صالحة ومهيئة عجلاتها كي لا تلقي بهم في الهاوية."
وأضاف: "الديمقراطية بلا شك سلاح قوي وفاعل، تستطيع به المجتمعات (الناضجة) الدفاع عن نفسها، وعن تلاحمها، وقيمها، لكن الفرد في المجتمع إذا لم يكن ناضجا، واعيا، فإنه سيكون كالطفل الذي تمكنه من هذا السلاح، فيقتل به نفسه أو يقتل به غيره".
ونحن نسأل آل الشيخ هذا السؤال: بعد أن أقررت أن الديمقراطية أفضل أنواع الحكم لإطلاق الحريات وتحقيق المساواة بين الأفراد، لماذا عدت لتنتقص من هذا الأسلوب في الحكم وأنت تعلم جيداً أن نظام الحكم الملكي المعتمد من قبل آل سعود لايمكن أن يكون بأي حال من الأحوال بديلاً عن الديمقراطية، لا لأن الأخيرة ليست فيها سلبيات قد نتفق بها معك، بل لأنها - وهذا شيء مؤكد - أفضل من النظام القبلي المطبق في المملكة من قبل جماعتك الذين تقدسهم والذي أثبتت التجارب أنه السبب في جميع المآسي والكوارث التي يواجهها البلد على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية.
هذا أولاً، وثانياً: إذا كان آل الشيخ يعتقد أن الديمقراطية بحاجة لتهيئة الظروف المناسبة لتطبيقها، فهو إذن يعترف بأن المملكة لاتتوفر فيها هذه الظروف لكنه أحجم عن الإشارة إلى هذا الأمر، خشية أن تحسب عليه بأنه يرفض نظام حكم المملكة من ناحية، ويتهمها من ناحية أخرى بالحيلولة دون تحقق شروط الحكم الديمقراطي والذي يكون للشعب دور كباقي الناس في حكم انفسهم وضرورة التحرك بهذا الاتجاه.
ثالثاً: إذا كان آل الشيخ يسعى لتبرير نظام الحكم الوراثي المعتمد في المملكة، فما الحاجة للانتقاص من الديمقراطية بعد أن أشار في بداية مقاله إلى أنها أفضل أنواع الحكم، أم أنه يعتقد بأن اللف والدوران كفيل بإدخال القارئ في متاهات وطرق متعرجة وملتوية كافية لأن تجعله يفقد البوصلة التي ينبغي أن توصله إلى الهدف المنشود، وهو بهذا إنّما أراد أن يتخلص من ذمّ نظام آل سعود على طريقة "إيّاكِ أعني واسمعي يا جارة"، فهو ومن خلال مقاله امتدح الديمقراطية من حيث أراد أو لم يرد، لكنه في الوقت ذاته بيّن عيوب الحكم الملكي من خلال بيانه لنقاط قوة الديمقراطية، وفي نهاية المطاف وجد نفسه مضطراً لدسّ السمّ بالعسل، عندما سعى للإيحاء بأن الديمقراطية لاتخلو من مساوئ، وهو أمر لايكاد يختلف عليه إثنان.
رابعاً: إن آل الشيخ يدرك تماماً استحالة تطبيق الديمقراطية في المملكة لعلمه بأن النظام الحاكم لن يسمح أبداً بالتحدث عن الديمقراطية إذا كان المقصود من الحديث ليس "ذر الرماد في العيون" كما هو ديدن ولي العهد "محمد بن سلمان"، فضلاً عن التنظير لها أو الدعوة لاعتمادها كنظام حكم بديل عن الملكية. ومن المؤكد أن من يفكر بهذا الاتجاه عليه أن يمد رقبته ليقطعها سيف الجلّاد بحجة التطاول على ولاة الأمر، والتمرد على المذهب "الوهّابي"الذي يبيح لمعتنقيه قتل الآخرين لمجرد الاختلاف بالرأي، وهو ما حصل كثيراً في داخل المملكة وفي بلدان أخرى بالمنطقة والعالم.
خامساً: إذا كان آل الشيخ يعتقد بأن الديمقراطية قد تتسبب بمخاطر لايمكن تلافيها، ومن بينها تعريض المجتمع إلى التنافس غير المحمود بحسب اعتقاده، فما باله بالنظام الملكي الذي كان السبب في تعريض البلاد إلى كوارث لاتعد ولاتحصى ولازال الشعب يدفع ضريبتها الباهظة نتيجة هذا النوع من الحكم.
سادساً: يخشى آل الشيخ من إمكانية تسلط الأقلية على الأكثرية في حال انحرفت بوصلة الديمقراطية عن الهدف المرسوم لها نتيجة أخطاء قد ترتكب أثناء الانتخابات أو من خلال التطبيق السيء للقائمين عليها، وكأنه هنا يريد أن يقول أن المملكة تحكمها الأكثرية وليست الأقلية في مغالطة مفضوحة قلّ نظيرها، تستدعي أن نقيم العزاء من أجلها بعد أن تفتقت عقلية آل الشيخ عن هذه البدعة التي لم ولن تكن الأخيرة في قاموس المروّجين للملكية والمطبلين لها والمنتفعين منها.
وفي جانب آخر من مقاله يقول آل الشيخ: "إذا كانت (الفردانية) بمعناها الشامل ضعيفة، أو غائبة، أو مغيبة، أو أن هناك ضغوطا اجتماعية أو قبلية أو مذهبية، تفرض على الفرد أن يكون بمثابة الخروف في القطيع، فإن آلية
ارسال التعليق