#زيلينسكي يلجأ للعرب.. هل سيقف #العرب مع #اوكرانيا
سُلطت الأضواء الإقليمية والدولية على القمة الـ32 لزعماء دول الجامعة العربية التي انطلقت ظهر الجمعة، بسبب مشاركة لم تكن معلنة للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. ومع حلول صباح القمة، خطف الرئيس الأوكراني الأضواء في جدة، مع تداول وسائل إعلام سعودية ودولية أنباء عن قدومه إلى المدينة الساحلية في غرب المملكة، لحضور القمة العربية. وتعد هذه الزيارة الأولى التي يُجريها زيلينسكي إلى الشرق الأوسط منذ بدء الحرب مع روسيا في فبراير/شباط 2022. وعبر تويتر، أعلن زيلينسكي أن هدفه من المشاركة بقمة الجامعة العربية هو تعزيز العلاقات الثنائية وعلاقات أوكرانيا مع العالم العربي.
وبعد أن كانت مجرّد تقارير إعلامية منقولة عن مصادر متفرقة، أصبح حضور الرئيس الأوكراني فولودومير زيلينسكي للقمة العربية أمراً واقعاً، بعد أن حل الجمعة بمدينة جدة، في زيارة وصفت بـ"المفاجئة" للمملكة العربية السعودية، بعد أن كان في طريقه للمشاركة في قمة مجموعة السبعة الجارية في هيروشيما اليابانية. ووفق ما كشفته الجامعة العربية، فإن حضور زيلينسكي في القمة أتى استجابة لدعوة من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. فيما ألقى الرئيس الأوكراني خطاباً على مسامع القادة العرب، انتقد فيه ما أسماه غض بعض الدول العربية الطرف عما تقوم به روسيا في بلاده، طالباً منهم مساعدة أوكرانيا على حماية شعبها وخاصة المسلمين منهم.
زيلينسكي في القمة العربية:
كانت أول من تحدثت عن حضور زيلينسكي القمة العربية، الصحف الجزائرية. وعنونت صحيفة "الخبر" الجزائرية، واسعة الانتشار، صفحتها الأولى بـ"ماذا يفعل زيلينسكي في قمة العرب؟"، قبل أن تكشف في مقالها، نقلاً عمَّن أسمتهم "مصادر ديبلوماسية" أنباءً عن حضور الرئيس الأوكراني للقمة العربية.
وعلّقت الصحيفة الجزائرية، بأن هذه الخطوة من شأنها "أن تلقي بظلالها على مجريات الاجتماعات، وخصوصاً أنها أول مرة توجه فيها دعوة الحضور إلى رئيس دولة بعينها وليس إلى مسؤولين في منظمات إقليمية ودولية مثلما جرى عليه العرف الدبلوماسي في الدورات السابقة لمؤتمرات القمة العربية على مستوى القادة".
غير أن كل هذه الأخبار ظلت في خانة التكهنات، قبل أن يؤكدها الرئيس الأوكراني يوم الجمعة، حين غرّد قائلاً: "لقد بدأت زيارتي الأولى للمملكة العربية السعودية لتعزيز العلاقات الثنائية وعلاقات أوكرانيا مع العالم العربي". وأضاف زيلينسكي، مستعرضاً الملفات التي سيطرحها أمام القادة العرب، بالقول: "السجناء السياسيون في القرم والأراضي المحتلة مؤقتاً، عودة شعبنا، صيغة السلام، التعاون في مجال الطاقة"، ومذكراً بأن "المملكة العربية السعودية تلعب دوراً مهماً ونحن على استعداد للارتقاء بتعاوننا إلى مستوى جديد".
هذا وخلال خطابه لافتتاح القمة العربية، خص ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الرئيس الأوكراني بالترحيب. فيما أوضح وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، مبرراً دعوة زيلينسكي للقمة، بأنها "من باب سماع وجهة نظر جميع الأطراف"، وأن الدول العربية "اتخذت منذ بداية الأزمة موقف الحياد لا الحياد السلبي بل الحياد الإيجابي".
عمَّ بحث زيلينسكي في القمة العربية؟
وفي خطابه أمام القمة العربية، يوم الجمعة، انتقد الرئيس الأوكراني فولودومير زيلينسكي ما أسماه غضّ بعض الدول العربية الطرف عما تفعله روسيا في بلاده. وقال زيلينسكي: "للأسف، البعض في العالم، وبينكم هنا، يغضون الطرف عن الضم غير القانوني" للأراضي الاوكرانية.
وذكّر زيلينسكي: "لدينا بالفعل تجربة إيجابية مع السعودية فيما يتعلق بالإفراج عن مواطنينا الذين أسرتهم روسيا"، في إشارة إلى توسط الرياض في عملية تبادل للأسرى بين كييف وموسكو. مضيفاً إنه "يمكننا توسيع هذه التجربة. وإن كان أشخاص هنا في القمة لديهم وجهة نظر مختلفة بشأن الحرب على أرضنا، ويصفونها بأنها صراع، فأنا متأكد من أننا يمكن أن نتحد جميعاً في إنقاذ الناس من أقفاص السجون الروسية".
وكانت جهود الوساطة السعودية، في شهر سبتمبر/أيلول المنصرم، نجحت في الإفراج عن 215 أسيراً أوكرانياً لدى موسكو، من بينهم الشاب المغربي إبراهيم سعدون الذي كان يواجه حكماً بالإعدام. وجدد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، خلال خطابه في القمة، استعداد المملكة للاستمرار في الوساطة.
وقال بن سلمان: "نجدد تأكيد موقف المملكة الداعم لكل ما يسهم في خفض حدة الأزمة في أوكرانيا، وعدم تدهور الأوضاع الإنسانية، واستعداد المملكة للاستمرار في بذل جهود الوساطة، بين روسيا الاتحادية وأوكرانيا، ودعم جميع الجهود الدولية الرامية إلى حل الأزمة سياسياً، بما يسهم في تحقيق الأمن".
إضافة إلى هذا، أوضح الرئيس الأوكراني، في خطابه في جدة، أنه "سيقدم صيغته للسلام المكونة من 10 نقاط وسيسعى لإشراك أكبر عدد ممكن من البلدان"، مطالباً الدول العربية بمساعدته في "البحث في حماية الجالية المسلمة في شبه جزيرة القرم بأوكرانيا". هذا ويرى مراقبون، أن حديث الرئيس الأوكراني عن مسلمي القرم، محاولة منه لإقناع العرب بضرورة الوقوف إلى صف بلده لحماية هذه الأقلية. وهو ما أشارت إليه صحيفة "أندبندنت" البريطانية في مقال لها، قائلة إن زيلينسكي "يعتبر نفسه نصير المسلمين في جزيرة القرم". واستدلت الصحيفة البريطانية على قولها ذاك، بمنشور بصفحة زيلينسكي على "التليغرام"، وجه من خلاله الحديث إلى القادة العرب قائلاً: "أنا متأكد من أن كل دولكم تفهم المشاعر التي تختلجنا وواثق من النداء التي سأطلقه هنا من جدة، فهو نداء وواجب لحماية الشعب الأوكراني، بمن فيهم المجتمع الأوكراني المسلم"
دعوة السيّاح العرب:
ودعا زيلينسكي في كلمته الدول العربية إلى دعم السلام في بلاده، كما أعرب عن ترحيبه بالاستثمارات العربية، وأمله في أن يعود السياح العرب لرؤية بلاده قريبا "خالية من الاحتلال الروسي"، على حد قوله. كما قال الرئيس الأوكراني إن بلاده "لن تستسلم ولن تخضع لأي محتل أجنبي"، مناشدا قادة العرب "لحماية شعبنا والجالية الأوكرانية المسلمة"، على حد قوله. وقال زيلينسكي إن بلاده لم تختر الحرب ولم تنخرط في أي أعمال عدائية في أراضي دول أخرى، وتابع "نحن مجبرون على مواصلة القتال ولا أحد يوافق على تسليم أرضه".
من جهته، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في رسالة وجهها إلى القمة العربية، إن تطوير التعاون بين روسيا والدول العربية على مستويات مختلفة يتوافق والمصالح المشتركة. وأضاف بوتين إن روسيا ستواصل دعمها لجهود التسوية السلمية للأزمات في السودان وليبيا وسوريا واليمن على أسس السيادة والقانون الدولي. وأكد بوتين على أن روسيا تولي اهتماما كبيرا لتطوير علاقات الصداقة والشراكة البنّاءة مع دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وعلى مدار الايام الماضية، وصل قادة الدول ورؤساء الوفود العربية إلى جدة، وكان بينهم الرئيس بشار الأسد الذي يشارك في القمة لأول مرة بعد انقطاع نحو 12 عاما. وفي السابع من مايو/أيار الجاري، أعلنت الجامعة العربية إنهاء تجميد مقعد دمشق، وفي وقت لاحق أرسل العاهل السعودي دعوة إلى الأسد لحضور قمة جدة، وهو ما تحقق. وتأتي قمة جدة بالتزامن مع اشتباكات متواصلة بين الأطراف المسلحة في السودان وتصاعد التوتر بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي، ومباحثات للوصول إلى تسوية دائمة في اليمن.
ما المغزى؟
دعوة زيلينسكي للقمة جعل الجامعة العربية في قلب تجاذبات الحرب الروسية الأوكرانية، حيث تسعى كييف بدعم من واشنطن لإقناع الدول العربية بدعمها بكل السبل، بينما يناسب موسكو موقف الحياد الذي تتبناه دول المنطقة. في أبريل/نيسان 2022، أرسلت الجامعة العربية وفدا يضم وزراء خارجية مصر والجزائر والأردن والسودان، إضافة إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إلى كل من موسكو وكييف، لبحث سبل إنهاء الحرب، التي اندلعت في 24 فبراير/شباط من العام نفسه.
السعودية وعلى لسان ولي العهد محمد بن سلمان، أبدت استعدادها "للاستمرار في بذل جهود الوساطة بين روسيا وأوكرانيا". وقال ابن سلمان في كلمته أمام القمة العربية: "نجدد تأكيد موقف المملكة الداعم لكل ما يساهم في خفض حدة الأزمة في أوكرانيا". وزير خارجية المملكة فيصل بن فرحان، من جهته، شدد على تمسك الجامعة بالحياد، وأوضح أن دعوة زيلينسكي لحضور قمة جدة كان من باب "سماع وجهات نظر جميع الأطراف" في الأزمة بين روسيا وأوكرانيا.
وأشار إلى رسالة الرئيس الروسي إلى القمة العربية، في محاولة لإبراز انفتاح الجامعة العربية على سماع وجهة نظر كل طرف. وقال بن فرحان: "اتخذت الدول العربية منذ بداية الأزمة موقف الحياد، وليس الحياد السلبي، بل الحياد الإيجابي"، وأردف: "كنا منخرطين في فتح الحوار مع الطرفين أملا في أن نستطيع الوصول إلى سبيل يفتح الباب للحل من خلال الحوار". والبيان الختامي لم يتضمن أي إشارة للحرب في أوكرانيا، ما يعكس رغبة الدول العربية في التمسك بالحياد "الإيجابي"، وعدم التورط في تجاذبات وصراعات القوى الكبرى، وخاصة أن المنطقة العربية مثخنة بالأزمات.
ارسال التعليق