سباحة بن سلمان وبن زايد في مستنقعات الأوهام
حين غرد المرشح للرئاسة الأمريكية دونالد ترامب بأنه سوف «يجفف مستنقع» الفساد في واشنطن، كان أحد كبار جامعي التبرعات لحملته وحملات الحزب الجمهوري على قناعة بأن المستنقع لن يجف في أي وقت قريب، والسباحة فيه ما تزال ممكنة.
وهكذا قرر إليوت برويدي أن يستثمر رصيد خدماته لدى ترامب والجمهوريين، فعقد شراكة فساد وإفساد مع رجل الأعمال الأمريكي من أصل لبناني جورج نادر، فيتولى الأول الهمس في أذن الرئيس الأمريكي، ويتعهد الثاني بالصلة مع «الأميرين»، محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، ومحمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي.
أما الهدف فهو تحريض البيت الأبيض ضد قطر، والسعي إلى نقل قاعدة «العديد» الأمريكية إلى أبو ظبي، والعمل على استصدار تشريع من الكونغرس يتهم الدوحة برعاية الإرهاب. وفي المقابل، يطمع الشريكان إلى حيازة عقود استثمار واستشارات وخدمات عسكرية وأمنية تبلغ قرابة المليار دولار.
هذه بعض التفاصيل التي كشفت النقاب عنها وكالة أنباء «الأسوشيتد برس» الأمريكية، معتمدة في تقريرها على مئات الصفحات من الوثائق الدامغة، معظمها رسائل إلكترونية بين برويدي ونادر، بالإضافة إلى مقابلات مع نحو 24 شخصا على صلة بشراكة برويدي/ نادر، أو بأطراف التفاوض والتعاقد.
كذلك حرصت الوكالة على إجراء التدقيق في أنساق التطابق بين محتويات الوثائق والوقائع الفعلية كما تثبتها لقاءات ترامب، ومواقف بعض أعضاء الكونغرس، والمقالات والندوات التي أشرف الشريكان على نشرها وتنظيمها في سياق بناء المناخات المعادية لقطر.
وكان كل شيء يسير كما خُطط له، في واشنطن والرياض وأبو ظبي، لولا أن عنصراً لم يكن في الحسبان دخل على الخط فعكر صفاء استكمال الصفقات.
وكان المحقق الأمريكي الخاص روبرت مولر، في سياق تحقيقاته حول احتمالات التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة، قد اهتم بلقاءات عُقدت في جزر سيشل وبرج ترامب في نيويورك حضرها بن زايد ونادر، وشارك فيها كيريل ديمترييف المستثمر المقرب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وهكذا قام عناصر من مكتب التحقيقات الفدرالي يعملون تحت إمرة مولر بتوقيف نادر في مطار واشنطن، ثم كرت السبحة وبدأت خيوط الفضائح تتكشف.
ويلفت الانتباه أولاً أن بن سلمان وبن زايد هرعا خلف حملة إعلامية وسياسية كان واضحاً منذ البدء أنها سراب وعقيمة ولا تستند على أي معطيات واقعية ملموسة، بل على سلسلة أوهام نجح برويدي ونادر في تسويقها لدى الأميرين.
واللافت ثانياً أن بائعي هذه الأوهام كانا لتوهما يتصفان بسمعة أخلاقية بالغة السوء، لأن الأول مدان بسوء الإدارة والرشوة من صندق تقاعد في نيويورك وحُكم عليه بسداد 18 مليون دولار، والثاني أدين في تشيكيا بعشر جرائم جنسية ارتكبها بحق قاصرين فسُجن سنة وطرد بعدها خارج البلاد.
أما الأشد إثارة للأسف فهو أن وليي العهد كانا على استعداد لتبديد المليارات من ثروات شعبي السعودية والإمارات على هدف مخجل ومخز هو تسميم الأجواء ضد دولة عربية شقيقة.
ارسال التعليق