«سخط» كويتي على السعودية: لا عداوة بيننا وبين قطر
تتتالى المواقف والخطوات الكويتية المعبّرة عن سخط متعاظم من الهجمات السعودية المتكررة على دور الكويت وموقفها من الأزمة الخليجية. يأتي ذلك في وقت تتكثف فيه الزيارات المتبادلة بين الكويت وقطر، ويتعزز التعاون الاقتصادي على خطهما، بما من شأنه تعزيز شكوك الرياض في اصطفاف كويتي - عماني مبطن إلى جانب الدوحة بوجه عواصم المقاطعة
تتعاظم الهواجس السعودية إزاء الموقف الكويتي من الأزمة الخليجية، في ظل التقارب المتواصل بين الكويت وقطر، الذي لا يبدو أن الأولى تخشى المجاهرة به، أو تحاذر المضي فيه إرضاءً للرياض. هذا القلق المتصاعد انعكس، خلال الأيام الماضية، هجوماً سعودياً غير مسبوق على الدور الكويتي، استدعى ردود فعل مضادة من قبل الكويت، تمثلت في سيل من المواقف الغاضبة على المستوى الشعبي، وفي ما بدا أنه عملية استدعاء للسفير السعودي في الكويت على المستوى الرسمي. خطوة ترافقت مع تكثيف الكويت اتصالاتها على غير مستوى مع قطر، في محاولة على ما يظهر لإفهام السعودية أن «الدولة الوسيطة» لن تنزح إلى مربع دول المقاطعة رغماً عنها.
يوم أمس، التقى نائب وزير الخارجية الكويتي، خالد الجارالله، السفير السعودي لدى الكويت، عبد العزيز الفايز. لقاء نفت وزارة الخارجية الكويتية أن يكون نوعاً من الاستدعاء، واضعة إياه في إطار «اللقاءات المعتادة... للتباحث في شؤون العلاقات الثنائية وتطورات الأوضاع في المنطقة». إلا أن التطورات التي سبقت اللقاء جعلته يبدو وكأنه «توبيخ» للدولة التي يمثلها الفايز على تصريحات المستشار الملكي السعودي، تركي آل شيخ، الذي هاجم وزيراً كويتياً ووصفه بـ«المرتزق» بسبب التقائه أمير قطر وتوجيهه الشكر إليه. إذ إن تلك التصريحات أعقبتها ردود فعل كويتية غاضبة دعت إلى رفع شكوى رسمية ضد آل الشيخ، فضلاً عن قيام وزير الإعلام الكويتي، محمد الجبري، بوقف حفلات لفنانين سعوديين ومنع آخرين من إقامة أي نشاط في الكويت، على خلفية تأييدهم تصريحات آل الشيخ ضد الروضان.
هذا الاحتجاج الكويتي المتصاعد على السعودية يأتي في وقت تتعزز فيه العلاقات ما بين الكويت والدوحة، مقوِّيةً موقف الأخيرة في وجه الرياض وأبو ظبي، ومضاعِفة شكوك المملكة في اصطفاف كويتي - عماني غير معلن إلى جانب قطر. بعد ثلاثة أيام فقط من زيارة وزير الدفاع القطري، خالد العطية، للكويت حيث التقى الأمير صباح الأحمد الجابر الصباح، وصل وزير الدفاع الكويتي، ناصر صباح الأحمد الصباح، مساء أمس، إلى الدوحة، على رأس وفد عسكري، لإجراء مباحثات مع أمير البلاد، تميم بن حمد آل ثاني، ومسؤولين قطريين آخرين.
على خط موازٍ، تواصلت فعاليات زيارة وفد اقتصادي قطري، يضمّ عشرات رجال الأعمال والمستثمرين والشخصيات الاقتصادية، للكويت. وعقد رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة الكويت، علي ثنيان الغانم، أمس، مؤتمراً صحافياً، قال فيه إن الوفد القطري «العالي المستوى» بحث سبل «التعاون في المشاريع المشتركة، لتحقيق المزيد من التنمية الاقتصادية بين البلدين». ونفى الغانم أن تكون هذه الزيارة متصلة بالأزمة الخليجية، قائلاً: «(إننا) لا نفضل دولة على دولة»، مضيفاً أن بلاده «تتعامل على قدم المساواة مع جميع الدول الخليجية».
من جهته، أشار رئيس غرفة قطر، خليفة بن جاسم آل ثاني، إلى أن «الوفد القطري متنوع، ويضم جميع القطاعات الاقتصادية، سواء الصناعية أو الخدمية أو السياحية». وأمَل آل ثاني أن «تتمخض هذه الزيارة عن مشاريع مشتركة»، مؤكداً أن «كل القطاعات مفتوحة للاستثمار بين الجانبين». ولفت إلى أن «إجمالي قيمة التبادل التجاري بين الجانبين بلغ 2.5 مليار ريال قطري في 2017 مقارنة بـ2.3 مليار ريال في 2016»، معرباً عن تفاؤله بأن يتواصل ازدياد تلك الأرقام في 2018.
ويأتي انعقاد هذا المنتدى الاقتصادي الكويتي - القطري ضمن مساعي الدوحة إلى تمتين علاقاتها بحلفائها وأصدقائها في المنطقة، في مواجهة الآثار التي ترتبت عن المقاطعة المفروضة عليها منذ حزيران/يونيو 2017. مساعٍ جدّد وزير المالية القطري، علي شريف العمادي، يوم أمس، التشديد عليها، معرباً عن اعتقاده بأن «الحصار» المفروض على بلاده سيمنحها «فرصاً أكبر»، متوقعاً أن «اقتصاد قطر وسياستها الاقتصادية سيتغيران مستقبلاً... سيكونان أكثر مرونة». وأشار العمادي، في مقابلة تلفزيونية، إلى أن «الكثير مما كنا نفعله سابقاً له علاقة بالتكامل الخليجي»، أما اليوم فـ«نحن نركز حقاً على كيفية الاستدامة الذاتية والاعتماد على النفس في العديد من القطاعات الاقتصادية». هذه النظرة القطرية المستجدة إلى ما يسمى «التكامل الخليجي»، وإلى حاملها الأساسي (مجلس التعاون)، كان قد عبّر عنها أيضاً، أول من أمس، وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، إنما بصورة أكثر وضوحاً. إذ قال آل ثاني، خلال مشاركته في جلسة نقاش بمنتدى دافوس الاقتصادي العالمي: «إننا نشعر بالأسف لتحوّل مجلس التعاون إلى منظمة غير فاعلة، بعدما كان في الماضي القريب مثالاً للتماسك والأمل للعالم العربي».
ارسال التعليق