سلطات آل سعود تفرج عن عدد من الأمراء المعتقلين
التغيير
لا تزال حادثة اعتقال عدد من الأمراء في الأسرة الحاكمة بنظام آل سعود حديث العالم، حيث كشفت وكالة أمريكية عن قيام سلطات آل سعود بالإفراج عن عدد من المعتقلين من أمراء العائلة الحاكمة ومسؤولين آخرين بعد التحقيق معهم.
وذكرت وكالة "أسوشييتد برس"، نقلاً عن مصادر سعودية مطلعة، قولها إن اعتقال السلطات، الجمعة الماضي، لثلاثة من كبار الأمراء؛ وهم الأمراء أحمد بن عبد العزيز شقيق سلمان، وولي العهد السابق محمد بن نايف، ونواف بن نايف، كان إنذاراً لباقي العائلة المالكة.
وأشارت الوكالة إلى أن سلطات آل سعود أفرجت عن وزير الداخلية عبد العزيز بن سعود بن نايف، ووالده سعود بن نايف.
كما نقلت الوكالة عن مصدر سعودي أن أحمد بن عبد العزيز أبدى تذمراً، مؤخراً، من قرار إغلاق الحرم المكي لمنع انتشار فيروس كورونا.
ووفقاً للوكالة فقد نفت مصادر مطلعة أن تكون لدى أحمد بن عبد العزيز، ومحمد بن نايف، نية للقيام بانقلاب في المملكة.
وكان موقع "ميدل إيست آي" البريطاني الإخباري نقل عن مصادر قولها إن محمد بن سلمان، يقوم بهذه الحملة لأنه يعتزم تنصيب نفسه ملكاً قبل قمة مجموعة العشرين المقرر عقدها بالرياض، في نوفمبر المقبل.
وقالت المصادر إن بن سلمان يعتزم إرغام والده -الذي قال الموقع إنه يعاني من خرف الشيخوخة لكن صحته جيدة باستثناء ذلك- على التنازل عن العرش، مضيفة أن ذلك "سيكون استكمالاً للعملية التي بدأها محمد بن سلمان حين أطاح بابن عمه محمد بن نايف من منصب ولي العهد".
وقال "ميدل إيست آي" البريطاني إن فرصة أخيرة أعطيت للأمير أحمد -وهو آخر شقيق للملك على قيد الحياة- قبل اعتقاله، يوم الجمعة، للالتحاق بمشروع محمد بن سلمان، لكنه رفض.
وبيّن أن الأمير "أحمد تعرّض للضغط لكي يعطي دعمه الكامل لمحمد بن سلمان، وقد التقى الملك الذي استخدم هو وآخرون في الديوان كلمات مهذبة لتشجيعه على دعم ابنه".
وتابع المصدر: إن "أحمد أوضح أنه لن يدعم هذا المشروع"، وأضاف أنه "أبلغ الملك بأنه لا يطمح أن يصبح ملكاً، لكنه يتطلع إلى آخرين للتقدم إلى هذا المقام".
المعتقلون تواصلوا مع ذويهم
من جهتها نقلت صحيفة "واشنطن بوست"، عن مصدر تربطه صلات بالعائلة المالكة في الجزيرة العربية، أن الأمراء المعتقلين سمح لهم بالتواصل مع ذويهم.
ويرجح أنها المرة الأولى التي يسمح فيها للمعتقلين بالتواصل مع ذويهم منذ اعتقالهم بشكل مفاجئ، في عطلة نهاية الأسبوع الماضي.
وذكرت الصحيفة نقلاً عن مصدرها أن المعتقلين أخبروا الأهالي بأنهم محتجزون في فلل ملكية خاصة، وليس في سجون عامة، وهو ما أعاد إلى الأذهان قصة اعتقال عشرات الأمراء والمسؤولين ورجال الأعمال، في العام 2017، حيث جرى الاحتفاظ بهم في فندق الريتز كارلتون بالرياض.
ونقلت واشنطن بوست عن المصدر الذي قالت إنه تحدث معها -شريطة عدم الكشف عن هويته- أن أحمد بن عبد العزيز، شقيق الملك الحالي سلمان بن عبد العزيز، وأحد أهم وأبرز المعتقلين، طلب من ذويه إحضار "البشت" الذي يتم ارتداؤه عادة خلال المناسبات واللقاءات الرسمية.
وأشارت إلى أن ذلك يشي باحتمال ظهوره ربما تحت الإكراه أمام الجمهور.
وأوضحت الصحيفة أن اعتقال أربعة من كبار أمراء آل سعود أثار شائعات بأن بن سلمان قد شرع في التخلص من المنافسين المحتملين.
وعلقت بالقول إن الاعتقالات تتوافق أيضاً مع "أسلوب بن سلمان الاستبدادي" منذ أن أصبح حاكماً فعلياً، في عام 2017، إذ استولى على معظم المهام الإدارية اليومية للبلاد من والده وباشر عملية تطهير شاملة استهدفت منافسيه ومنتقديه والناشطين.
الملك سلمان يوقع أوامر الاعتقال
من جانب آخر نسب تقرير في صحيفة الغارديان لمسؤولين قولهم إن الملك سلمان وقّع بنفسه على أوامر الاعتقال التي طالت الأمراء، وهي خطوة غير عادية ضد اثنين من أبرز أفراد العائلة الحاكمة في المملكة، أحدهما الأمير أحمد، شقيق الملك الوحيد المتبقي على قيد الحياة.
تقول الصحيفة إن الاعتقالات تسببت في صدمات جديدة في مملكة هزتها ثلاث سنوات من "الإصلاحات الثقافية"، إلى جانب حملة قمع لا هوادة فيها على المعارضين، أبرزها مقتل الصحفي جمال خاشقجي عام 2018.
وتتابع الغارديان بالقول إن المراقبين السعوديين والمسؤولين الإقليميين ما يزالون يحاولون فهم الاعتقالات الأخيرة.
وادّعى معارضون خارج المملكة أن اعتقال الأميرين أحمد بن عبد العزيز ومحمد بن نايف سيؤدي إلى تهميش الملك سلمان في الفترة المقبلة.
وتنقل الصحيفة عن مصدر استبعادَه أن يتنازل الملك سلمان عن عرشه بسهولة. وفي حال تم ذلك فسينعكس سلباً على صورة بن سلمان في المنطقة خاصة أمام حلفائه.
بن سلمان يشدد قبضته على الحكم
في هذا الصدد نشرت الفايننشال تايمز تحليلاً لسايمون كير من دبي، وأندرو إنغلاند، اعتبرا فيه أن بن سلمان يستهدف خصومه لتشديد قبضته على السلطة.
وأضافا أن أحمد بن عبد العزيز الذي اعتُقل يَعتبره الكثيرون عقبة في طريق تولي محمد بن سلمان العرش.
أما محمد بن نايف، ولي العهد السابق، فقد احتُجز الجمعة، ويُعتقد أنه كان رهن الإقامة الجبرية منذ تجريده من ولاية العهد، وأن الحملة الموسعة طالت جميع أفراد الدائرة المقربة من محمد بن نايف.
ويقول الكاتبان إن بن سلمان لم يُبد أي تسامح مع المعارضة والنقد، ما أدخل نظام آل سعود في أكبر أزمة دبلوماسية تواجهها منذ أعوام، إثر قتل الصحفي جمال خاشقجي في مبنى قنصلية آل سعود بإسطنبول، في أكتوبر 2018.
دسائس جديدة
وفي السياق ذاته اهتمت الكاتبة فرانشيسكا كافيري، بصحيفة لاريبوبليكا الإيطالية، بما أسمته "الدسائس الجديدة" الجارية داخل القصر الملكي السعودي بعد اعتقال مجموعة من أمراء آل سعود.
ولفتت كافيري إلى أن الأمراء المعتقلين يواجهون خطرَ تهمة الخيانة العظمى، وعقوبتها في المملكة الإعدام.
ورأت كافيري أن اعتقال الأمراء يبرهن على أن بن سلمان تمكن من تجاوز الفضيحة التي أعقبت اغتيال الصحفي جمال خاشقجي. ولذا فهو يشعر الآن بحرية التصرف كما يحلو له.
وأشارت إلى أن لدى بن سلمان أيضاً رغبة جامحة في اعتلاء العرش مكان والده قبل شهر نوفمبر القادم، الذي تستضيف خلاله الرياض قمة مجموعة العشرين.
وتأتي هذه الأنباء في أعقاب تقارير صحفية عديدة تحدثت عن حملة اعتقالات أمر بها محمد بن سلمان ضد عدد من كبار الأمراء، أبرزهم عمه أحمد بن عبد العزيز، ومحمد بن نايف، وكلاهما كان مرشحاً لتولي الحكم بعد وفاة سلمان.
وكانت سلطات آل سعود احتجزت عشرات الأمراء وكبار المسؤولين والوزراء الحاليين والسابقين والمسؤولين ورجال الأعمال؛ بفندق ريتز كارلتون بالرياض، في نوفمبر عام 2017.
ارسال التعليق