كشفت صحيفة نيويورك تايمز الاميركية، النفقات الباهضة لجولة سلمان الى عدد من دول آسيا، والتي ستستمر لمدة شهر بذريعة تعزيز العلاقات الاقتصادية مع تلك الدول، فيما الهدف الواضح منها هو الإستجمام والترف والبذخ للملك وحاشيته التي بلغ عددها حوالي (1500) شخص كما هو المعتاد في جولاته السابقة، مشيرة الى انها ستتجاوز عدة مليارات من الدولارات .

"بيتر سالزبوري" الباحث في مؤسسة "تشاتام هاوس" في لندن يصف ذلك بقوله، "عندما تحضر هذا العدد من الناس، فإن ذلك يخلق ضجة، إنها ضجة رمزية". حيث سيسافر الى بروناي واليابان والصين وجزر المالديف بعد ماليزيا واندونيسا؛ وهو  يحمل معه أمتعه تقدر بـ 506 أطنان وهو ما يوازي 240 فيلاً أو 300 سيارة، حيث تعد الرحلة جزء من جهود سلمان لجذب المستثمرين الآسيويين لشراء حصة بقيمة 5% من أسهم شركة أرامكو، شركة النفط المملوكة للأسرة الحاكمة.

الملك السعودي الذي يسافر على الدوام مع أكثر من (100) حارس شخصي وحاشية يفوق عددها (1000) شخص كان قد أغلق عام 2015 في شاطئ الريفييرا الفرنسي لفترة أكثر من 20 يوماً كلفت ميزانية المملكة "40 مليون ريال" لليوم الواحد، ومن بعده الى طنجة في المغرب لمدة ثلاثة أشهر بذريعة تزويج أحد الأمراء، وكذا في عام 2014، عندما كان وليا للعهد، بحجز ثلاثة منتجعات بأكملها في جزيرة المالديف؛ ثم أن مساحة يخته السفينة الشخصية الراسي في ماربيا بأسبانيا، تقدر بأنها أكبر من ملعب لكرة القدم، وفق مجلة تايم البريطانية.

الحكومة السعودية أدعت إن قيمة شركة النفط العملاقة تزيد على تريليوني دولار، فيما يؤكد المحللون والمستثمرون والمديرون التنفيذيون في هذا المجال - حسب وكالة بلومبيرغ، أن قيمة "أرامكو" لا تساوي أكثر من نصف هذا المبلغ، أو ربما حتى خُمسه، وهو ما يعني أن السعودية ستجني جزءاً من الـ100 مليار دولار المرتقبة - بحسب تقدير قيمتها - إن باعت 5% من الأسهم وفق خطتها عام 2018.

البذخ والترف هذا استذكرني القرارات الملكية الصارمة بتقشف المواطن السعودي وخفض مرتبه الشهري بين 20-30% بالاضافة الى تغيير احتساب الشهر من الهجرية الى الميلادية ما يعني سرقة مرتب 15 يوماً بالسنة، ثم الغاء عقودا حكومية بقيمة (75) مليار ريال وذلك في إطار سياسة مراقبة مواردها المالية، وهي عقود كانت قد صدرت من وزارات الإسكان، والنقل، والصحة والتعليم لرفاهية المواطن حيث أعتبرت غير ضرورية ولا تتماشى مع "رؤية السعودية 2030" لولي ولي العهد التي اعلن عنها العام الماضي، وفق تقرير وكالة بلومبيرغ العالمية.

تقرير اقتصادي رسمي للهيئة العامة للإحصاء السعودية وشركة جدوى للاستثمار أكد إرتفاع معدل البطالة بين السعوديين العام الماضي الى أعلى مستوى له في أربع سنوات، وهو يبلغ 3ر14%، حيث يمثل الذكور منهم ما نسبته 93% والاناث 77%، فيما الارقام الحقيقية تتجاوز ذلك بكثير وفق تقرير سري للجنة الاقتصاد والطاقة لمجلس الشورى والتي طرحت خلال جلسة المجلس بتاريخ 27 ديسمبر 2016، فيما عزا وزير العمل السعودي مفرج الحقباني ارتفاع معدلات البطالة بين السعوديين خلال 2016 إلى توقف غالبية المشاريع في المملكة، إضافة لاستقبال سوق العمل أعدادا جديدة من خريجي الجامعات.

"رؤية السعودية 2030" مشروع جديد للأسرة الحاكمة لكم الأفواه والتضليل على المطالب المشروعة والأوضاع المأساوية التي يعيشها أبناء مملكة الذهب الأسود حيث فقدانه للسكن والفقر يستشري بين صفوفه، وخبراء العقار يؤكدون أن احتكار الأراضي من قبل فئة معينة (الأمراء) جعل 80 % من المواطنين لا يملكون منازل، حسب صحيفة "الحياة" السعودية؛ ودراسات داخلية ودولية تؤكد ارتفاع نسبة الفقر بين المواطنين السعوديين ليبلغ نحو 45% وفق مقال في صحيفة الرياض وتقرير لصندوق النقد الدولي نشر قبل أشهر .

كم هو ساذجا الشارع السعودي حيث تنطلي عليه ألاعيب آل سعود الكاذبة والمشاريع التي يتبنوها بين الحين والآخر لتعزيز قدرتهم السلطوية على رقابنا كلما توقدت شعلة الحرية والدعوة للإصلاح والتغيير وتعالت مطالب الشعب بالعدالة والمساواة والرفاهية ورفض الظلم والقمع وفساد الأمراء ونهبهم لثروات البلاد باتهام العباد بين الخروج على ولى الأمر والتعاون مع الجهات الأجنبية فيزج بعشرات العلماء والمفكرين والنشطاء الى السجون دون محاكمة ثم ينبري الملك أو ولى عهده بمخطط شيطاني بحلة وطنية التستر على آلة القتل القائمة على رقابنا بين حوار وطني أو رفاه اقتصادي .

مع تعالي صرخات المواطن بالمطالبة بحقوقه المسلوبة وثرواته المنهوبة خاصة في المنطقة الشرقية وجنوب غرب المملكة، وفي الرابع من أغسطس عام 2003، أعلن عبد الله بن عبد العزيز حيث كان وليا للعهد، موافقة الملك فهد على قيام مركز للحوار الوطني تحت اسم «مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني» ومقره الرياض، بعد "عريضة شركاء في الوطن" التي وجهها (450) شخصية من شيعة المملكة اليه في 30 أبريل 2003، المطالبة بالاعتراف بالمذهب الشيعي وبتمثيله السياسي في الجهاز التنفيذي للدولة وفي مجلس الشورى، إضافة للتمثيل في المؤسسات الدينية شأن رابطة العالم الإسلامي.

"مركز الحوار الوطني" هذا عقد طيلة السنوات الماضية عشرات الندوات والمؤتمرات لرأب الصدع القائم بين أبناء المملكة بسبب السياسة الوهابية برفض الآخر وبتضليل اعلامي طويل وعريض يحمل عناوين ملونة خاوية كان آخرها اعلانة إقامة "أسبوع التلاحم" حيث انتهى قبل أيام تضمن برنامجاً تدريبيا لتقديم رسالة إعلامية تعزز من قيم التلاحم الوطني والتعايش المجتمعي، نفـذته أكاديـميـة الحوار للتـدريـب بمشاركة 70 إعلامياً وإعلاميـة؛ وداود الشريان المقرب من نجل سلمان يكشف على فضائية "MBC"، أن الاعلام السعودي تسويقي للحكومة ولا يقدم المعلومات الحقيقية التي تخدم المواطن.

أكثر من 14 عاماً ونظام آل سعود يشغل الشارع والناشط والمفكر بدعوى "الحوار الوطني" الخاوية التي لم تأت أكلها بل زادت من الشرخ بين صفوف الشعب مع تنامي واسع وسريع لفكرة تكفير الآخر ومناهجنا الدراسية في مدارسنا، والقبضة الحديدة في التعامل مع مطالبنا المشروعة، وعشرات آلاف المعتقلين من علماء ودعاة وناشطين ومفكرين وطلبة جامعات في سجون السلطة خير دليل .

ذكاؤهم أم سذاجتنا.. وقاحتهم أم عفتنا.. قمعهم أم سلميتنا.. أم سياسة الأب الراعي التي علمها لآل سعود ذلك الثعلب العجوز، دفعهم التمادي بعنفهم والبقاء في السلطة طيلة القرون الثلاثة دون منافس ولا منازع ينهبون ثرواتنا ويقطعون رؤوسنا ويقمعون حرياتنا ويزيفون ديننا وينشرون الفرقة والرعب والخوف في صفوفنا من بعضنا البعض؛ ونحن نلتزم الصمت ونطأطئ الرأس خوفاً على حياتنا بمذلة ومهانة.. ولا أدري.. الى متى يبقى البعير على التل ويبقى الكرسي ملتصقا!؟.

بقلم : حسن العمري